عقدٌ على الأزمة المالية العالمية

محمد السالمي

أتممنا الآن عشر سنوات على الأزمة المالية العالمية والتي عصفت بالولايات المتحدة الأمريكية والعالم. فخلال الأزمة، فقد الملايين وظائفهم، كما تراجع النمو العالمي، مما أستوجب تدخل الحكومات في إنقاذ البنوك من التعثر. كان انهيار بنك ليمان برذرز، والذي يعد أحد أكبر البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة، أبرز عناوين هذه الأزمة.

والسؤال الآن، هل نحن على مقربة من أزمة عالمية جديدة، أو بالأحرى ما الذي عمله المشرِعون لتفادي مثل هذه الأزمات مستقبلاً؟

فالأزمة المالية العالمية ليست وليدة اللحظة. فحسب صندوق النقد الدولي، شهد العالم خلال العقود الأربع الماضية ما يقارب حوالي 150 حالة تتنوع بين أزمة مالية، وارتفاع في الدين العام، وفشل البنوك. من أبرز هذه الأزمات: الأزمة الآسيوية في ١٩٩٧، والأزمة التركية في ٢٠٠١، والأزمة الأخيرة في اليونان، ومن يدري قد تكون هناك أزمة أخرى تلوح في الأفق.

على الرغم من تعدد الأزمات، ألم يتعلم العالم من الدرس أو من التجربة، وكيفية تجنبها، لماذا لم يستطع الاقتصاديون التنبؤ بها؟!. لم يتوقع أبزر المتشائمين إفلاس بنك بحجم ليمان برذرز، والذي يعد أبرز حالة إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. فقد سجل البنك نموا في الأرباح لسنوات طويلة، حتى وصل سهمه في حالة الذروة لـ٨٥  دولارا. أهم أسباب انهياره هو اتخاذه لمخاطر كبيرة من القروض والتي كشفت عنها فقاعة الرهون العقارية، حتى مع إعادة هيكلة لوضعه المالي والذي تمثل في تسريحه لكثير من موظفيه، وبيع أصوله، وطرح أسهم جديدة، لم يستطع البنك تفادي الأزمة.  حيث وصلت التزاماته لأكثر من عشرة أضعاف رأس ماله.

عملت البنوك المركزية في العالم على سن العديد من التشريعات لتفادي مثل هذه الأزمات مستقبلاً. حيث صادق الرئيس الأمريكي أوباما على قانون دود فرانك، والذي يؤمل منه حماية المستهلك من تصرفات البنوك الخطرة، ولجعل النظام أكثر شفافية، حيث يشدد القانون على معايير الإقراض، ويحد من انخراط البنوك في التداول في سوق الأسهم. كما نشر بنك إنجلترا تقريراً يؤكد على ارتفاع أصول البنوك لمواجهة المخاطر، وانخفاض كبير في منح قروض قصيرة الأجل، ويشير التقرير أيضًا، أن البنوك الآن لديها المقدرة على مواجهة الأزمات المختلفة.  أما بالنسبة لقانون دود فرانك، فإنه لم يدم طويلاً حيث انقلب الرئيس دونالد ترامب بمُساندة من الحزب الجمهوري في مايو من هذا العام على القانون بحجة عدم فعاليته.

على الرغم من سن هذه التشريعات للسيطرة على أنشطة البنوك، إلا أن أنها أصبحت أكبر حجماً من السابق، حيث يقدر إجمالي الأصول في جي بي مورغان بحوالي 2.5 تريليون دولار مقارنة بـ 1.5 ترليون دولار قبل الأزمة. كثير من الاقتصاديين يؤكدون على قوة هذه التشريعات مقارنة بما كانت عليه في السابق، ولكن في حال حدوث أزمة جديدة فإنهم يتوقعون حدوث أزمة أكبر. وكما صرح ينس ويدمان رئيس بنك الاتحاد الألماني: إنه من الوهم الاعتقاد أن الحكومات يمكنها تجنب مثل هذه الأزمات مستقبلاً.

تعليق عبر الفيس بوك