نزهة بين أوجاع السياب و إبداعه


زيد الطهراوي | الأردن

حين تعمق بدر شاكر السياب بدراسة الأدب الإنجليزي مال إلى التجديد في الشعر وهو الذي يمتلك القدرة على كتابة القصيدة العمودية ويمتلك الثقافة في الأدب العربي و بهذا يكون قد جمع الأصالة و التجديد.
وقد حاول السياب أن يتزعم ريادة الشكل في الشعر الحر المبني على وحدة التفعيلة و لكن الأنظار كانت تتطلع إلى نازك الملائكة لتعطيها هذا الحق فقد كتبت قصائد فيه وشرحا وافيا عنه ظهر في مقدمة كتابها (قضايا الشعر العربي).
ولكن السياب مجدد فاستطاع أن يتزعم ريادة الشعر الحر من باب آخر وهو باب الرموز والأساطير فكان أول من أدخل الرموز والأساطير إلى الشعر العربي وقد أكمل عبد الوهاب البياتي حلقة التجديد بتزعمه ريادة الاتجاهات في الشعر فغلب عليه الاتجاه نحو المذهب الوجودي.
لقد عززت دراسة الأدب العربي والإنجليزي موهبة السياب ولكن إرهاصات الحياة جعلته يكتب أجمل أشعاره خاصة عندما فر إلى الكويت وعانى من الغربة والفقر وكان أشد ما عاناه هو نظرة الشفقة التي عبر عنها بكلمة: (خطية) فقال: (و لموت أهون من خطية/ من ذلك الإشفاق تعصره العيون الأجنبية) وقبل أن يغادر السياب الكويت كتب قصيدته الشهيرة: (رحل النهار) وكذلك (غريب على الخليج) وغيرها من الروائع ولم يكن متأملا أن يعود إلى العراق بسبب عدم توفر النقود فقال: (واحسرتاه فلن أعود إلى العراق وهل يعود؟ من كان تعوزه النقود وكيف تدخر النقود).
ولكن الشاعر الكبير عاد وعثر على عمل في العراق وقد كان يأمل أن يكون علاقة حب ولكنها كلها كانت وهمية من صنع خياله ولم ينجح في علاقته مع المرأة الا بالزواج من (إقبال) ولم يكن يعرفها قبل الزواج والعجيب أنها كانت تهتم به وبمرضه فأثر هذا إيجابيا عليه فترك حياة التسكع لأنه وجد في بيته السكينة التي يبحث عنها.
وكما أفرز اغترابه في الكويت قصائد فنية رائعة أفرز مرضه قصائد أعجب بها القريب والبعيد وهو يعاني في مستشفيات الكويت وبريطانيا وعبر عن حبه لأبنائه ووفائه لزوجته.
ولكن الأهم من هذا أن علاقته مع الله سبحانه وتعالى تحسنت فأنشد قصيدته البديعة : (سفر أيوب) والتي يثني فيها على ربه العظيم راضيا بالقضاء والابتلاء لتنتهي حياته بقوله: ( لك الحمد مهما استطال البلاء/ومهما استبدّ الألم/ لك الحمد إن الرزايا عطاء/وان المصيبات بعض الكرم.).

 

تعليق عبر الفيس بوك