حمود بن علي الطوقي
كَمَا هِي عَادتي بين الفينة والأخرى، أزُور مقرَّ صندوق الرفد لمتابعة ما يمكن نشره ونقله من أخبار وأنشطة الصندوق للجمهور؛ كون الصندوق جهة تمويلة للمشاريع التي يطرق أبوابها المواطن الذي يتلمَّس طريق العمل في مجال التجارة والاستثمار. وهنا، يُمكن القول إنَّ هذا الصندوق يضع ضمن أجندته رؤية طموحة لدعم وتمويل المشاريع التي يُمكن وصفها بمشاريع ذات قيمة مضافة؛ كونها تُسهم في دعم الاقتصاد الوطني ورفد قطاع الأعمال والاستثمار في السلطنة.
اذا تأملنا في عمر الصندوق -الذي تأسس قبل 5 سنوات- نرى أنَّ الصندوق أسهم في تمويل أكثر من ألفين مشروع بمختلف الأنشطة التجارية، وما يُثلج الصدر أنَّ هذه المشاريع تنمو وتحقق نجاحا بفعل التوجيه والإشراف المباشر من قبل إدارة الصندوق، وأسهمت هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تشغيل نحو خمسة آلاف مواطن ومواطنة، وهذا يعطي مؤشرا إيجابيا لقدرة هذا القطاع، وأعني هنا قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لأنْ يكون شريكا إستراتيجيا في الكثير من الحلول ذات العلاقة بتنمية الاقتصاد الوطني.
وأحبُّ هنا أن أشير وأذكر أنَّ هذا القطاع وهذا الصندوق يحتاج إلى الالتفاف حوله، خاصة من قبل الحكومة؛ وذلك بتخصيص الـ10% من المناقصات الحكومية، وإسنادها للشركات الصغيرة والمتوسطة.
إنَّ المؤشر الإيجابي للصندوق بعد 5 سنوات من إنشائه -وحسب الأرقام الرسمية- أنَّ حجم تمويل الصندوق بلغ نحو 85 مليون ريال، وبلغت نسبة السداد نحو 85%، ونسبة التعثر أقل من 6% فنقرأ من خلال هذه الأرقام أن الصندوق قادر على أن يكون جزءا مهما في رفد الاقتصاد والوطني بمشاريع حوية، والمساهمة أيضا في تشغيل العمانيين والعمانيات.
أُلاحظ من خلال ترددي أنَّ إدارة الصندوق التي يقود دفتها شاب طموح وهو الفاضل طارق الفارسي الرئيس التنفيذي، ويتحرك معه طاقم من الشباب والشابات يعملون/يعملن بنشاط وحيوية على مختلف المستويات لخدمة قطاع ريادة الأعمال، ويقدمون البرهان على جَودة العمل لمتابعة متطلبات الدعم والتمويل؛ وذلك من خلال الوقوف عن قرب، والزيارات الميدانية، وعقد اللقاءات، وتنظيم الورش التدريبية والمشاركة في المعارض التي تُقام من هنا وهناك، بُغية تشجيع رواد ورائدات الأعمال للتعرُّف على الفرص الاستثمارية، وعقد الصفقات التجارية في جذب استثمارات السوق المحلي، أو الدخول في تحالفات من أجل تعزيز البيئة الاستثمارية، وتوسيع قاعدة الشراكة مع الاستثمارات الأجنبية.
أرى أنَّ تحرك قطاع رواد الأعمال الذي تقوده "ريادة" وصندوق الرفد، بات مهمًّا، خاصة وأنَّ هذا التحرك يبحث عن استثمارات تمويلية جديدة، قد تكون بديلًا عن الاستثمار في قطاع النفط والغاز، هذا الحراك من المهم أن يكون واقعيا، خاصة في ظلِّ اعتماد السلطنة على النفط؛ باعتباره المصدر الأساسي الذي تُمثِّل تدفقاته عمودا فقريا لصناعة التنمية المحلية، فقد شكل هبوطه منذ حوالي 4 سنوات تداعيات نشأت عنها فجوة كبيرة، انعكستْ أبعادُها على تفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في السلطنة؛ مما نشأ عنه ما يُمكن أن نطلق عليه مصطلح الانكماش الاقتصادي.
أعتقد ما يقوم به الصندوق وريادة قد يُعيد توجيه البوصلة نحو مساهمة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي.
أعود وأقول إنَّ ما يثلج الصدر أنَّ قرابة خمسة آلاف مشروع تأسست خلال خمس سنوات، وما زالت الجهود مُواتية لإضافة وتمويل شركات جديدة كصحفيٍّ لتغطية قصص النجاح لمشاريع تدار بواسطة شبابنا الطموح، ونرى هذا الحراك من خلال إبراز الشباب قدراتهم على إدارة مؤسساتهم الصغيرة بكل اقتدار.
فكما يُدرك الجميع أنَّ الفترة الماضية مع تدنِّي أسعار النفط أصبحت العجلة تدور ببطء وانعكست آثارها الاقتصادية على مختلف مفاصل الحياة اليومية، فتأثرت الشركات بمختلف أحجامها الكبيرة منها والعائلية، وحتى تلك الشركات التي تندرجُ تحت عباءة الحكومة، وأيضا الصغيرة والمتوسطة، التي أُريد لها أنْ تكون سندًا ومؤازرًا وشادًّا على يد الحكومة في المضي بعجلة التنمية نحو مختلف التفاصيل.
يجب أن نُدرك أنه من الضروري أن نُؤمن بدور صندوق الرفد كجهة تمويلية يُعتمد عليها، وأسهمت في تقديم العديد من الشركات في سوق العمل، وبات لهذا الصندوق أن يكون شريكا إستراتيجيا ويسعى لرفد القطاع الخاص بمشاريع تتميز بالابتكار، مشاريع ذات قيمة مضافة، وبأسلوب ابتكاري غير تقليدي.
أصبح من المهم دعم الأهداف التي من أجلها أُسِّس هذا الصندوق، وقد تأسس بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم. ومن هذا الصندوق، نتطلع لأن نرى خلال السنوات العشر المقبلة، القطاعَ الخاص العُماني وهو يدار بواسطة الشباب العماني، وتختفي ظاهرة التجارة المستترة، وأيضاً بروز شركات جديدة بدلًا من الاحتكار الذي ساد السوق العُماني طوال الأعوام الماضية.
أخيرًا.. يُمكن أن نختم هذا المقال مُؤكِّدين على أهمية تفعيل دور صندوق الرفد وتعزيز مستوى الشراكة بين الصندوق والحكومة والقطاع الخاص، وهناك حاجة ملحَّة وضرورية تتمثل في مراجعة القوانين، لمواكبتها مع الوقت، وجعلها قادرة على استشراف المستقبل، هذا المطلب الذي ينشده الجميع فمتى تحقق فحتما سيتلاشى الانكماش الاقتصادي، وتتفتح زهور التنمية، لتفوح رائحتها الزكية وتعمَّ أرجاء الوطن.
ونحن بدورنا كصحافة وإعلام سنُوَاصِل دعمَ كافة المشاريع الناجحة التي تُدار من قبل شبابنا، وسنظل نحارب تلك المشاريع التي ظلت لسنوات نُطلق عليها الشركات المستترة والوهمية، حتى تختفي تماما.. وشبابنا الجاد قادر على إعادة البوصلة، والارتكاز على مشاريعه الخاصة نحو غدٍ مشرق بإذن الله.