أهمية كسر عقدة الخواجة

 

سالم بن لبخيت كشوب

ونحن على اعتاب عام 2019 ما زالت النظرة السائدة بأن الوافد هو صاحب اليد السحرية القادرة على إحداث نقلة نوعية في مختلف مجالات العمل، وهو الملم بكل ما يتعلق بشؤون وإدارة الأعمال وما تصاحب هذه النظرة من مزايا وحوافز لا يحظى بجزء منها في بلده، حيث ما زالت للأسف العديد من القطاعات تتسابق في إعطاء الوافد إدارة الدفة بحجة امتلاكه المهارات والخبرات وقدرته على التكيف مع مختلف الظروف وما يصاحب ذلك من عدم إعطاء الثقة والحافز للمواطن والتحجج بعدم وجود الخبرة والرواتب المرتفعة المقرونة بعدم الإنتاجية وكثرة الغياب أو وضع العراقيل ومحاولة عدم إعطاء الفرصة والمجال للقوى العاملة الوطنية المهام والصلاحيات وتوفير بيئه العمل المناسبة المحفزة على الإبداع والإنجاز وبالتالي عدم الاستفادة من تلك الطاقات وإهدارها في أعمال بسيطة   .

عندما نطالع الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات على سبيل المثال لغاية نهاية 2017 بلغ عد القوى العاملة الوافدة من حملة المؤهلات الجامعية العليا (دبلوم عالي – بكالوريوس – ماجستير – دكتوراه )  مائة ألف و724 منهم (88.120) من حملة البكالوريوس و (4.604) من حملة الدبلوم العالي و (5.333)  من حملة الماجستير و (2.667) من حملة الدكتوراه وبالمقابل هناك أعداد من الباحثين عن العمل من حملة تلك المؤهلات العلمية مع إعطائها الثقة والتأهيل والتدريب يمكن ان تحل تدريجيا وتقلل من نسبة تواجد هذا العدد الهائل من القوى العاملة الوافدة.

وأن العديد من الجهات ولاسيما في الوظائف الاشرافية والمتوسطة ما زال العنصر الوافد متواجد بها في شتى المجالات على الرغم من وجود كفاءات وطنية بإمكانها مع التأهيل والتدريب والتحفيز أن تحل محل هذه القوى العاملة الوافدة يتبادر إلى ذهننا هل تلك الجهات لديها قناعة ورغبة في عملية توطين تلك الوظائف أم أنّ لديها شروط وضوابط خاصة من الصعوبة على القوى العاملة الوطنية ان تكون مستوفية لهذه الضوابط، وبالتالي لابد من إعطاء الدافعية والتحفيز للشباب العماني الذي أثبت جدارته في مختلف مجالات العمل سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص  .

بالمقابل نقرأ ونسمع أن العديد من الجهات سواء الحكومية أو الخاصة في إطار زياراتها الخارجية للتعرف على تجارب بعض الدول والاستفادة منها يتم إيفاد القوى العاملة الوافدة في تلك الزيارات فهل الأصح والأجدى أن يتم تأهيل وإكساب تلك القوى العاملة المزيد من الخبرات والمهارات والاطلاع على العديد من التجارب الدولية بمبالغ طائلة وفي أقرب فرصة للعمل بجهات أخرى سوف تترك العمل في الجهات الموجودة بالسلطنة دون أدنى شعور بالمسؤولية أم الاستفادة من المبالغ المخصصة للتاهيل والتدريب لصالح الكادر الوطني العماني.

وهنا من باب إحقاق الحق لا ننكر فضل بعض الخبرات الوافدة في إكساب العنصر البشري الوطني العديد من المهارات التي ساهمت في تطوير أدائهم الوظيفي ولكن نتمنى ونحن على يقين تام بحرص مختلف الجهات على إعطاء الفرص الوظيفية والتأهلية للشباب العماني الطموح والمثابر الذي بحاجة إلى مزيد من التشجيع والثقة والتأهيل ومنح الكفاءات الوطنية المزيد من المسؤوليات وما يصاحبها من حوافز تصاحب حجم الأعباء الوظيفية الملقاة على عاتقها مما يساهم في تحقيق المزيد من الإنجازات بسواعد وطنية عمانية.

برأينا المسؤولية مشتركة بين متخذ القرار في تلك الجهات وبين القوى العامله الوطنية في أن يتحمل كل طرف مسؤوليته وواجباته في هذه القضية المهمة سواء من خلال الحرص على منح تلك القوى العاملة الوطنية المزيد من الفرص الوظيفية وإحلالها تدريجيا محل القوى العاملة الوافدة ولاسيما في المناصب العليا واحتكاكها المباشر مع تلك الخبرات الوافدة والاستفادة منها ومتابعة مدى تعاون ومردود هذا التواصل على إنتاجية وعمل الكادر الوطني وبالمقابل لابد أن تتحمل القوى العاملة الوطنية مسؤوليتها على أكمل وجه من التحلي بالانضباط والالتزام بالعمل والإنتاجية والحرص على عكس ثقة الإدارة العليا بمستويات أداء عالي وإظهار التميز والكفاءة في العمل .

إن تنمية الدول وتطويرها ودفع عجلة التنمية بها الى مستويات متقدمة يقوم على سواعد أبنائها وجهودهم المخلصة وبالتالي أهمية مضاعفة الجهود من مختلف القطاعات سواء حكومية أو خاصة في استقطاب الكفاءات الوطنية والعمل على التأهيل والتدريب المجدي وليس الروتيني من أجل تنمية مهارات العاملين لديها ومنحهم الثقة والحوافز والمزيد من المسؤولية من أجل تطوير العمل والأداء في تلك المؤسسات حيث إنّه  ولله الحمد لدينا الكثير من الأمثلة الوطنية المشرفة في مناصب مرموقة في مختلف المجالات نفتخر بها ونأمل في رؤية المزيد من هذه النماذج الناجحة على المدى القريب وهذا ليس بغريب على الكادر الوطني المعروف عنه بالمثابرة والتميز وتقديم نموذج مشرف للسلطنة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.   

تعليق عبر الفيس بوك