طــائـر البَيْـــــن


د. صالح الفهدي | سلطنة عمان

يا طائرَ البَيْنِ ما يُشْجِيكَ يُشْجِينا
غَرِّدْ فَدَيْتُكَ، عَلَّ السَّجْعَ يُسْلِينـا
 //
مضـى بنـا زمنٌ تصفو حكايتُـهُ
صفاءَ ساقيــةٍ تَرْوِي ضــواحينا
//
نُغــَالِبُ الْمِحَنَ الجُلَّى فنَهْزِمَها
يُنْبِئــْـكَ عَنْ هَــوْلِ إِقدامٍ أَعادِينا
 //
كُنَّا نُبَاهِي الْوَرَى في طِيبِ مَجْمَعِنا
وحُسْنِ عِشْرَتِنا أَوْ مَجْـدِ نـــَادِينـا
 //
كَفٌّ مُوَحَّدةٌ ضَمَّتْ ســَـوَاعـِـدَنا
تُعْلِي الصَّواري إذا هاجتْ مَرَاسِينا
 //
وسَيْفُنــَـــا مُصْقَـلٌ زَنْـــدٌ يُلَوِّحُهُ
في وغْرَةِ الشَّمْسِ، إِعزازًا وتَبْيِيــنَا
 //
حتَّى أغارَ علينـا عَسْــفُ نَائِبَةٍ
مِنَ النَّوائِبِ لَمْ تُسْلَمْ مَرَاعِيــنا..!
 //
وليلُ خَطْبٍ دَجَا حتَّى أَماطَ لنا
وَجْهًا مِنَ الشُّؤْمِ أَلْقَى حِقْدَهُ فِينَا!
 //
فَصَوَّحَ الْوُدَّ إِذْ قَدْ كانَ ساقيةً
تَمُورُ طاميةً تَرْوِي الرَّياحِينا
 //
كأنَّ دَاحِسَ والغبراءَ مَا فَتِئَتْ
تُجَدِّدُ الْعَهْدَ، إِنْ جَفَّتْ مَآقِينا!!
//
(أضْحَى التَّنَائِي بَدِيلًا مِنْ تَدانِينَا
وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تَجَافِينَا)1
 //
ومَا اجْتَرَأْنَا وجَمْرُ الشَّوْقِ يُتْلِفُنا
أَنْ نُعْلِنَ الشَّوْقَ، أو نَذْكُرْ مُحِبِّينا!
 //
بَلِ ارْتَكَسْنَا على أعقابِنَا نَكَصًا
إلى الْحَضِيضِ فأَضْحَى مِلْؤُنَا طِيْنَا!
 //
فَلَمْ يَكُ الدِّينُ فِينا إِلَّا في شعائِرِهِ
وَقَدْ أَتَانا بِحَبْلِ اللهِ يُحْيينا
 //
أكانَ ذاكَ قناعًا كالحًا سُتِرَتْ
بِهِ الْوُجُوهُ، أَمِ اعْتَلَّتْ معانِينا؟!
//
هل نحنُ نحنُ؟ سؤالٌ باتَ يُثْقِلُنا
أمْ غيرُنا نحنُ أَشباهًا لنا حِينَا ..!
 //
ضاعتْ هُوِيَّتُنا، أَمْ ضاعَ مَوْثِقُنَا
معَ الإِلهِ، فهلْ أَضحى لنا دِينَا؟!
 //
نقسُو كأنَّ إِخاءَ الأمسِ أَخْلَفَنا
بغضاءَ،شحناءَ مِنْ أرجاسِ ماضينا!
 //
فما نُعَلِّمُ أبناءً سِوَى شَطَطٍ
مِنَ الْخُصُومةِ إِنْ نصبُو لِوَاشِينا!
//
ومَا نُرَبِّيهُمُ في كُلِّ غائلةٍ
إلَّا على حُسنِ ما ترجُو أَعادِينا!
 //
أَغَابَ رُشْدُ عقولٍ عنْ منابِرِنا
أَمِ الْحَماقةُ قَدْ أَلْقَتْ أَيَامِيْنا؟!
 //
يا وَيْحَنا، أيُّ طَيْشٍ باتَ يدفعُنا
مِنْ قِمَّةِ الْجبلِ العالي بأيدينا!!
 //
يا وَيْحَنا، وضياءُ اللهِ في دَمِنا
إنْ شُقَّ جُرْحٌ فَغَنَّاهُ مُغَنِّينا!!
 //
فَمَا رجعْنَا لآيِ اللهِ نَعْقِلُها
وَلَا احْتَسَبْنا بِهَدْيٍ مِنْهُ يُثْنِينَا
 //
وَلَا ذَكرْنا عُهُودًا مِنْ قرابتِنا
وَلَا وَرَدْنا مياهَ الْوُدِّ تُحْيِينا
 //
فأَيُّ حالٍ نُعَزِّيهِ لأنفسِنا
وأيُّ قولٍ بما نرجُو يُسَرِّينا؟!
 

 

تعليق عبر الفيس بوك