استعراض مهارات تحويل سعف النخيل إلى قوارب صغيرة

البيئة البحرية في القرية التراثية.. نموذج حي للتراث العُماني العريق

 

مسقط - سعاد البلوشية

تصوير/ عيسى الرئيسي

تعكسُ البيئة البحرية المصغَّرة في القرية التراثية بمتنزه النسيم العام، أنموذجًا حيًّا للتراث الغني والمبهر الذي تتمتع به سواحل السلطنة، والذي هو مدعاة لفخر كل عُماني؛ من خلال الشواهد والآثار التي تقف شاهده على ذلك الماضي المشرق.

إذ لا يزال الجيل السابق من الآباء والأجداد يستذكرُ خبراته في التعامل مع البيئة بشكل عام، والبيئة البحرية بشكل خاص، كما يستذكرُ الدور الفاعل الذي لعبته تلك البيئة في حياتهم، ولا تزال تلك المهارات المكتسبة من نمط الحياة البحرية عالقة في أذهان الكثيرين منهم، والتي تحظى باحترام كبير من قبل المواطنين الذين امتهنوا تلك المهارات والحرف، في زمن اقتضت فيه تجربة الحياة الكثير من التعلم؛ الأمر الذي يدفعهم لنقل تلك المعارف إلى أجيال الحاضر والمستقبل.

حيث يُمكن لزوار ميدان المهرجان تعزيز الاهتمام بالتراث الذي تحفل به السلطنة؛ من خلال الاطلاع على التحول الملموس الذي شهدته أدوات صيد الأسماك، وصنع القوارب بمختلف أنواعها وأحجامها، والتي أسهمت في الدفع بعجلة التطور في القطاع البحري والسمكي، مع الحفاظ على القيم المتأصلة للتقاليد والعادات.

سالم بن عبدالله الهنداسي من ولاية السويق أحد المشاركين والمساهمين في استعراض تجربته الحرفية في توظيف مهارات تحويل سعف النخيل إلى قوارب صغيرة تُدعى "الشاشة"، يتم تصنيعها كنموذجا للقوارب أو الشاشات الفعلية، وتستخدم كعروض في المشاركات المحلية والخارجية، فضلاً عن استخدام خضار القرع بعد تجويفه وكرب النخيل كأدوات تطفو على سطح البحر؛ للاستدلال على مكان رمي الشباك. حدَّثنا قائلاً إنَّه امتهن هذه الحرفة والهواية منذ نعومة أظافره وبصحبة ذويه، الذين حرصوا على تعليمه وإكسابه مهارات ساعدته على بناء مستقبله الاسري والاجتماعي، مُعرباً عن فخره في قدرته على ممارسة هذه الحرفة بكل أريحيه، متمنياً أنْ تبقى في ذاكرة التاريخ، وأن تحفظ من الاندثار بالحفاظ عليها وتوثيقها وتناقلها جيلاً بعد جيل.

بينما أكد عبدالله بن علي الجهوري من ولاية الخابورة حرصه على المشاركة سنويًّا في المهرجان، إلى جانب الحضور المحلي والدولي في فعاليات وأنشطة تعكس تاريخ السلطنة التي تراكمت عبر مرور السنين، لتمثل هوية عُمانية لابد من التعريف بها وإيصالها إلى الآخرين، كمرآة لحضارة وعلاقة الإنسان العُماني بالتراث منذ القدم وحتى الآن؛ حيث تتمثل مشاركته في تلخيص فكرة آلية وطريقة صناعة الحصير التي يمارسها منذ ما يقارب 60 سنة، من أعواد النسل التي يتم جلبها من شجرة النسل التي تنمو في البر، بعد البحث عنه وقطفه وتجفيفه، ثم نثر الماء عليه، حفاظا على مرونته، وبالتالي سهولة استعماله، بعد ذلك يتم دقه على الحجر باستخدام خشبة سميكة تمهيداً لتحويله إلى حصيربهيئته النهائية بطول يصل إلى مترين قد يقل أو يزيد حسب الطلب والحاجة.

تعليق عبر الفيس بوك