الديكتاتور

طلال خلفان

* لاعب المنتخب الوطني السابق

إذا أردتَ أن تدمِّر جيلًا، فعليك بتدمير القدوات فيه من العلماء والمفكرين وأصحاب الخبرات.. فهذا المشهد نعيش تفاصيله ونكتوي بآثاره السلبية؛ فمعُاناتنا صنعتها أيدينا وباختياراتنا، فنحن من نختار مسؤولي الوهم، ودمَّرنا الكثير من القدوات وأصحاب الخبرات الذين باستطاعتهم العودة بنا إلى الطريق الصحيح الذي تُهنَا عنه لفترة طويلة في أغلب المنتخبات والألعاب: أين كُنَّا؟ وإلى أين صِرنا؟! والسبب هو دعمُنا لمن لا يستحق اعتلاء المنصب؛ فبعضهم لم يصدق وصوله للكرسي "فنفش ريشه" على الجميع، وتغنى غروراً أنه هو مصدر السلطات للنهوض باللعبة التي تعاني الأمرَّيْن، وعلينا جميعاً تنفيذ أوامره دون نقاش، وكلُّ من يُعارض تفكيره فما هم إلا منظرون ومعارضون يجب إلجام ألسنتهم، بل وقطعها لو أتيحت لهُم الفرصة.

لا يا سيدي: انتبه لنفسك، فنحن في عصر الحريات، ودولة القانون التي ستلتفت إليك قريبا؛ فالمحبون للوطن الغالي لن يصمُتوا على تجاوزاتك، وسنكون صخرة تتبدَّد على صلابتها طموحاتك الشخصية، فأهل الخبرات من حقهم مناقشتك في كل ما يخص هذا البيت الذي يدافع عن ألوان علمنا الزاهي.. ستسقط يا صديقي بغرورك، كما سقط غيرك فرحل دون ذكرى، فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.

جمعياتنا العمومية بالأندية والمنتخبات، هي أوهن من بيت العنكبوت، فهي جمعيات مسيَّرة ولم تأت لنا سوى باتحاد الرجل الواحد "الدكتاتوري"، الذي لا يسمع سوى صَدَى صوته؛ فهو الحاكم بأمره، يختار هذا، ويستبعد ذلك، يُقرِّب فلانًا ويُبعِد عِلَّانًا.. فلا معايير سوى أنه الرجل القوي في مؤسسة أعضاؤها مُهمَّشُون، فما جنينا سوى تصريحات رنانة وشو إعلامي خافت.

"كأس الخليج" الأخيرة هي الأضعف فنيًّا مقارنة بالنسخ السابقة، فهي فقيرة تهديفيًّا، فلم أشاهد في حياتي منتخبًا يصل لنهائي أي بطوله بهدف واحد في كل مبارياته، ومن ركلة جزاء، وكاد أن يفوز بالبطولة بنفس ركلة الجزاء أيضا، وهذا دليل ضعفها الفني.

وبعد فوزنا بهذه البطولة التي بلا شك نستحقها؛ كوننا كُنَّا الأفضل على أرضية الملعب -رغم فقرها الفني والتهديفي- ولكن لابد أن نكون واقعيين في طرحنا، ونقول الحقيقة؛ فهي لن تنتقص من فوزنا شيئًا، ولكن ستُنبِّهنا إلى ما هو قادم، البطولة الأصعب "كأس آسيا"؛ ففي آسيا لن يصل للنهائي فريقٌ لم يُسجِّل سوى هدف واحد، وأنا متأكد من كلامي، وأُجزم بذلك، ولن يَعبُر المجموعة كمتصدِّر أو بالمركز الثاني سوى من يستحق، أما المركز الثالث فهو يعتبر هِبَة من الاتحاد الآسيوي للمنتخبات الجيدة التي لا تستطيع أن تصل بحُكم قوة المجموعة، ولكن لديها إمكانيات جيدة للمنافسة، ورغم كل ذلك من الممكن أن يكون لدينا هدف للصعود؛ فبكل التأكيد ستكون المنافسة بمجموعتنا على الصدارة بين اليابان وأوزباكستان، ولكن ليس من المستحيل المنافسة على المركز الثاني بالمجموعة. نعم أوزباكستان منتخب جيد جداً، ولكن ليس من الصعب اجتيازه، خاصة وأنَّ مباراتنا معهم هي الأولى، وهي ما سيُعطينا الدخول بقوة للبطولة، ولكن لنحدد أهدافنا ونعمل عليها بهدوء ونزرعها في نفوس لاعبينا الذين نثِق بهم؛ فلا يوجد مستحيل بكرة القدم، ولكن الواقعية مطلوبة.

------------------------

آخر كلام :

قُلتها سابقاً، وسأقولها دائماً: إنَّ الانتخابات لا تأتي دائمًا بالجودة، فانتخابات حب الخشوم مبنية على العلاقات والمحسوبية والمصالح؛ لذلك لن نجد أيَّ إنتاجية وأتمنَّى أن تعود كل المناصب المهمة إلى التعيين، كما كان معمولًا به سابقاً؛ فمناصب التعيين كانت نتائجها في كل المنتخبات أفضل من الآن، ولم نكن نرى صراعات الكراسي الرامية لتحقيق مصالح شخصية.

تعليق عبر الفيس بوك