الجلسة الثانية من المنتدى تناقش التجديد في الاستدامة البيئية

خبراء المسؤولية الاجتماعية يشخصون تحديات تنظيم القطاع.. وغياب التشريعات والحوكمة في المقدمة

...
...
...
...
...
...
  • د.عماد سعد: مواطنة الشركات إحدى أدوات تطبيق المسؤولية المجتمعية في قطاع الأعمال
  • د.معتصم إسماعيل: المسؤولية الاجتماعية أكبر من مجرد جمع التبرعات

 

الرؤية - محمد قنات

حمل المحور الثاني من المُنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية عنوان "تحديات تنظيم قطاع المسؤولية الاجتماعية"، وقدم الدكتور عماد سعد استشاري استدامة ومسؤولية مُجتمعية بمعهد المحيط للتدريب الإداري ورقة بعنوان "مواطنة الشركات على قاعدة الشراكة بالمسؤولية الاجتماعية"، قال فيها إنَّ مصطلح مواطنة الشركات ظهر لأول مرة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي للتعبير عن التطور الذي طرأ في مجال اندماج الشركات مع المجتمعات التي تعمل فيها، وقد ظهر هذا المصطلح في مجال "التحول الاجتماعي لمنظمات الأعمال".

وأضاف أنه في الوقت الحالي اتسع المفهوم ليشمل المنظومة الإدارية للشركة وأثرها على العلاقة مع أطراف المجتمع والاعتراف بأنَّ الشركات تتحمل مسؤوليات اجتماعية وثقافية وبيئية تجاه المجتمع أو المحيط الحيوي الذي تعمل فيه على قاعدة الشراكة بالمسؤولية لأننا شركاء في المسؤولية والبناء لتحقيق التنمية المستدامة.

وأكد سعد أن مواطنة الشركات تعني أن الشركة تعد مواطناً باعتبارها شخصاً اعتبارياً، وتتصرف الشركات، وباعتبارها مواطناً يمتثل للقانون ويدفع الضرائب أو الرسوم، وبالتالي لها ما لها من الحقوق وعليها ما عليها من الحقوق وفق الأنظمة والقوانين الناظمة في كل دولة، وهو سلوك يؤدي بدوره إلى إنتاج خدمات وسلع تتسم بالأمان والتكلفة الاقتصادية ويخلق فرص توظيف أفضل وينمي الثروات ويوفر فرص التدريب والتعاون التكنولوجي، ويتبنى بعض القيم والمعايير القياسية الدولية المتصلة بطبيعة عملها.

وشدد على أنه نظراً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية وتزايد التفاعل بين الشركات وعملائها، أصبحت القضايا المرتبطة بمواطنة الشركات من حيث الحقوق والمسؤوليات من القضايا التي تشملها العمليات اليومية والإدارة الاستراتيجية للشركات الصاعدة. وتابع أنه يتضح ذلك في بروز موضوعات مثل دراسة الآثار المالية والاجتماعية والبيئية للسياسات المتبعة وإعداد تقارير الاستدامة؛ إذ تؤكد تلك الموضوعات الجديدة أنَّ القضايا المتعلقة بالبيئة والمسؤولية المجتمعية على سبيل المثال، تؤثر تأثيراً مباشراً في ربحية الشركات، كما تؤثر في نجاحها ومكانتها بالسوق. ويظهر ذلك بشكل واضح في الاقتصادات التي يكون المستهلكون فيها أكثر تدقيقاً واهتماماً بمثل تلك القضايا.

وأكد سعد أنَّ مُواطنة الشركات تمثل إحدى أدوات تطبيق ومأسسة المسؤولية المجتمعية في قطاع الأعمال- عام أو خاص- وتمكين المؤسسات أن تكون أكثر فاعلية وأثر إيجابي ضمن مُحيطها الحيوي بما يلبي رؤية عُمان المستقبلية 2040.

أما ورقة العمل الثانية من المحور الثاني فقدمها الدكتور معتصم إسماعيل مستشار بشركة إنجاز للتنمية بعنوان "التجديد في الاستدامة البيئية في سلطنة عُمان: الحاضر والمستقبل". واستعرض أهمية الابتكار في تسهيل التحول نحو الاستدامة البيئية في السلطنة، مسلطاً الضوء على ممارسات التحول نحو الطاقة النظيفة؛ سواء في الإنتاج أو الاستهلاك. وقال إسماعيل خلال ورقة العمل إن التحليل الذي تضمنته الورقة يستند إلى نظريات ترى في ممارسات الابتكار للاستدامة تحولًا تقنيًا اجتماعيًا، لذا لا يكفي فيها تطوير تقنيات جديدة، بل لابد أن يترافق ذلك مع تغييرات في العادات الاجتماعية وفي الأطر المؤسسية وفي نماذج الأعمال، بل وفي القوانين والسياسات العامة. وأكد أنَّ عملية التحول نحو الاستدامة البيئية أمر معقد يتتطلب مبادرات على مستويات متعددة وفي مجالات مختلفة، مع ضرورة التناغم والتكامل بين هذه المُبادرات للوصول إلى نتائج إيجابية. كما ناقشت الورقة الممارسات الحالية في قطاع الطاقة النظيفة في السلطنة، وقدمت عددًا من التوصيات لتطويره مستقبلا.

وعقدت الجلسة النقاشية الثانية بحضور الدكتور معتصم إسماعيل مستشار بشركة إنجاز للتنمية، وهلال السالمي كاتب متخصص في مجال المسؤولية الاجتماعية والاستدامة، والمهندس محمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات بشركة تنمية نفط عُمان، ومنى بنت سعيد الشكيلية مدير عام العلاقات الخارجية والاستثمار الاجتماعي بشركة شل للتنمية عُمان، وعاطف بن سليمان العلوي مدير الهوية التجارية والعلاقات ذات الصلة بمجموعة نماء والقائم بأعمال مدير دائرة الاستدامة بالمجموعة، فيما أدارت الجلسة شيماء اللواتية المؤسس والمدير العام لمؤسسة الوجهة للاستدامة.

واستهلت اللواتية الجلسة بالتساؤل عن الدور المنتظر من المسؤولية الاجتماعية بالشركات لدعم خطط الدولة التنموية، وقال دكتور معتصم إسماعيل إنَّ الشركات الآن تأثيرها واسع ولديها كثير من الموارد والخبرات، وهي مؤهلة بالقيام بهذا الدور وأن تسخر إمكانياتها لتقوم بدورها الاجتماعي باستغلال خبرتها التي اكتسبتها، خاصة وأن الشركات لها دور كبير تجاه المجتمع.

وتابع أنَّ المسؤولية الاجتماعية أكبر من مجرد جمع التبرعات وعلى هذه الشركات أن تقوم بعملها بطريقة مسؤولة مستدلا بمشروع مرآة بشركة تنمية نفط عمان وهو مشروع يتعلق بأعمال الشركة العادية، ولكن عندما يكون لديك مشروع ناجح سينعكس ذلك النجاح على المشاريع المجاورة له

وأضاف أن بعض المؤسسات الحكومية تقوم بدور فاعل بصورة كبيرة في دعم الشركات والبيئة العامة للتحول نحو ممارسات فعالة اقتصاديا واجتماعياً، واستدرك أن هناك بعض الجوانب في العمل الحكومي قد تعوق العمل نوعاً ما، وربما يرجع ذلك لأسباب خارجة عن إرادة المسؤولين عنها وهذه تحتاج إلى إصلاح حتى تتمكن الشركات من القيام بدورها، كما يجب التأكيد على أنَّ الشركات لا ترسم السياسات وهذا الأمر ليس دورها وهو دور حكومي وفي الجانب الآخر لا يُمكن أن يكون التدخل الحكومي في الشركات إلى درجة أن تصف إليها ماذا تفعل، والأمر ينصب حول التعاون العام بين الجانبين خاصة وأنهم يسعون إلى تحقيق أهداف موحدة، وفي سبيل هذا الأمر يجب أن يصلوا إلى التكامل والتناغم بدون صراع أو هيمنة جانب على الآخر.

وردا على سؤال مديرة الجلسة عن التحديات التي تواجه قطاع المسؤولية الاجتماعية، قال هلال السالمي إنَّ هناك ثلاث مرتكزات للمسؤولية الاجتماعية من خلال البحث على مدار عشرة سنوات لتقييم الوضع وأن المرتكزات وحتى الآن لا يوجد تشريع حتى الآن للمسؤولية الاجتماعية ولم توضح هل هي اختيارية أم إجبارية، وتوجد دراسة في هيئة سوق المال توضح وتشرح مجال المسؤولية الاجتماعية بالنسبة للشركات هل ستكون ضمن إطار حوكمة الجوانب المؤسسية إلى تسليط الضوء على الممارسين للمسؤولية الاجتماعية.

وأضاف أنه من خلال كل هذه الأشياء لاحظنا عدم وجود التخصصية وتكرارا في مشاريع المسؤولية الاجتماعية وعدم شموليتها ماعدا الشركات الكبرى في مناطق الامتياز أو مناطق العمليات، وهذا ما يترك مناطق أخرى لا تتم تغطيتها، وهنالك قصص نجاح كثيرة لشركات تم تضمينها في كتيب ويجب على الشركات الأخرى أن تقوم بمثل ما قامت به الشركات الناجحة حتى تعم الفائدة نطاقاً أوسع.

وتابع أن القطاع الأهلي حتى الآن لم يكتسب الممارسة المؤسسية وأن ما نراه هو عبارة عن مبادرات لأفراد تحتاج إلى أطر مؤسسية، على عكس مبادرات القطاع التجاري أو الصناعي التي تعتبر مبادرات مؤسسية قابلة للتنفيذ والقياس.

وزاد أنه من خلال الدراسات توجد مشاريع عديدة يمكن أن يتجه نحوها من أجل تحقيقها خدمة للمجتمع ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية ويمكن أن تكون متوافقة مع أجندة 2030 وبتنفيذ هذه المشاريع تؤكد اتساق السعي وراء تحقيق الأهداف الوطنية، ولازال التحدي قائماً وهو مانلمسه من خلال زياراتنا للشركات التي بها كفاءات عمانية وأن ما ينقصنا هو أن نعمل على رفع كفاءة المتخصصين في موضوع المسؤولية الاجتماعية. والاستدامة وهنالك بعض الوظائف يمكن أن يتم تعمينها بشكل أكبر، بحيث يكون العماني أكثر فهماً لاحتياجات البلد.

وحول دور مشاريع المسؤولية الاجتماعية في دفع عجلة التنمية، قال المهندس محمد الغريبي إن سن قانون للمسؤولية الاجتماعية سيسهم بصورة كبيرة في عملية المسؤولية الاجتماعية في الشركات والمؤسسات كونها ستكون ملزمة بتطبيق هذا القانون مما يدفع بالمسؤولية الاجتماعية وتأثيرها الإيجابي، وهنالك حراك بخصوص هذا الموضوع ونتطلع إلى ميثاق الاستدامة وفي هيئة سوق المال هنالك ميثاق لحوكمة شركات المساهمة العامة والمبدأ الثالث عشر ينص على المسؤولية الاجتماعية مع إجراءاته التفسيرية والتوجيهية واستدرك أنه عند طرح موضوع القوانين خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، يجب الانتباه إلى بعض الأمور منها أن المسؤولية الاجتماعية عمل تطوعي ذا التزام أخلاقي إن سن قانون خاص به يعني هذا تحويله من شكل تطوعي إلى شكل إجباري.

واشار إلى أن أي قانون يتم إصداره في هذا الجانب لابد أن يتكيف مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، بمعنى أن يدفع بالجانب التنظيمي أكثر من أن يقيد حركة إبداع الشركات في مجال المسؤولية الاجتماعية، وأن تكون الشركات قادرة ولديها مساحة كبيرة في مسألة اتخاذ القرارات في مواضيع مشاريع المسؤولية الاجتماعية حتى تتمكن من الابتكار في هذا الجانب ولا تكون مقيدة.

وأضاف أن تفعيل دور المسؤولية المجتمعية ليس بالضرورة يحتاج إلى قانون، هنالك وسائل أخرى تمت تجربتها خاصة في قطاع النفط والغاز ليس أقلها القيمة المضافة، التي لا زلنا نبهر بها الآخرين من حولنا بأنها تمَّت بكل هذا الإنجاز بدون أي قانون في السلطنة للقيمة المحلية المضافة وهو مبني على التشارك.

وانتقل الحديث في الجلسة إلى كيفية تحقيق أقصى استجابة ممكنة للمجتمع المحلي من برامج المسؤولية الاجتماعية، وتداخلت منى الشكيلية قائلة إنِّه لابد من خلق منصة تفاعلية مباشرة مع المجتمع للوقوف على احتياجاته مع الوضع في عين الاعتبار بأن تتلاءم هذه المشاريع التي يطالب بها المجتمع مع رؤية السلطنة وهذه نقطة مهمة لتنفيذ الأعمال الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية إلى جانب إشراك المجتمع في مثل هذه المشاريع، خاصة وأن المشاركة لها دور فعال في النجاح. وأضافت: هناك مشروع قامت به شل خلال الفترة السابقة ولازال قائماً وهو مشروع الطاقة الشمسية في المدارس وهو شراكة مع وزارة التربية والتعليم، وينفذ في عدد 22 مدرسة في السلطنة بواقع مدرستين في كل محافظة، والمشروع وضع في اعتباره نقاطاً مهمة تعتبر من ضمن توجهات السلطنة بإيجاد حلول بديلة للطاقة.

وتابعت أنه تم تأهيل رواد أعمال قادرين على تنفيذ المشروع بدلاً من البحث عن شركات ضخمة أوشركات خارجية، فحرصت الشركة على تأهيل رواد الأعمال المهتمين بمجال الطاقة على مراحل وأن المشاريع قائمة حيث تم تنفيذها في عدد من المدارس ولازال العمل مستمرا، كما أن الشركة لم تغفل موضوع الابتكار.

وذهب النقاش إلى عاطف العلوي الذي قال إن أهم مجالات المسؤولية الاجتماعية التي تتوجه إليها الشركات هي المجالات التي تعمل فيها؛ إذ إن التخصص في هذا المجال أمر مهم جداً، وبدأنا خدمة المجتمع في فترة جيدة وأن خدمة المجتمع حديثة في السلطنة مما أتاح الفرصة بأن نعمل على خطى ثابتة كل حسب تخصصه مما يجعل فرص التخصص تكون موجهة بالصورة السليمة إلى المجتمع مما يسهل عملية معرفة احتياجات المجتمع من أجل العمل عليها.

وأضاف: تم وضع سياسة واضحة فيما يخص العمل المجتمعي ووضعنا مشاريع واضحة نسعى إلى تحقيقها والخطوة التي نعمل عليها هي عملية التكامل مع الشركات الرائدة في هذا المجال ومع الجهات الحكومية وعلى المدى القريب سيتم إنزال هذا التكامل على أرض الواقع.

تعليق عبر الفيس بوك