الأثر القانوني للتوقيع والختم والبصمة

 

 

د. طه زهران *

* محكم دولي ومحامٍ بالمحكمة العليا - مكتب سعيد المعشني للمحاماة

tahazhran@gmail.com

ثمَّة حقائق في قانون الإثبات لا يعلمها الكثير، رغم ما لها من آثار خطيرة في المعاملات المدنية والتجارية، وإثبات الحقوق أو ضياعها.. فتوقيع الشخص أو ختمه أو بصمته على أي ورقة تعد قرينة على مسؤولية هذا الشخص عن كل ما تتضمنه تلك الورقة من التزامات أو إقرارات، حتى ولو لم تكن تلك الورقة قد حُررت بصفة رسمية.

وترتيبًا على ذلك، تعتبر المحررات العرفية صادرة ممن وقعها ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإثبات.

والأخطر من ذلك أنَّه لا يحق لمن ناقش موضوع المحرر أن يُنكر ما نُسب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو أن يتمسَّك بعدم علمه بأن شيئاً من ذلك صدر ممن تلقى عنه الحق.

ومن هنا، تبدو خطورة وأهمية التوقيعات والأختام التي قَد يُهمل البعض الحفاظ عليها، ويدعها عرضة لاستعمال الغير، أو التساهل في تفويضه بغير تبصُّر، مما يكون له آثاره الوخيمة التي يصعب تداركها؛ حيث يُصبح صاحب الختم هو المسؤول عما ورد بالمحرر حتى يُثبت ضياع هذا الختم، أو سلبه منه في وقت سابق على ظهور المحرر المختوم، أو أن يثبت ما يؤكد انعدام إرادته في استعمال هذا الختم أو التوقيع أو البصمة.

وقد أكدت المادة (18) من ذات القانون على أن الدفاتر والأوراق المنزلية تكون هي الأخرى حُجة على من صدرت منه في حالتين:

- الأولى: إذا ذكر فيها صراحة أنه قد استوفى دينه.

- الثانية: إذا ذكر فيها صراحة أنه قد قصد بما دوَّنه أن يقوم مقام السند لمن أثبت حق لمصلحته.

وتأشير الدائن على سند الدين بما يفيد براءة ذمة المدين يعتبر حجة عليه إلى أن يثبت العكس، حتى ولو لم يوقع على تلك التأشيرة.

ويكُون تأشير الدائن بمثل ذلك حُجة عليه أيضاً، ولو لم يكن بخطه ولا موقعاً منه ما دام سند الدين لم يخرج قط من حيازته.

ويكُون الحكم كذلك أيضاً إذا أثبت الدائن بخطه ودون توقيع منه ما يفيد براءة ذمة المدين في نسخة أصلية أخرى لسند الدين أو في مخالصة، وكانت النسخة أو المخالصة في يد المدين (مادة 19 إثبات).

وإذا أقرَّ الخِصم بصحة الختم الموقع به على المحرر العرفي، ونفى أنه بصم به، تعين عليه اتخاذ طريق الطعن بالتزوير ولا يكفيه هنا مجرد الإنكار (مادة 25 إثبات).

وإذا أنكَر من يشهد عليه المحرر خطَّه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه أو حلف ورثته بعدم علمه أنَّه حُرر ممن تلقى عنه الحق، وظل الخصم الآخر مُتمسكاً بالمحرر، أمرت المحكمة باتخاذ الإجراءات القانونية للتحقق من صحة المحرر عن طريق التحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما.

وتجرَى المضاهاة وفقا للقواعد المقرَّرة في أعمال أهل الخبرة في تحقيق الخطوط والأدلة الجنائية (مادة 26 إثبات).

ولا يُقبل لإجراء المضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم إلا ما يأتي:

* أولاً: الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع الموضوعة على محررات رسمية.

* ثانياً: الجزء الذي اعترف الخصم بصحته من المحرر الجاري تحقيقه.

* ثالثاً: خط الخصم أو إمضاؤه الذي يكتبه أمام المحكمة أو البصمة التي يطبعها أمامها.

هذا.. وتؤكد المادة (36) من قانون الإثبات أنه يجوز لمن بيده مُحرر عرفي أن يختصم من يشهد عليه هذا المحرر ليقر بأنَّه بخطه أو إمضائه أو ختمه أو بصمة أصبعه، ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء.

ويكون ذلك عن طريق رفع دعوى قضائية بالإجراءات المعتادة، فإذا حضر المدعى عليه وأقر بذلك، أثبتت المحكمة إقراره، وتكون جميع المصروفات على المدعي، ويعتبر المحرر معترفاً به إذا سكت المدعى عليه، أو لم ينكره، أو لم ينسبه لسواه. أما إذا أنكر المدعى عليه الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع، فيجري التحقيق طبقاً للقواعد والإجراءات التي ذكرناها.

وإذا لم يحضُر المدعى عليه بغير عذر مقبول، حكمت المحكمة في غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع.

وختاماً.. أود أن أشير إلى أنَّ هناك العديد من ذوي الحقوق لا يتمكنون من الحصول على حكم القضاء لصالحهم، ويخسرون دعواهم بسبب عدم مراعاة تلك الضوابط القانونية في الإثبات، أو عدم اتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لحماية حقوقهم، وتأكيد صحة محرراتهم ومستنداتهم قبل وقوع النزاع حولها.

تعليق عبر الفيس بوك