إبراهيم الهادي
لم يمضِ على رفع الدعم عن أسعار الوقود عام إلا وامتدت معها موجة من الركود التجاري والاقتصادي ليقرع خطر التضخم ناقوسه من جديد، فعند بداية كل شهر ترتفع أسعار الوقود حتى وصلت اليوم إلى الـ100%.
إنّ خطط "الرفع التدريجي" لم تعد تجدي في زمن تنكشف فيه مسارات طرق النمل، وأصبحت أسعار الوقود تثقل كاهلهم مئات الآلاف من الأسر والأفراد، فإلى جانب أن أسعار الوقود أصبحت مضاعفة فإنّ نوعية الوقود نفسه كما يراه الكثيرون تحرقه المسافات القريبة بشكل ملحوظ، وزد على ذلك ما صاحبه من ارتفاع في المشتقات الأخرى كسائل تغيير المحرك وغيرها، ونستغرب إلى الآن لماذا لم يطرح الغاز كوقود بديل للمركبات وخيار آخر رغم توفره لدينا في السلطنة، هل هناك مانع حقيقي رغم أنّه يساهم في تقليل التلوّث البيئي وأسعاره مقبولة، أم أنّ آلة البيروقراطية حالت دون تطبيقه؟
المواطن الذي لا يتجاوز دخله الشهري خمسمائة ريال وما دونها بات لا يستطيع مواصلة إنتاجه إلى منتصف الشهر؛ بسبب النفقات المرتفعة التي تحصد دخله كهشيم النار، فنسبة كبيرة من دخله تُصرف على تغذية المركبة بالوقود ومشتقاته الأخرى، وما يزيد الطين بِلة هو ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء بشكل لافت علاوة على الضرائب المتنوعة الأخرى التي لا يعلن عن الكثير منها إلا من خلال مفاجأة الفرد وإجباره مضطرًا على الدفع، ومن شهر أغسطس الماضي تمّ البدء بتوسعة ما يُسمى بنظام الدعم ليشمل من يتقاضى راتبا يصل إلى 950 ريالا على أن يكون محصورًا في وقود الـ91 العادي وهو 180 بيسة للتر الواحد أي الوقود نفسه الذي كان بـ90 بيسة ! ارتفاع يصل 100%، وللأسف معظم فئات المركبات غالبا ما تكون مخصصة لوقود 95 أو 98.
إنّ متوسط دخل الفرد يتراوح من 350 ريالا إلى 700 ريال واستخدام المركبات ضروري في ظل عدم وجود وسائل النقل الحديثة العامة كالمترو والقطارات.
وإلى جانب هذه الآثار المباشرة على الفرد في مسارات حياته فإنّ هناك آثارا أكبر في التجارة والاقتصاد ترتفع على أثرها المواد الاستهلاكية وغيرها وترجع مرة أخرى على جيب المواطن نفسه، كما أنّ الضرائب تفسد التجارة وتعيق حركة الاقتصاد إلى حد كبير، وهي تحصد ما بداخل جيب المواطن الذي يعد أداة أساسية في تحريك عجلة التنمية والاقتصاد.
من هنا نقول إذا كانت هناك أهداف وسياسات يرى المعنيون بالأمر أنّ لها آثارا إيجابية في رفع الأسعار فإننا نلفت عنايتهم إلى أنّه بالمقابل هناك من لا يستطيعون التماشي مع هذا الارتفاع الثقيل، كما أننا نرى أنه آن الأوان بأن تُثبّت أسعار الوقود إلى 150 بيسة لنوعي الوقود 91 و95 بدلا من الارتفاعات الشهرية هذه، لأنّ الأسعار العالمية للنفط غير ثابتة، وعلينا أن ندرك بأننا في دولة مصدرة لا مستوردة وأن يتم إدخال وقود 95 ضمن بطاقة الدعم ليكون الهدف فيه الوقوف الفعلي مع المواطن الذي يملك أي مركبة وليست المركبات ذات الوقود 91 فقط. وأخيرا فإنّ وسيلة الوقود بالغاز أصبحت ملحة في وقتنا الحالي فالجهود التي تبذل وبذلت في العمل على رفع الدعم عن الوقود نتمنى أن تكون نفسها مسلطة في إيجاد وسائل تفتح الأبواب أمام المواطن المستهلك؛ ليكون منتجا بدلا من أن يكون متذمرا عند سماعه عن ضريبة تقصف ظهر دخله الشهري.