المؤتمر الدولي للنقل الطرقي يستشرف تحديات مستقبل القطاع في ظل التحولات الرقمية

السيد أسعد: التوجيهات السامية تحث على مواكبة التطورات العالمية لدعم مسيرة النهضة خلال العشرين عاما المقبلة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

◄ الفطيسي: المؤتمر منصة أساسيّة لدعم قطاع النقل وربط شرايين التجارة العالمية بالأسواق

◄ السلطنة تواكب المتغيرات التقنية للقطاع اللوجستي عبر منظومة حديثة ومتكاملة

◄ إشادات دولية بالتطور الهائل في البنية الأساسية بالسلطنة وأهمية الموقع الاستراتيجي

◄ 1000 مشارك من 77 دولة و25 وفدا حكوميا و10 منظمات عالمية

الرؤية- نجلاء عبدالعال

رعى صاحب السمو السيّد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان، افتتاح المؤتمر العالمي للنقل الطرقي، والذي تستضيفه السلطنة بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.

وعقب الافتتاح، وجّه صاحب السمو السيّد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان الشكر إلى معالي الدكتور أحمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات على استضافة هذا المؤتمر المهم الذي يتضمّن الكثير من المعارف التي يجب على السلطنة الاستفادة منها، مشيرا إلى تزامن انعقاد المؤتمر مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الثامن والأربعين المجيد. وقال صاحب السمو- في تصريحات للصحفيين- إنّ عُمان عبر تاريخها الممتد كانت نقطة التقاء مهمة للغاية لطرق التجارة الدولية، سواء التجارة البحرية عبر موانئها أو التجارة البرية عبر طرقها، مضيفا سموّه أنّ المؤتمر سيضيف للسلطنة بعض المعرفة اللازمة للتخطيط المستقبلي، وأنّ هناك برنامجا طموحا تعمل عليه وزارة النقل والاتصالات وبموافقة من مجلس الوزراء، وبتوجيه من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تضمن مواكبة التطورات العالمية ودعم مسيرة النهضة خلال العشرين عاما المقبلة، معربا سموه عن أمله في تحقيق أقصى استفادة ممكنة للجميع من هذا المؤتمر.

ويأتي المؤتمر بتنظيم مشترك من الاتحاد الدولي للنقل الطرقي والمجموعة العمانية العالمية للوجيستيات "أسياد"، وبالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات. ويُشارك في المؤتمر ممثلون لأكثر من 75 دولة يجتمعون على مدار يومين، بهدف رسم ملامح مستقبل قطاع النقل الطرقي وتبادل وجهات النظر حول أبرز القضايا المتعلقة بالتجارة والابتكار التقني في القطاع على مستوى المنطقة والعالم.

كلمة افتتاحية

وقال معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات رئيس مجلس إدارة "أسياد" إن المؤتمر الدولي للنقل الطرقي 2018، يشكل منصة أساسية لدعم قطاع النقل وربط شرايين التجارة العالمية بالأسواق، والوقوف على ما يحمله المستقبل من تغيرات في مجال النقل الطرقي. وأكد معاليه- في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر- أن الدول لا تتقدم إلا من خلال إيمانها الراسخ بإمكانيات المستقبل والتسلح بالإبداع والابتكار والاستمرار في التطوير، مشيرا إلى أن المؤتمر يحمل عنوان "الابتكار في النقل"، مثمنا الشراكة المتينة مع الاتحاد الدولي للنقل الطرقي والثقة الكبيرة التي منحها للسلطنة باختيار مسقط لاحتضان هذا الحدث الدولي البارز. وأوضح معاليه أنّ المؤتمر الدولي- الذي يشارك فيه أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين وصناع القرار وخبراء صناعة النقل من مختلف دول العالم- يسلط الضوء على أبرز قضايا النقل الطرقي وآفاق تطور التقنيات فيه، في الوقت الذي نمت فيه محاور التجارة معيدة تشكيل طرق التجارة العالمية، ومؤثرةً على تنقل الناس والبضائع، مشيرا إلى أنّ المؤتمر ينعقد في وقت يشهد فيه النقل الطرقي تغيرات سريعة؛ حيث توسعت خدماته الرقمية وأصبح متصلا بشبكات الإنترنت، وبالتالي لاحت في الأفق العديد من التساؤلات تجعل من هذا الحدث العالمي منصةً مهمةً لمعرفة ماذا سيحمل لنا المستقبل من تغيرات، وماذا ينتظر خلال العقد القادم في مجال النقل الطرقي.

وتابع الفطيسي أنه في ظل بروز أعمال جديدة لشركات مبتكرة غيرت المفاهيم والأساليب، فمن المتوقع أن يسجل العالم طفرة في نمو القوى العاملة البديلة في ظل الارتفاع المستمر للطلب على هذه الفئة من العمالة، ولذلك فإنّ السؤال سيصبح كيف ستتمكن الحكومات والشركات من مواصلة جذب أفضل المواهب للقطاع، وبناء قاعدة عريضة من الخبرات والكفاءات التي تتمتع بمعارف واسعة ومواهب متعددة، والحفاظ عليها في محيط يسوده التغير السريع في التكنولوجيا، وكيف سيتمكن صناع السياسات أن يكونوا بذات السرعة التي تحدث في مجال التقنيات اللوجستية ومواءمتها مع القوانين والسياسات المنظمة؟ وكيف ستغير منصات الجيل القادم قوانين العمل في قطاع النقل الطرقي؟ وما هي تقنيات الطاقة المستقبلية التي يجب اتباعها في عالم يجمع بين مركبات ثقيلة كهربائية وهيدروجينية، وأخرى تعمل بالديزل والغاز والمركبات الهجينة، ومن ثم تتزايد أهمية المؤتمر الذي سيشهد مناقشة مواضيع عديدة ومتنوعة من خلال خبراء النقل من مختلف أنحاء العالم، وأهمية ما ستتمخض عنها هذه المناقشات من توصيات واتجاهات لمستقبل النقل الطرقي وطرق التجارة العالمية. 

ولفت معاليه إلى أنّ استضافة السلطنة لهذا المؤتمر الدولي تؤكد أنّ منطقة الشرق الأوسط أضحت تتخذ موقعها في هذا القرن لتؤدي دوراً محورياً، من خلال تشكيل شراكات استراتيجية مع الاقتصادات الناشئة ومن بينها مبادرة الطريق والحزام، لتساهم في تطور التجارة العالمية وتصبح جزءً من منظومتها اللوجستية المتكاملة.

وأوضح معاليه أن السلطنة أدركت أهمية الحقبة الجديدة من التكنولوجيا وأنه لابد من مواكبة السرعة التي يمضي بها العالم واللحاق بركب التطور واستيعاب الثورة المعرفية التي يعيشها عالمنا، وقال: "السلطنة تملك شبكة متطورة من الطرق تم إنشاؤها بمعايير عالمية تربط الموانئ البحرية والمناطق الحرة والمطارات والمناطق الصناعية، ولديها ثلاثة موانئ عميقة تخدم الأسواق الناشئة في دول الهند وشرق أفريقيا وإيران ودول المنطقة، تتكامل جميعها مع المناطق الحرة التابعة لها، كما إن لديها 5 مطارات راقية جدا وبمواصفات عالمية، والسلطنة ماضية في تعزيز التكامل والاندماج مع التكتلات الاقتصادية العالمية وتسهيل حركة التجارة، تعزيزاً لمنظومة النقل الطرقي".

تطور هائل

وأشاد المسؤولون من أنحاء العالم خلال كلماتهم بالتطور الهائل الذي تشهده البنية الأساسية في السلطنة وقال كرستيان لابرو رئيس المنظمة العالمية للنقل الطرقي- في كلمته- إن السلطنة تقع في قلب أهم الممرات الدولية الحيوية في العالم؛ حيث تتوسط آسيا وإفريقيا وأوربا، كما إن لديها طموحا وسعيا دؤوبا لأن تكون أحد أبرز اللاعبين في القطاع اللوجستي العالمي، وهي بالفعل تتخذ خطوات فعلية في هذا الطريق. وأشار إلى أن اختيار السلطنة لاستضافة المؤتمر يؤكد أهمية التعاون الدولي والعمل المشترك، وهذا ما تتميز به عُمان، لافتا إلى أن المؤتمر ينعقد في وقت يشهد فيه العالم تطورات متسارعة، ويواجه العديد من التحديات في قطاع النقل البري، داعيا إلى ضرورة التعاون المشترك باعتباره الأساس لتطوير منظومة النقل الطرقي.

وأعرب معالي ستيفن بيلجير وزير النقل والبنية الأساسية الرقمية الألماني عن سعادته باستضافة السلطنة للمؤتمر، وقال: "بالنيابة عن حكومة بلادي فإنني أتوجه بالتهنئة لسلطنة عمان على ما تشهده من نمو مهم في الجوانب اللوجستية والبنية التحتية المتسارعة في هذا المجال والتي أثنت عليها التقارير الدولية المختلفة". وأشار معاليه إلى أهمية الابتكار والتكنولوجيا والربط في هذا المجال والتجديد المستمر للحلول المقدمة، موضحا اهمية أن وضع استراتيجية للترابط بين شبكات النقل في العالم، بما يضمن المزيد من السلاسة في الحركة والاستفادة من تبادل أحدث التقنيات المتقدمة في كل الدول.

وألقى خوسيه مانويل باروسو رئيس مجلس إدارة مجموعة جولدمان ساكس الأمريكية، والرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، كلمة المحور الأول من المؤتمر، أشاد خلالها بما لمسه من تطور كبير للبنية الأساسية لقطاع النقل في السلطنة؛ سواء في المطارات أو الطرق، مشيرا إلى أن هذا يؤكد طموح عمان لتكون من رواد قطاع النقل في العالم. وتناول باروسو في كلمته التحديات المتعددة التي يشهدها النقل الطرقي عالميا؛ الجيوسياسية والاقتصادية والتقنية وغيرها، وقال: "إن الحوار هو مفتاح أساسي لعقد الشراكات ومد جسور التعاون بما سيعود بالنفع على نمو حركة التجارة العالمية وازدهارها بغض النظر عن المصالح".

وطرح الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية بعض التساؤلات التي قال إنه يتعين على الجميع الإجابة عليها خلال الفترة المقبلة؛ ومنها التساؤل حول ما إذا كان العالم يتجه نحو المزيد من التعاون والانفتاح أم نحو المزيد من الانغلاق والحمائية، مؤكدا تفاؤله الشخصي بأن العالم سيعاود التعاون وإزالة الحواجز فيما بينه خلال الأعوام المقبلة. واشار إلى تفهمه للجوء بعض الدول ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي تبدو "انعزالية وحمائية"، لكن وجهة نظرهم فيها أنها أفضل مرحليا لاقتصادهم ونمو مجتمعاتهم. وأكد أن المؤتمر سيكون منصة مهمة في دورة انعقاده بمسقط للوصول إلى تصور أوضح للمستقبل.

الابتكار في النقل

وتأتي نسخة هذا العام من المؤتمر بعنوان "الابتكار في النقل" بهدف استعراض دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين مستوى إدارة العمليات وتطوير أداء قطاع النقل الطرقي وتسهيل حركة التجارة العالمية. وفي هذا الصدد، قال نبيل بن سالم البيماني رئيس قطاع الموانئ والمناطق الحرة بمجموعة أسياد وعضو اللجنة المنظمة للمؤتمر: "إن قدرتنا على مواكبة التقنيات الحديثة في القطاع، سنتعكس وبلا شك في رفع فرصنا التنافسية، وتحسين جودة الخدمات التي نقدمها. حيث أن الابتكار القائم على التكنولوجيا أصبح مفتاح أساسي لمواجهة التحديات المستقبلية في القطاع اللوجيستي".

وانطلقت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر بجلسة خاصة تم تنظيمها بالتعاون مع شركة مواصلات وبحضور نخبة من القادة والرواد الدوليين لتسليط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه شركات نقل الركاب والبحث في الحلول المستقبلية لها. وحول الخدمات العصرية التي توفرها شركة مواصلات، قال أحمد البلوشي الرئيس التنفيذي للشركة: "لقد بدأنا فعلياً في تطبيق العديد من التقنيات المبتكرة منها الحجوزات الإلكترونية، وأنظمة جمع وتدقيق معلومات الركاب، وأنظمة إدارة المركبات الذاتية. وستساعد هذه الأنظمة في تطوير منظومة النقل، وفي الحدّ من المشكلات المرورية، فضلاً عن المساهمة في تعزيز الاقتصاد الوطني ومواصلة مسيرة التنمية بالسلطنة".

وفي الحلقة النقاشية الأولى التي انعقدت بعنوان "التنقل في القرن الـ21.. النقل الطرقي والتنقل والتجارة"، أبدى جيم كارول أحد مفكري المستقبل وخبراء الابتكار، وجهة نظره حول أحدث الاتجاهات والنزعات العالمية التي تهدف إلى دعم الشركات والحكومات في مواكبة الابتكارات التقنية. وقال كارول: "في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم أصبح من الصعب الاعتماد على التقنيات والاتجاهات التي كانت سائدة في الماضي. وبات من الضروري أن نبحث عن طرق جديدة ومبتكرة تضمن نمو وتطور القطاع اللوجيستي".

وناقشت الحلقات التفاعلية التي أقيمت خلال اليوم الأول من المؤتمر عدداً من المواضيع من بينها إدارة وتحليل البيانات، وتعزيز التنافسية من خلال تطوير البنية الأساسية والاتصالات الجديدة متعددة الوسائط، وتأهيل القوى البشرية المستقبلية، واستخدام منصات الجيل الجديد، وتمكين التسهيل التجاري وزيادة كفاءة الوقود المستخدم في عمليات النقل.

وعلى صعيد الجهود المبذولة للحدّ من البصمة البيئية لقطاع النقل، قال بيني سيمتس الرئيس التنفيذي لشركة نيناترانس البلجيكية إن أنواع الوقود البديل تشكل مستقبل قطاع النقل الطرقي، لكن الأمر يتوقف على إمكانية وسهولة الحصول عليه، فقد حان الوقت لبدء استخدامها بدون أي تعقيدات. فمما لا شك فيه أن إيجاد قطاع نقل مستدام لا يمكن أن يتحقق سوى من خلال مشاركة جميع حلقات سلسلة التوريد. وأضاف بيني سيمتس أن مشغلي خدمات النقل يتطلعون إلى الاستثمار في المركبات التي تعمل بأنواع الوقود البديل بشرط معرفة التكلفة الحقيقية والإجمالية لذلك والتأكد من جدواها الاقتصادية.

إلى ذلك، تم تنظيم حفل استقبال للمشاركين في المؤتمر العالمي للنقل الطرقي احتفالاً بالذكرى السنوية الـ70 منذ انطلاق أعمال الاتحاد الدولي للنقل الطرقي. وشهد المؤتمر مشاركة ديفيد كوليو، وهو منتج أفلام ورائد الأعمال وأحد أشهر المتزلجين والذي سافر في رحلة مر خلالها عبر 3 قارات مختلفة لتجربة العالم الحقيقي للنقل الطرقي مستخدماً الحافلات والشاحنات والمركبات وسيارات الأجرة ولوح التزلج.

وعلى هامش المؤتمر، عرض عدد من الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة ورواد الأعمال، ابتكاراتها في قطاع النقل الطرقي في ممر الابتكار، بهدف المساهمة في رسم ملامح قطاع النقل واللوجيستيات.

ومن المقرر أن تُستكمل فعاليات المؤتمر العالمي للنقل الطرقي اليوم الخميس، ويتضمن مناقشة عدد من القضايا المتعلقة بالابتكار والتنافسية.

تعليق عبر الفيس بوك