قبل أن ينتهي يوم المرأة..!

 

تونس المحروقية

يأتي يوم المرأة العمانية في السابع عشر من أكتوير من كل عام وأنا سعيدة جدا بما تحقق لي على المستوى الشخصي كامرأة عمانية، سعيدة أيضا بمستوى الأمان لي ككائن مستقل لم يتعرض للمضايقة في خياراته أبدا، يستند على نفسه في كل شيء ولا يجد ما يمنعه من إنهاء أعماله في كل المؤسسات التي طرقها.

سعيدة بقدرتي على الحياة دون أن يكون لشخص ما صلاحية تحديد درجة التنفس التي أحتاجها فيزيدها كلما أراد وينقصها حتى أكاد أن أختنق عندما يعتقد أن الوضع بحاجة لذلك، فجواز سفري بيدي مليء بتأشيرات السفر التي تتيح لي السفر وحيدة متى ما قررت ذلك، وسيارتي في مرآب المنزل أقودها وقتما شئت، وراتبي تحت تصرفي الشخصي يتيح لي تملك ما أريده وفق إطاره، وعملي جيد أضيف له بمعرفتي ويملأني إحساسًا بتحقق ذاتي. 

سعيدة بكل ذلك وبتعليمي الذي منحني ثقة وقوة في انتزاع حقوقي ممن قد يرى أنّ أنوثتي بضعفها المتوقع قد تحول دون أن يكون لي صوت معبر يرجع لي ذلك الحق. 

قد يقول قائل هذا رائع إذاً، وهو فعلاً كذلك، لكنّ النساء في المُجتمعات ليست كلها حالة فلانة التي قد تكون مثالية ورائعة، فهناك الكثيرات ممن يحتجن اهتماما أو التفاتا لجوانب كثيرة في حياتهن ربما لم تتعرض لها فلانة ولم تخض دهاليزها، فهناك المرأة غيرالمتعلمة تعليما عاليا و التي تريد حضانة أطفالها وتواجه عراقيل تحول دون ذلك والأخرى ربة المنزل التي تواجه صعوبات في الاستمرار في حياة تخنقها مع شريك لا يوفر لها أدنى أسباب الحياة ولا تستطيع فكاكا من هذا الارتباط لأنّ عائلتها تهددها بأنّها لن تعولها في حالة طلاقها، وتلك الأرملة التي تعاني من ضعف الراتب التقاعدي لزوجها المتوفي والذي لا يكفي للصرف على الأبناء فتعمل في خياطة "الكميم" حتى يضعف بصرها، هناك أيضا الموظفة التي تترك طفلها قبل إتمامها شهرين من وضعها له في رعاية عاملة منزلية غريبة عنها لأنّ قانون العمل لا يمنحها أكثر من 50 يوم إجازة أمومة، وهناك من تزوجت بأجنبي بتصريح من الجهة المعنية لكنّها لاتستطيع أن تمنح جنسيّتها لأطفالها ولا حتى إقامة دائمة لهم حتى بعد طلاقها من ذلك الأجنبي وهناك من تحلم بأن يُعاد التفكير في تقليل سنوات التقاعد للنساء لأهميّة دورهن في المنزل وصعوبة مواصلتهن بكفاءة في المكانين وغيرها من الهموم والهواجس التي تشغل النساء في مختلف ربوع البلاد.

 لذا فإنّ يوم المرأة العمانية فرصة جيدة لنقاش هموم المرأة العمانية الموجودة في كل عمان بمختلف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وليست فقط تلك المرأة ذات حقيبة "جوتشي" وعطر "شانيل" والعباية من توقيع أفخم محلات العبايات، والتي تتصدر صورها في المجلات النسائية لأنّ شكلها جميل أو لأنها من أسرة غنية أو لأنّها سطحية بما يكفي لأن تجمع حولها عدد كبير من المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي فتصبح في يوم وليلة نجمة.

المرأة العمانية بإنجازاتها التي تستحق أن يحتفل بها وهمومها وهواجسها وإن صغرت التي تستحق أن تناقش ويتم وضع آليات وسياسات واضحة للتقليل منها أو إنهائها هو الموضوع الرئيسي الذي ينبغي أن يكون في كل احتفالاتنا في يوم السابع عشر من أكتوبر من كل عام، وليس التجمّع لتكريم جميلات متحققات لأسباب عديدة قد لا يكون اجتهادهن واحدا منها ثم يصفق الجمهور طويلا ونلتقي بكم في يوم المرأة القادم!

تويتر : @hlaa202020

تعليق عبر الفيس بوك