الدولار الأمريكي .. وصراع الصدارة

محمد السالمي

هل يُمكن للدولار الدفاع عن مقعده على عرش العملات في العالم. أو هل يُمكن القول بأنَّ الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على وشك التَّقلص. حيث ساهم استعمال الولايات المُتحدة للدولار كسلاح لمُمارسة ضغوط اقتصادية وسياسية على بعض الدول، في تحفيز العديد منها على إيجاد بدائل للابتعاد عن وطأة الدولار، أبرزها الجمهورية الإيرانية بعد إعادة فرض العقوبات عليها. بالإضافة لاتخاذ العديد من الدول مثل الصين وروسيا جملة من الخطوات في مقايضة عملاتها المحلية في التعاملات التجارية في ما بينها. هل يُمكن للدولار أن يتزعزع ويفقد موضعه كأقوى عملة اقتصادية في العالم، وماهي أبرز البدائل التي يمكن أن تحل محله، وهل هذا قابل للتحقيق؟

قبل ذلك، دعونا نستحضر كيف كسب الدولار هذه القوة المهيمنة. فبعد انهيار اتفاقية بريتون وودز في عهد نيكسون في عام ١٩٧٠ وبحكم قوة الولايات المُتحدة الاقتصادية والعسكرية أصبح الدولار العملة الأكثر تداولاً في المعاملات التجارية. حيث إنَّ النسبة الأكبر من الدولار يتم تداولها خارج الولايات المتحدة. كما أنها كانت تشكل ثلاثة أضعاف التداول اليومي لليورو والتي تحل ثانيًا من حيث نسبة التداول. فكثير من الموارد الطبيعية أبرزها النفط أيضاً يُسعر بالدولار، فحتى وقت قريب كانت الولايات المتحدة المستورد الأول للنفط قبل أن تتصدر الصين الآن قائمة أكبر المستوردين. وما يُميز الدولار هو في سهولة تسييله واستعماله كوحدة قياس، ومن هذا المنطلق أصبح للدولار قبول واسع في جميع الدول؛ فوفقاً للإحصائيات فإنِّه يشكل حوالي٦٥٪ من إجمالي الاحتياطي العالمي في البنوك المركزية. وهذا ما يُبرر توجه كثير من الدول لربط عملتها بالدولار لزيادة استقرارها ومن أبرزها دول الخليج.

 

 

 

 

 

بعد معرفتنا بمدى توسع وتغلغل الدولار في المعاملات الاقتصادية. فما هي البدائل المطروحة؟.

هناك دعوات لاستخدام عملات أخرى كاحتياطي، وسابقاً دعت الصين صندوق النقد الدولي لإصدار عملة احتياطي دولية بعيدا عن الدولار، وأيضاً لتسعير السلع الخام مثل النفط، بالإضافة إلى استخدام عملة أخرى للتمويل الحكومي غير الدولار، ولكن الاقتراح لم يلاقِ ذلك الاهتمام.

ماذا عن اليورو؟

تُشكل اليورو حوالي ١٥٪ من المعاملات التجارية العالمية اليومية، وعلى الرغم من كونها العملة الثانية في التداول بعد الدولار، إلا أنها تواجه العديد من التحديات من ظهور الأزمة اليونانية، وما حدث مؤخراً في الخلاف بين إيطاليا والبنك المركزي الأوروبي حول عجز الميزانية، بالإضافة إلى التحديات في السياسة النقدية.

كثير منِّا قد يشير إلى أنَّ الصين لديها أفضل البدائل كونها القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة. والذي أكد على ذلك هو مدى انتشار السلع الصينية ومدى نفوذها، والذي يظهر أيضاً في مشروعها الطموح (حزام واحد- طريق واحد) أو ما يُسمى بطريق الحرير الجديد إلى أن يكون اليوان الصيني البديل المُحتمل. على الرغم من كل هذا الحديث، فاليوان لا يستخدم على نطاق واسع كما يصور البعض. ويعاني من قيود في التداول، كما أنَّ السياسة النقدية للمركزي الصيني لا يمكن التنبؤ بها، والاقتصاد والنظام المالي الصيني غير مفتوحين. وتشير الإحصائيات إلى أن المعاملات التجارية العالمية اليومية باليوان الصيني تشكل حوالي ٢٪. كما أنه يشكل أقل من هذه النسبة من حيث احتياطيات البنك المركزي العالمي لهذا العام. وليس له امتيازات الدولار، مخاطره أكبر عند الاستثمار بخلاف الدولار حيث إنّ للدولار القدرة على الاستثمار في الأسواق الأمريكية والاستثمار في أذونات الخزينة وغيرها. وعليه، إنَّ أمام اليوان الصيني طريق طويلة يجب قطعها.

إلا أنَّه لا يوجد عملة بنفس امتيازات الدولار، وهذا ما أكدته كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي:" لا أرى أية عملة في طريقها لتحل محل الدولار الأمريكي كعملة الاحتياطي الأولى في العالم". وفي حال وجدت عملة لديها مقومات الدولار وموازية لها. هل هي قابلة للتحقيق؟، في ظل الظروف الحالية، لا يبدو ذلك ممكناً في المدى القريب.

تعليق عبر الفيس بوك