صرح ثقافي متكامل يحتفي بتاريخ أسرة البوسعيد ومدينة مسقط

مسقط – العمانية

ينفذ المتحف الوطني -في إطار المشاريع التوسعية التي يجري العمل عليها الآن- مشروع تأهيل بيت السيد نادر بن فيصل آل سعيد، وبيت السيدة مزنة بنت نادر آل سعيد، ليصبح البيتان بعد الترميم صرحًا ثقافيًّا متكاملا، يحتفيان بتاريخ أسرة البوسعيد ومدينة مسقط التاريخية.

وقد تعاقَد المتحفُ مع مؤسسة الإيكروم التابعة لمنظمة اليونسكو، والتي تعد المرجع الدولي الأبرز في تأهيل التراث المعماري عالميًّا؛ لتنفيذ عمليات الرفع الهندسي وإعداد المخططات المعمارية للبيتين، وإجراء الأبحاث والدراسات الميدانية، إضافة لوضع خطة متكاملة للتأهيل المعماري.

وقال جمال بن حسن الموسوي مدير عام المتحف الوطني لوكالة الأنباء العمانية: إنَّ المتحف بدأ في العام 2018 بالتعاون مع مؤسسة الإيكروم التابعة لمنظمة اليونسكو، ومن خلال خبرائها تم تقييم البُنى الإنشائية وتوثيق المكونات المعمارية لكل من بيت السيد نادر وبيت السيدة مزنة في مسقط التاريخية، وهما من أواخر ما تبقى من البيوت التاريخية في مدينة، مسقط إضافة إلى بيت فرنسا المجاور لهما، وتمَّ نقل وأيلولة ملكية هذين البيتين إضافة لبيت مدرسة أبوذينة إلى المتحف الوطني خلال عام 2018، والعام الحالي 2019 سيشهد استمرارَ التنسيق مع الخبراء في مؤسسة الإيكروم لإيجاد الحلول والمعالجات اللازمة لتأهيل هذه البيوت لتعود إلى حالتها الأصلية باستعمال المواد التي استعملت في الأصل؛ سواء في الهيكل الخارجي للبناء أو الهياكل والمكونات الداخلية لهذين البيتين، ليُصبحا تجارب ثقافية لاحقا يُوثِّقان لمظاهر حياة الأسرة المالكة الكريمة قبل بزوغ فجر النهضة المباركة.

وأضاف: إن المشروع سيستغرق تنفيذه بضع سنين من العمل عليه، ويجري التنسيق مع عدة جهات تُمثل القطاع الخاص لدعم خططنا تجاه البيتين المذكورين وبما يحقق الأهداف التي وُضِعت؛ بحيث تصبح هذه البيوت تجارب ثقافية مكملة لتجربة المتحف الوطني ومكملة للتجارب الثقافية والمتحفية في محيط مسقط التاريخية؛ منها: بيت فرنسا التابع لوزارة التراث والثقافة، والمدرسة السعيدية التابعة لوزارة التربية والتعليم، ومتحف بيت الزبير وجاليري بيت مزنة. مؤكدا أن مجمل هذه العناصر الثقافية ستقدم تجربة ثقافية فريدة من نوعها وتكاملية لزوار مسقط، وهذا ما نسعى إليه أن تتحول مسقط التاريخية بالتدريج إلى مزار ثقافي متكامل يكون المتحف الوطني قلبه ونقطة انطلاقه.

وكان صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة ورئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، قد استقبل في سبتمبر الماضي الدكتور زكي أصلان مدير المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي "الإيكروم" التابع لمنظمة اليونسكو، في إطار مشروع تأهيل بيت السيد نادر بن فيصل آل سعيد وبيت السيدة مزنة بنت نادر آل سعيد.

وتعتبر "الايكروم" منظمة حكومية دولية تعمل في خدمة الدول الأعضاء على تعزيز عملية صون وإعادة التأهيل لكافة أنواع التراث الثقافي في كل منطقة من العالم. تعمل هذه المنظمة انطلاقاً من روح البيان العالمي لمنظمة اليونسكو في العام 2001 حول التنوع الثقافي، والذي ينص على "احترام تنوع الثقافات، التسامح، الحوار والتعاون، في جو من الثقة والتفاهم المتبادلين، وهي تعتبر من أهم الضمانات لاستتباب السلام والأمن في العالم." وتلتزم المؤسسة بتعزيز الوعي وتقديم الدعم لعمليات الصون والترميم على جميع المستويات، من الهيئات الدولية إلى الحكومات والمجتمعات، كما تقدم المساعدة التقنية للدول الأعضاء عن طريق مشاركة المواد التعليمية، المعلومات، وحلقات العمل وفرص التدريب.

وبيت السيد نادر هو أحد منازل أسرة البوسعيد في مسقط، ويرجع تاريخ بنائه إلى الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، ويستمد البيت اسمه الحالي من اسم آخر من سكنه من السادة وهو السيد نادر بن فيصل بن تيمور البوسعيدي شقيق السلطان السيد تيمور بن فيصل البوسعيدي. وبعد وفاة السيد نادر في العام 1971 استخدم البيت لفترة وجيزة كمكاتب وزارية، ومن ثم أصبح متحفا، وبعد ذلك احتوى على مكاتب إدارية تابعة للمنشآت السلطانية واليوم تؤول ملكيته للمتحف الوطني.

أما بيت مدرسة أبو ذينة، فتنسب المدرسة إلى محمد علي بوذينة الذي وفد من تونس إلى السلطنة في عهد السلطان السيد تيمور بن فيصل، وكان يقوم بالتدريس في مدرسة الزواوي، وفي هذه المدرسة اشتركت البنات في تلقي العلم مع البنين في منزل مستأجر في مسقط لهذا الغرض. واستمرت المدرسة تزاول نشاطها ابتداء من عام 1914م، وكانت تدرس مواد القرآن الكريم واللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والحساب. وتميزت المدرسة كذلك باعتمادها على خطة دراسية اشتملت على ست حصص يوميا وبلغ عدد طلبتها 120 طالبا وطالبة يدرسون جميعا في غرفة واسعة، وفي العام 1930م انتقل بوذينة بتلاميذه إلى المدرسة السلطانية الأولى التي أنشأتها الحكومة آنذاك، ومن الذين درسوا في مدرسة بوذينة السلطان السيد سعيد بن تيمور، والسيد شهاب بن فيصل.

تعليق عبر الفيس بوك