مطالبات بإطلاق مزيد من برامج التدريب المقرون بالتوظيف لتنمية مهارات الخريجين

باحثون عن عمل: فوضى التخصصات وقلة الرواتب وشروط الخبرة التعجيزية أبرز التحديات

 

مسقط - محمد الغافري

فِي الوقتِ الذي يَشهد فيه عددٌ من الكليات والجامعات في السلطنة تخريجَ أفواجٍ من الطلاب والطالبات في مختلف التخصصات، لا يزال هُناك عددٌ من الباحثين عن عمل ينتظرون نَصيبَهم من التوظيف؛ حيث تُشير آخر إحصائيات هيئة سجل القوى العاملة إلى أنَّ عدد الباحثين عن عمل تجاوز الخمسين ألف باحث عن عمل حتى سبتمبر الماضي، احتلت الإناث النصيب الأكبر.

وقالتْ هاجر بنت ناصر المعمرية خريجة بكالوريوس تقنية معلومات: إنَّ السبب الرئيسي لتزايد أعداد الباحثين عن عمل يعود لعدم وجود تخطيط مُسبق للتخصصات التي يحتاجها سوق العمل؛ حيث تنضمُّ أعدادٌ كبيرة من خريجي تقنية المعلومات مثلا إلى قائمة الباحثين عن عمل، ولا يزال التخصُّص يستقبل دفعات أخرى من مُختلف الكليات والجامعات. وأضافت: إنَّ جميع الخريجين يطمحون لوظيفة تتناسب مع شهاداتهم العلمية وقدراتهم العملية.

وعبَّرت عن أملها في أنْ تعمل شركات القطاع الخاص على احتضان العدد الهائل من الباحثين عن عمل، وإحلالهم محل الوافدين الذين يسيطرون على عدد كبير من الوظائف الإدارية، رغم أن المواطن العُماني لديه القدرة والكفاءة التي تُمكِّنه من العمل في مختلف المجالات. وأضافت إنها تستغل فترة البحث عن عمل بالمشاركة في ورش ودورات تدريبية في مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية من أجل ترسيخ ما درسته.

وقال راشد بن سيف الحامدي خريج إدارة موارد بشرية: إنَّ مُشكلة الباحثين عن عمل ليست وليدة اليوم، وإنما هي مشكلة عالمية، وقد عانتْ السلطنة ولا تزال من تزايد أعداد الباحثين عن عمل؛ بما يُؤثر سلبا على العديد من القطاعات؛ حيث أصبحَ التنافسُ على الوظيفة الواحدة يفوق الألف مُتقدم. وتساءل الحامدي عن الشروط التعجيزية لبعض الوظائف المطروحة؟ حيث إنَّ بعضها يتطلب خبرة عملية تتراوح بين سنتين إلى 3 سنوات، علماً بأنَّ الكثيرَ من الباحثين عن عمل هم خريجون جُدد لم ينخرطوا في سوق العمل سابقا؛ لذلك طالب الجهات المعنية بمراعاة هذه النقاط.

وأكدتْ بثينة بنت شنين الغافرية خريجة بكالوريوس إدارة موارد بشرية، إلى أنَّ الفرص الوظيفية المطروحة للتخصص غير كافية مُقارنة بعدد الخريجين، كما أنَّ مُعظم شركات القطاع الخاص لا تراعِي الباحثين عن عمل عند طلب سنوات الخبرة، والتي يتعذَّر وجودها عند معظمهم؛ حيث إنَّ مكوثَ الباحث عن عمل فترة طويلة دون وظيفة يتسبَّب في خسارته للمعلومات التي درسها في الكلية. وطالبتْ الغافرية بدعم الباحث عن عمل بإقامة دورات تدريبية لصقل المعلومات وتنمية المهارات للحصول على الخبرة المطلوبة.

وسَرَد قاسم بن خميس الشهومي خريج بكالريوس علوم الأرض، تجربته في البحث عن عمل، مشيرا إلى أنه تقدَّم لأكثر من 19 مقابلة بين عامي 2013 و 2014، وكان التسجيل في شركات القطاع الخاص عملية صعبة نوعاً ما في تلك الفترة؛ حيث يسعى المتقدم للذهاب شخصيًّا إلى مقر الشركة من أجل متابعة الرفض والقبول. وأضاف الشهومي إنه تقدم لإحدى الشركات أكثر من مرة، وتم اختياره لشغل الوظيفة لاحقا، وكان عليه الذهاب للمكتب الرئيسي لتوقيع العقد، لكنه تفاجأ بالوعود والمماطلة التي أبعدته عن الوظيفة دون ذكر أسباب، لكنه تشبَّث بالأمل، إلى أن وجد ضالته في إحدى الشركات الكبرى والتي يعمل بها حالياً.

وفي المقابل، لا تزال غادة السيابية خريجة لغة إنجليزية وترجمة باحثة عن عمل لأكثر من 5 سنوات، وتستغرب من تعيين الوافدين في وظائف قد تكون مُلائِمة للخريجين العُمانيين. كما طالبت بإيجاد خطة عاجلة لعلاج أزمة الباحثين عن عمل تجنُّبا لتفاقمها مُستقبلا. وشددت السيابية على ضرورة توفير بيئة عمل مناسبة للعُمانيين في القطاع الخاص للحيلولة دون عزوفهم عنها عن طريق رفع الأجور والميزات الأخرى.

وأشارتْ فاطمة العُميرية خريجة بكالوريوس نظم معلومات، إلى أنَّ مُعظم شركات القطاع الخاص تأخرت في التعاطي مع عملية التعمين، والتوسُّع الاستثماري، كما أنَّ قلة الفرص الوظيفية المطروحة للجامعيين أدت لتزايد عدد الباحثين عن عمل؛ حيث يطمح الخريجون للتعيين في وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم وتخصصاتهم الجامعية برواتب مُجزية، وساعات عمل معقولة، أُسوةً بالذين سبقوهم.

وحول سؤالهم عن الاستعداد للاتجاه إلى مجال ريادة الأعمال والمشروعات الخاصة؛ أكد مجموعة من الباحثين عن عمل، أنَّ العزوف عن الانخراط في أعمال ومشاريع خاصة راجع إلى نقص رأس المال. وقال بخيت بن خميس البادي خريج بكالوريوس موارد بشرية: إنَّ المشروع يحتمل الربح والخسارة، والباحث عن عمل غير مستعد للمخاطرة، كما أنَّ التجارة لها تخصص مستقل يدرس في الكليات والجامعات؛ مما يعني أنَّ بعض التخصصات قد لا تتلائم مع فكرة إدارة المشروع الخاص.

وطالبَ الناشطُ الاجتماعيُّ محمد بن سليمان الهنائي، الجميع؛ بالمساهمة في إيجاد حلول مناسبة لأزمة الباحثين عن عمل؛ من أجل الصالح العام وتنمية المجتمع. وقد أطلق الهنائي قبل فترة "مبادرة توظيف الشباب"، والتي تفاعلتْ معها بعض شركات القطاع الخاص مُقابل التسويق لها؛ مما أسهم في توظيف أكثر من 35 باحثا وباحثة عن العمل توظيفاً مباشراً، أو عن طريق التدريب المقرون بالعمل. ودعا الهنائي الباحثين عن عمل إلى عدم الالتفات للجانب السلبي، وأن يتمسكوا بالأمل من أجل مستقبلهم الوظيفي، والتمسك بفرص العمل المطروحة من أجل بناء الثقة واكتساب الخبرة.

تعليق عبر الفيس بوك