ذاكر بحب


سعيد المحرزي | سلطنة عمان - كاتب تربوي
                                
" ذاكر بحب " عبارة قالها لي أحد طلبة الثاني عشر، فسألته: ما تقصد بقولك هذا، قال: أن تذهب للمذاكرة وأنت تحبها، قلت: وما فائدة ذلك؟ فأجاب: حين تذهب للمذاكرة وأنت شغوف بها فإن ذلك يؤدي الى زيادة الاستعداد النفسي والعقلي وبالتالي زيادة الفهم والحفظ لديك، قلت له: وكيف تمكنت من زيادة حبك وشغفك للمذاكرة؟ قال: يرجع الأمر بالدرجة الأولى لي كطالب، لأن مسألة الحب للمذاكرة مسألة نفسية، وقد اتبعت مجموعة من الخطوات التي ساعدتني في زيادة حبي للمذاكرة، أولها: دعاء الله عزوجل بأن يلهمني حب المذاكرة وأن يفتح علي من فضله، ثم اتخذت مجموعة من الأسباب المادية كالعبارات التشجيعية التي كتبتها وعلقتها في الغرفة، وتهيئة مكان مناسب وجاذب للمذاكرة، كذلك قمت بالسؤال عن طريقة المذاكرة المناسبة للمواد الدراسية، ثم تأملت هذه الطرق واخترت ما يناسبني، وهذا حبب إلي المذاكرة كثيرا وذلك لأن الكثير من الطلاب لا يحبون المذاكرة بسبب قلة معرفتهم بالطريقة التي تناسبهم للمذاكرة وأيضا قلة معرفتهم بكيفية إدارة الوقت، ويكمل الطالب حديثه ويقول: هناك نقطة هامة جدا أحب أن أشير لها، وهي أني دخلت في حوار مع نفسي حول فائدة المذاكرة لي، وقمت بسؤال نفسي بعض الأسئلة مثل: ما الهدف من المذاكرة؟ ما هي الفوائد التي سأتحصل عليها إذا ذاكرت بشكل مناسب؟ وما الذي سوف أخسره إذا لم أذاكر دروسي بالطريقة المناسبة؟ ورأيت أن هذه التساؤلات قادتني إلى زيادة القناعة لدي بأهمية المذاكرة، بل دفعتني إلى أن أذاكر بحب، فأصبح تركيزي عاليا في ساعات المذاكرة، وأحب أن أؤكد أن هناك تحديات كثيرة واجهتها لكن بحسن الظن بالله تعالى ثم الأخذ بالأسباب تغلبت على الكثير منها، والأمر يحتاج إلى صبر وإصرار ومتابعة، ثم سألته: هل هناك دور للبيت والمدرسة في مساعدتك في زيادة حبك للمذاكرة؟ فأجاب: بكل تأكيد، وكنت أريد أن أحدثك عنهما، حيث أني طلبت من أسرتي تفهم ظروف مرحلتي الدراسية، وخاصة أخواني، فالتفاهم والتعاون أمران ضروريان لتحقيق بيئة مناسبة للمذاكرة، فأنا أحتاج الى هدوء وعدم مقاطعة أثناء المذاكرة والحمد لله وجدت بدرجة عالية هذا التفهم منهم، هذا غير تشجيع الأهل لي بشكل عام، وأما بالنسبة لدور المعلم والمدرسة بشكل عام فأقول أن لهما دور كبير في زيادة حبنا وشغفنا للمذاكرة، فكما قلت سابقا الإنسان عدو ما جهل، فالطالب الذي يعرف طريقة المذاكرة التي تناسبه سيزداد حبه للمذاكرة لأنه وبكل بساطة سيعرف كيف يذاكر، وبالتالي ستزداد ثقته بنفسه، فقلت له: وضح أكثر عن دور المعلم والمدرسة؟ فقال: حسنا، أولا بادرت بسؤال معلم كل مادة عن طريقة المذاكرة المناسبة لكل مادة، فحصلت منهم على معلومات مهمة تناسب المعلومات والمهارات المطلوبة في تلك المادة، ثم فكرت في كيفية الاستفادة من هذه المعلومات وعمل مواءمة معها مع قدراتي ومهاراتي، حتى وصلت إلى طريقة مذاكرة تناسبني، وبالمناسبة أشدد كثيرا على الاستمرار في طلب العون من المعلم فهو خبير بما يناسب مادته، قلت له: قد يكون المعلم مشغولا فهو لديه الكثير من الطلاب و الكثير من المهام، فقال: صحيح لكن ينبغي علي كطالب أن أختار الوقت المناسب وأن أصبر قليلا أو أذهب إلى معلم آخر لنفس المادة، المهم أن أحاول الحصول على المعلومة التي أريد، فقلت له: طيب وما دور المدرسة؟ فقال: للمدرسة دور فعال، وقد أذكر بعض الأمور التي رأيتها في مدرستي، التحفيز في البرامج الإذاعية، دعوة مختصين تربويين لتقديم برامج توعوية بالمدرسة، تشجيع معلمي المدرسة للتعاون معنا وتقديم العون لنا في كل ما نحتاجه، التشجيع المستمر والعلاقة الإيجابية الحسنة مع إدارة المدرسة، إعطاء بعض الحرية لنا كطلاب ثاني عشر ومعاملتنا كمسؤولين عن حياتنا وتصرفاتنا، فقلت له: ما شاء الله هذه مدرسة نموذجية، فقال: هم يبذلون جهدهم، وليس معنى كلامي أنه لا توجد تحديات خاصة بالمدرسة أو المعلمين أو حتى الأسرة لدينا، لكن الأمر يحتاج إلى التركيز على الإيجابيات ومحاولة الاستفادة منها بقدر المستطاع، ونتعاون مع بعضنا البعض حتى نتغلب على التحديات، وأن لا نجعل منها عذرا أو سببا للفشل.
وفي نهاية حديثنا شكرت هذا الطالب على حواره الممتع المفيد وقلت له: قد عرفت الطريق فالزمه، بل أخبر زملائك بذلك، وسأقوم أيضا بنشر هذا الحوار حتى يستفيد بقية الطلاب.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك