ابحث عن نفسك

 

حميد السالمي

"إبراهام لنكولن" فشل في الأعمال الحُرة عندما كان بعمر ٢١ عامًا، وفشل مرة أخرى وهو بعمر ٢٤ عامًا، وتوفيت خطيبته وهو في ٣٥ من عمره، وأصيب بانهيار عصبي في ٣٦ من عمره، وخسر الانتخابات وهو بعمر ٣٨ عامًا، ثم خسر انتخابات الكونجرس عندما بلغ ٤٣ عامًا، ليعود ويخسر مرة أخرى في عمر ٤٦ عامًا، ما لبث بعدها أن خسر سباقا للفوز بلقب سيناتور، ثم فشل في أن يكون نائباً للرئيس، وعند بلوغه ٥٢ من عمره أصبح رئيسًا للولايات المُتحدة الأمريكية.

قيل: "لا ينتهي المرء عندما يخسر، إنما عندما ينسحب" ، في رحلة البحث عن الذات لن يكون الطريق مفروشاً بالورود، كما أنه بقدر الهدف الذي تسعى إليه تكون المصاعب والمشاكل والظروف، فالذين عرفوا طريق العظمة والخلود في هذه الحياة كابدوا وعانوا ولقوا ما لم يلقه الآخرون من فئة "السيد عادي"، فتخليد اسمك بين صفحات العُظماء والمؤثرين يحتاج لشخصية تصقلها الحياة وتصنعها المحن وتقوّمها التجارب، حتى تغدو قادرة على الإمساك بزمام مشروعها وأفكارها وفرض اسمها وسط معترك الحياة ومضمار التنافس فيها.

 

يذكر الدكتور "سلمان العودة" قصة جميلة في كتابه "زنزانة" قائلاً: "كان (ديشراث منجهي) يسكن في قرية نائية ومعزولة في الهند، أصيبت زوجته إصابة خطيرة جداً وبسبب بُعد المسافة بين المستشفى والقرية والطريق الطويل المعوج (٧٠ كيلومترا) لم تصل الإسعاف في الوقت المُناسب وماتت رفيقة دربه، فطلب بعدها من الحكومة أن تشق نفقًا في الجبل لاختصار الطريق حتى لا تتكرر الحادثة ولكنها تجاهلته؛ فقرر الفلاح قليل الحيلة أن يتصرف بنفسه لكي يُنهي المأساة؛ فأحضر فأسًا ومعولاً وبدأ الحفر بيديه.

سخر منه أهل القرية واتهموه بالجنون، أمضى الرجل ٢٢ عامًا (من ١٩٦٠ إلى ١٩٨٢) يحفر في الجبل من الصباح إلى المساء، ولا يملك إلا فأسه ومعوله وإرادة تواجه الجبال وصورة زوجته في ذهنه وهي تموت بين يديه، حتى شق طريقاً في الجبل بطول ١١٠ أمتار، وعرض ٩ أمتار، وارتفاع ٧ أمتار، واختصر المسافة بين قريته والمدينة من ٧٠ كيلومترا إلى ٧ كيلومترات، وأصبح باستطاعة الأطفال الذهاب إلى المدرسة وبإمكان الإسعاف الوصول في الوقت المناسب" فما أعظمها من إرادة حقًا وما أنبله من هدف حققه هذا الرجل الذي غيَّرت حياته كلها حادثة وفاة زوجته ليعيش بعدها من أجل حلم وقضية ما غادر الحياة إلا بعد تحقيقهما.

 

الوقت الذي تريده، والعمل الذي تفضله، والبيئة التي تحبها، والعلاقة التي تبحث عنها، ليس بالضرورة أن تكون هي أو هو الذي يُناسبك، قد تخلق منك الحياة شخصاً مختلفاً بعد حين، فتتغير أفكارك وتتبدل تطلعاتك، وتختلف نظرتك للأشياء والأماكن والظروف والحالات من حولك، ابحث عن نفسك أولاً، وراقب الأحداث من حولك بهدوء، واقتنص الفرص، ولأنك جزء من هذه الحياة فلابد من دور عليك القيام به، قد تجد نفسك هنا أو هناك، لا تحبط من أخطائك ولا تتراجع عند فشلك ولا تيأس وقت تراكم الظروف وتكالب المصائب فقد تكون تلك هي العقبة الأخيرة التي ما إن تتجاوزها تصل إلى القمة وتحقق ما تُريد.

 

إلى من يهمه الأمر:

يقول محمد علي كلاي: "لا أحد يبدأ من القمة، عليك أن تشق طريقك إليها".

 

تعليق عبر الفيس بوك