في القبــــــو


د. محمد الدفراوي | مصر
سأبقي وحيدا، نكرة، ما دمت حيا. .
لم يكن يتكلم  مع أحد عن كل ما في قلبه، فقد ظن أن لن  يفهمه أحد.. فالناس يفهمون الناس  بعد موتهم فحسب.. بطبيته الطفولية خلا إلى نفسه يحدثها بما كان وما سيؤول.. انعزل  في قبو  فقير  كدودة قزّ لم  تخرج من الشرنقة، يخلو الإ من بعض العوائذ، يلتمس الراحة  بعدما  تملكه  شعور أليم بالغربة.. أجبر  نفسه الهامدة علي الانطواء، محاط بأجواء من الريبة وسوء الظن في كل ما يصدره، اكتشف أن الناس أقسى بكثير مما هم عليه في الواقع..  فبخل عواطفهم  فوق ما  يتصور كائن حي المشاعر.. تجرع  مرارة أن يعيش الفقد في دنيا الأحياء..  الضجيج نفسه يلاحقه أينما ذهب..  ضحي بكل شيء من أجلهم  نثرا..  لم يعد  يملك  شيئا غير  نفسه، فقرر أن يضحي بها.. لا رغبة لديه في فعل أي شيء بعد ما خسر القضية..  نقلوه من قبوه إلى قبره .. وسط دهشة الجميع..  
 "فالآن أرقد قرار العين، لأنكم ستعرفونني جيدا"

 

تعليق عبر الفيس بوك