ترامب والعدالة التجارية

محمد السالمي

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ اليوم الأول من انتخابه أنه سيتعامل مع العجز في الميزان التجاري، وأيضاً سيعمل على خلق الوظائف وذلك عبر إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية مع الصين وأوروبا وأيضاً اتفاقية نافتا. حيث يرى أنّ الشركاء التجاريين هم المستفيد الأكبر على حساب الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا ما حدث بالفعل حيث أقدم مؤخراً على فرض ضرائب على الواردات الصينية والتي تقدر قيمتها بـ ٢٠٠ مليار دولار. مما استوجب من الصين فرض ضرائب جوابية على الولايات المتحدة الأمريكية. وقد سبقه تصعيد من الولايات المتحدة تمثل في رفع الضرائب على واردات الحديد والألمنيوم والألواح الشمسية. هل ما فعله ترامب هو القرار الصائب؟ أم هو ضرب من الجنون؟ هل ستنجح هذه السياسات في خفض العجز في الميزان التجاري وخلق فرص العمل؟

بعيداً عن الحكم المسبق على الأمور؛ هناك العديد من الضرائب تلجأ إليها الدول لأسباب مختلفة مثل حماية الشركات المحلية ومثل إقدام أوروبا على حماية مزارعيها، أو لحماية المستهلك مثل الضرائب على السجائر، أو الأمن القومي، وغيرها من الضرائب. وما يهمنا هنا هو فرض الضرائب بحجة حماية الشركات والصناعات المحلية الذي برره الرئيس الأمريكي.  

ترامب ليس أول من أقدم على هذا النوع من الضرائب. ففي عام ٢٠٠٢ قام الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بفرض ضرائب على واردات الحديد. وفي المقابل، قامت الدول في أوروبا وروسيا، واليابان، والصين بفرض ضرائب جوابية. كانت النتيجة تراجع جورج بوش عن القرار بعد عام وذلك نتيجة تأثيره العكسي، والذي تمثل في ارتفاع البطالة وارتفاع العجز في الميزان التجاري. ويرجع سبب الفشل أنه عند فرض الضرائب لحماية شركات الحديد الأمريكية، فإنها أدت إلى زيادة أسعار السلع بطرق غير مباشرة. فالحديد يدخل في العديد من الصناعات، وارتفاع سعره سيؤدي بدوره إلى ارتفاع سعر المنتج النهائي. كما أنه سيقلل من تنافسية المنتج المحلي أمام المنافسين للآخرين في السوق المحلي وأيضاً في الخارج.

العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ازدهرت في عهد الرئيس كلينتون، والذي أسهم في انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، والذي بدوره أسهم بشكل فعال في دفع العجلة الاقتصادية للولايات المتحدة وكذلك الصين ولكن بوتيرة أسرع. تقدر التجارة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين حوالي ٧١٠ مليار في ٢٠١٧. حيث تشكل الصادرات الأميركية حوالي ١٨٧.٥مليار، بينما الواردات ٥٣٠ مليارا، وعند الخوض أكثر في البيانات نجد العجز في واردات السلع، وليس في قطاع الخدمات. كثير من الشركات أبدت تخوفها من قرار ترامب، والذي قد يهدد مصالحها في دول مثل الصين، والاتحاد الأوروبي. هذا النوع من السياسات التجارية هو وسيلة مكلفة لخلق فرص العمل ودعم الاقتصاد المحلي.

الضرائب في عهد ترامب هي أوسع وأشمل مقارنة بعهد جورج بوش، ولكن هل سينجح الرئيس ترامب بإعادة صياغة المعاهدات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين أم ستكون نتائجها عكسية؟.

تعليق عبر الفيس بوك