حمود بن علي الطوقي
استفزني حوار في إحدى الجلسات عندما طرح أحدهم أن لدينا تمييز في وصف المواطن فهناك مواطن من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية، هذا الحوار بدأ يلوح في الأفق بين الفينة والأخرى ويتطلب أن نتوقف كمواطنين ومسؤولين وصناع قرار لنفي هذا الافتراء، فما أعرفه وأعلمه شخصياً أن المواطن العُماني هو كما هو مواطن يتمتع بكل حقوقه ويمارس كل واجباته ولا يُوجد تفريق في هذا النسيج الوطني.
إلا أنَّ المؤيدين للتفريق يَرَوْن أن المواطن لم يعد كما كان فأصبح فعلا هناك مواطن من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية بل وحتى الثالثة .
إذا ماذا تغير. وماذا حصل ولماذا يقفز هذا الافتراء علينا الآن؟ هل حقيقة يجب أن تقبل ونبحث عن أسباب في تمييز بين المواطنين، هذه كارثة بكل ما تعنيه الكلمة.
ما أعرفه ويعرفه كل مواطن عماني مخلص أنه عندما تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - مقاليد الحكم في عُمان في عام 1970 كان همّه توحيد الصف وغرس المحبة بين أبناء عمان وتعامل مع الجميع على أنهم مواطنون وأن كل خيرات عمان في سهولها وبحارها وجبالها سخرت من أجل أن يعيش المواطن العُماني في رغد من العيش، ومن خلال هذا الفكر الذي غرسه جلالة السلطان حتماً تحققت للمواطن مكانته في المجتمع وعمل الجميع كمواطنين على الرغم من اختلاف مشاربهم تحت لواء القائد المُفدى ملبين الدعوة من أجل بناء غد مشرق لعُمان.
هنا ندرك أننا كمواطنين نتربع على مكانة عالية في فكر جلالة السلطان قابوس- حفظه الله- فنحن- أي المواطنين- محور الارتكاز والجميع مواطنون من الدرجة الأولى بل الدرجة الممتازة حيث يعيش الجميع حياة كريمة مليئة بالنشاط والحيوية، إذًا ماذا تغير؟
لابد أن نبحث عن هذا الافتراء ونرفض وبشدة هذا التصنيف ونتمسك بأن المواطن العُماني مكانته كبيرة ولا يرضى جلالة السلطان أن تمس كرامته كونه يعيش في ظل رعايته الكريمة.
النظرة الثاقبة لجلالة السلطان لم تغفل تنمية قدرات المواطن العُماني، فقد شجعه ووفر له كل مسالك العيش ليكون منتجًا يعمل بجد واجتهاد دون تمييز، ونجد ذلك في إحدى مقولات جلالته - حفظه الله- وهو يشير إلى بناء دولة عصرية مكتملة الأركان "يد تبني ويد تحمل السلاح". من خلال هذه النظرة العميقة نجد أنّ جلالته حفظه الله يدعو الجميع من أبناء عمان أن يجعلوا من عمان بلداً نموذجيًا في الوحدة والمصير والتآلف والمحبة.
وفعلاً ظهرت الوحدة العمانية للعيان في تكاتف العُمانيين في السراء والضراء، وخير شاهد على ذلك التفاتهم لبعضهم البعض في مواجهة الصعاب ضاربين أروع الأمثلة في تحقيق مفهوم الوحدة الوطنية.
هؤلاء هم المواطنون ولا يمكن تصنيفهم أبداً، وإذا حدث ذلك فهناك خطأ أو أن البوصلة فقدت اتجاهها ولابد من إعادتها إلى اتجاهها الصحيح. وعلينا كمواطنين أن نرفض وبشدة تصنيفنا ونظل نتحدث أننا كلنا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات وكل من يحاول حرف هذا التوجه يجب أن يتحمل المسؤولية تجاه ذلك.
فكلنا نتذكر شجاعة العمانيين إبّان الأنواء المناخية التي دمرت جزءًا كبير من البنية التحتية في هذا الوطن الغالي، رأينا كيف تشابكت أيدي العمانيين ومضوا خلف قائدهم لإعادة بناء ما دمرته الأعاصير ووجدناهم كلهم على قلب رجل واحد يعملون بصمت لإعادة شموخ بلدهم وتحقق ما أرادوا لتعود عمان شامخة رافعة راية المحبة والرخاء من أجل أن يعيش المواطن في هناء ورغد.
إذاً ماذا تغير؟ يحب أن يكون ردنا على هذا التساؤل لم يتغير أي شيء وهناك حقيقة راسخة، يجب أن يعلمها الجميع خاصة من يَرَوْن أنفسهم من طبقة مواطن الدرجة الأولى هذه الحقيقة أثبتتها عقود من السياسة العمانية، التي أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى، وهي انعكاسات تدعو إلى التلاحم والإيمان بالسلام، والعمل به، والسعي نحوه، وإشاعته في مختلف المواقف، وهذا واضح في النهج العُماني الذي يدعو إلى المحبة، والنأي عن الدخول في صراعات وتحزبات وطروحات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع، مما جعل المواطن العُماني إيجابيًا ومؤثرا ويشار إليه بالبنان.
أخيراً نقول لا نرى إلا أن نكون كلنا مواطنون متساوون وعلى المسؤول أن يعي هذه الحقيقة ويعمل على أن يترجم هذه الحقيقة في أداء واجبه.
نحن هنا كلنا عمانيون وكفى.