الرجلُ في يوم المرأة

 

نجاة بنت صالح الكلبانية

 

إنّ الاحتفاءَ بيوم المرأة ليس للمرأة فحسب فكل احتفاءٍ بالمرأة هو احتفاء للمجتمع بأسره. فكيف للمجتمع ألا يحتفي مع تلك التي جعلها الله واهبةً للحياة؟ ثم هل تستطيع المرأة أن تفرحَ بمفردها؟ وهل من عادة المرأة أساساً ألا تشارك الفرح ممن حولها؟

تحتاج المرأةُ لحنانِ أبيها وصلابة أخيها وحب زوجها وبر ابنها وتقدير رئيسها أو مرؤوسيها في العمل.

نعم تحتاج المرأة لكل هؤلاء ليس لأنّها غير قادرة على النجاح من دونهم ولكن يصبح للنجاح طعم آخر بوجود هؤلاء حولها داعمين ومساندين ودافعين ومدافعين ومحفزين. فالإنسان بطبعه يبحث عن التقدير ممن حوله، وذلك التقدير إن مُنح يعزز لديه الشعور بقيمته وبأهميته. والتقدير الذي يأتي من المقربين هو بالطبع الأعظم فكم يفرحنا تقدير الأم والأب والأخوة والأخوات والأبناء والأصدقاء والصديقات.

وأكثر ما يُفرح المرأةُ هو التقدير الذي يأتي من الرجال الذين يشكلون أهميةً في حياتها. فحتى لو حصلت المرأة على تقدير غيرها من النساء في دائرتها الاجتماعية القريبة أو دوائرها الاجتماعية البعيدة، إلا أنّ تقدير الأب والأخ والزوج والابن يتميز بوقعه الخاص وبأثره المختلف عن غيره.

خلق الله آدمُ من طين ونفخ فيه من روحه وحين خلق الله حواء لتؤنسَ آدم وتكون رفيقته في مهمة خلافة الله في الأرض لم يخلقها كخِلقة آدم أي أن الله عزّ وجل لم يشكلها من طين هي الأخرى ولكن خلقها من أحد أضلاع آدم. خلق الله حواء من جزءٍ من جسدِ آدم ليتذكر آدم -وَذُرِّيَّتِهِ من بعده- أن حواء منه، قطعةً من جسده وحمايته لها هي كمن يحمي جسده.

ويذكرنا الله عز وجل بهذا في كتابه الكريم فيقول:

﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21)﴾ سورة الروم

 

فإذاً هو أمرٌ فطري أن ترى المرأةُ في الأب والأخ والزوج والابن الحماية والنصرة والسند فالرجل بما فضّله الله على المرأة يمتلك القدرةَ بمنحها الإحساس بالأمان وتطمئن نفس المرأة بأنها تملك الحماية المطلوبة بمجرد وجود الرجل بجانبها. لذلك أعطى الله للرجل حق القوامة لأن خلقته وطبيعته تؤهله للقيام بذلك الدور ولذلك كان السفر بمحرم واجب على المرأة من أجل حمايتها وضمان سلامتها.

فالفطرةُ إذاً أن يكون الزوج والزوجة سكنٌ لبعضهما يغلب على تعاملهما الرفق والرحمة والمحبة والمودة والتقدير.

والفطرةُ هي أن يكون الرجل سنداً ومسانداً للمرأة لا نداً أو عدواً لها يدفعه غروره المنبعث من كونه رجل ليجرها في المحاكم من قضية لأخرى من غير شفقة أو مراعاة.

والفطرةُ هي ألا يستغل الرجل قوته الجسدية لتشكل مصدر ضرر للمرأة فيرفع يده غير آبهٍ ماذا ستفعل تلك اليد وأي ضرر ستجلب على جسد ونفس تلك المرأة.

والفطرةُ هي ألا يمارس الرجلُ الضغوطات النفسية والعاطفية على المرأة فيسعى لأن يحرمها من فلذات كبدها ليس محبةً بهم وإنما نكايةً بأمهم.

والفطرةُ تقول أن الله ما قدّر لامرأة أن تكون هي مصدر الحياة لك فتحملك وهناً على وهن، تحتويك وتغذيك داخل أحشائها على مدى تسعة أشهر لتخرج لهذه الدنيا فتظن - ظلماً وتجبراً منك- بأنّه يحق لك أن تحرمَ امرأة لاحقاً من أن تحيا حياتها.

الفطرةُ باختصار هي أن يستوصي الرجلُ بكل النساء خيراً بدءًا بأمه وأخواته وزوجته وبناته. وأن يكرمهن فإكرام الرجل للنساء إنما يدل على كرمه هو وحسن خلقه وتمتعه بالرجولة ورسولنا الكريم عليه الصلاة السلام قال: " ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم" . فلا يمكن للكريم أن يؤذيَ أو أن يهينَ امرأة ومن سمح لنفسه بذلك فليعلمّ أن لؤمه هو ما دفعه لإيذاء تلك المرأة.

 

أن تختار- أخي الرجل- أن يكون نهجك عكس هذا كله فأنت بدورك تصبح مخالفاً للفطرة حتى وإن كنت تابعاً ومنفذاً لبعض عادات وتقاليد مجتمعك! فما أكثر المواقف التي يخالف فيها المجتمع بأسره الفطرة وللأسف لا أحد يقف ليسأل لا لشيء إلا لأنّ الأغلب يقوم بذلك.

كل عامٍ والرجالُ سندا لأمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم في يوم المرأة وفي كل يوم.

 

تعليق عبر الفيس بوك