المواءمة بين التخصصات الدراسية وسوق العمل

 

 

سالم بن لبخيت كشوب

سنويًّا يتخرَّج الآلاف من الطلاب والطالبات من مؤسسات التعليم العام؛ سواء الحكومية أو الخاصة، والأغلب يقوم باستكمال دراسته الجامعية؛ سواء في مؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة أو خارج السلطنة في مختلف التخصصات، إلا أنَّه من الملاحظ أنَّ العديد من مُخرجات تلك المؤسسات يجِد صعوبة في إيجاد فرصة عمل  أو وظيفة؛ نظرًا لعدم تناسُب التخصُّص الدراسي وحاجة سوق العمل.

وبالتالي؛ يتبادر إلى الذهن: لماذا لا يكُون هناك تنسيق بين مؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة ومختلف الجهات؛ سواء الحكومية أو الخاصة حول الشواغر والفرص الوظيفية المتوفرة خلال الأعوام المقلبة ودراسة مدى ملائمة التخصصات الموجودة بتلك المؤسسات التعليمية بالفرص الوظيفية الموجودة، والعمل على إلغاء بعض التخصُّصات غير المطلوبة في المرحلة الحالية أو بها تكدس وظيفي، واستحداث تخصصات لها مستقبل وظيفي واعد؛ بحيث لا يضيع الطالب سنوات من الجد والاجتهاد، وصرف مبالغ مالية دون وجود أي فرصة وظيفية بعد الانتهاء من الدراسة.

وبالمقابل؛ ومن أجل حل مشكلة أو معضلة ضرورة توافر الخبرة العملية نقترح إنْ جاز لنا إضافة سنة دراسية في المرحلة الجامعية أن يكون أغلبها تدريبًا عمليًّا في المؤسسات التي تُوجد بها شواغر وظيفية حسب التخصصات الدراسية، مع وجود شهر في كل فصل دراسي يكون فيه تدريب عملي وتطبيقي بتلك الجهات؛ بحيث يطلع الطالب أو الطالبة على مهام العمل، وتطبيق ما تمَّ دراسته على أرض الواقع، ويكون هناك إشراف ومتابعة وتقييم لمدى إلمام الطالب بالمهارات المطلوبة لشغل الوظيفة بعد تخرجه في الجامعة؛ بحيث يتم تعويد الطالب أولا على بيئة العمل؛ سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، ويُعامل معاملة الموظف المتدرب وفق مستويات ومراحل وظيفية أُعِدت بالتنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي؛ بهدف إكساب هؤلاء الطلاب الخبرات والمهارات العلمية المطلوبة، وعدم ترك الفرصة لبعض الجهات بالتحجج بأهمية توافر الخبرة عند وجود شواغر وظيفية.

لذلك؛ نرى أنَّ إضافة سنة إضافية للمرحلة الجامعية للتأهيل والتدريب وإكساب الطالب الخبرات والمهارات المطلوبة لسوق العمل، يعد حلًّا مناسبًا لمعالجة مشكلة ضرورة اكتساب الخبرة العملية؛ بحيث تكون تحت متابعة وإشراف متواصل من قبل مؤسسة التعليم العالي التي يدرس بها الطالب، وجهة العمل، ويتم رفع تقرير بأداء الطالب أثناء هذه المدة المخصصة للتدريب والتأهيل العملي قبل التوظيف، ويُسهم في معالجة فترة التدريب العملي المخصص أثناء الدراسة الجامعية أو الدبلوم، وإلزام القوى العاملة -سواء الوطنية أو الوافدة- في تلك الجهات بالتعاون وتسهيل تدريب وتأهيل الطلاب أثناء تلك السنة التدريبية، وإكسابه المهارات والخبرات المطلوبة التي تؤهله للقيام بالمهام الوظيفية على أكمل وجه.

نعتقد أنَّه آن الأوان للوقوف بجدية وحزم تجاه تزايد أعداد مخرجات مؤسسات التعليم العالي؛ سواء من داخل السلطنة أو خارجها، وفي تخصصات قد لا تجد أي مجال أو فرص وظيفية؛ وبالتالي أهمية حصر الشواغر الموجودة أو المتوقع إيجادها خلال الخطط التنموية، بالتعاون بين القطاع الحكومي والخاص، وربط تلك الشواغر في مختلف المجالات بالتخصصات الموجودة في مؤسسات التعليم العالي؛ بحيث لا تشكل مخرجات تلك المؤسسات عبئًا إضافيا وأعدادا متزايدة من الباحثين عن عمل، ويكون هناك تكامل بين التخصصات الدراسية، ومخرجات التعليم العالي وسوق العمل؛ مما يُسهم في استيعاب المزيد من تلك المخرجات وتقليص أعداد القوى العاملة الوافدة وفق خطة زمنية مدروسة، وبشكل مُتدِّرج لا يؤثر على إنتاجية وكفاءة العمل في الجهات المتوقع استعيابها لتلك المخرجات.

--------------------------

من أقوال الكاتب الأمريكي بيتر فردناند دراكر:

"لا يتعامل التخطيط طويل المدى مع القرارات المستقبلية، بل مع مستقبل القرارات الحالية".

تعليق عبر الفيس بوك