ملامح تجديدية على الطريق لنجاح الإنماء المهني (3-3)

 

د. عبدالله المفرجي *

رفع كفاءة مُخرجات التعليم العالي

وفي هذا الصدد، قد يسأل أحدكم عن المخرج من هذا الوضع، وهنا نقفُ على مجموعات من المقترحات لتطوير العمل والارتقاء به نحو الأفضل؛ وهي كالتالي:

1- اختيار مدربين من ذوي الخبرة لنقل المهارات والمستجدات الحديثة المعززة بالتكنولوجيا التعليمية. فكم نتفاجأ في بعض الأحيان حين نحضر دورات وبرامج تدريبية نكون كمتدربين على معرفة ودارية بالموضوع أكثر من المحاضر نفسه، وأحيانا نشارك في استعراض قراءة صفحات الباوربوينت وتمريرها بسرعة كبيرة للانتهاء من البرنامج، وأخذ صور تذكارية لنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وضمها إلى إحصائيات الإنجازات التدريبية السنوية للمنظمة التعليمية، والواقع طبعا الصور لن تتكلم بما حدث فعلا.

2- إنشاء قسم بالمؤسسة التعليمية يُعنى بالتدريب وتقييم العائد التدريبي، وسوف يكون معنيا بمتابعة البرامج التدريبية قبل وأثناء وبعد التنفيذ؛ للتأكد من جدواها ومبررات تقديمها والفئة المستهدفة، وتحديد الحاجة الفعلية لبرامج الإنماء المهني للمعلمين. على أن يتم تصميم برامج التنمية المهنية بمشاركة المعلمين فهم شركاء في صياغة محاورها ومجالاتها؛ فقراءة الواقع التعليمي تنبُع من قناعاتهم وقدرتهم على رصد مكامن النقص والخلل، والورش التقليدية تفشل في هذا الأمر.

3- تفعيل الممارسات العكسية من أجل الاستفادة من خبرات وتجارب الأخرين وتبادل الأفكار والعمل التعاوني؛ وذلك عن طريق إعداد جدول لتبادل الزيارات الميدانية في الفصول بين أعضاء الهيئة التدريسية وتنفيذه، مع بث روح التعاون بينهم.

4- نشر محاضرات المحاضرين المتميزين بين الأقران ليتم الاستفادة منها، ومن طرق التدريس الحديثة المعززة بالتكنولوجيا، كما تمَّ تطبيقه في كندا في فترة من الفترات، فآتى ثمارًا يانعة؛ فقد تدرب المعلم على أساليب التدريس الفعالة، واستفاد الطالب بأن استطاع فهم المقرر بأيسر أسلوب، وأقل وقتا وبجودة عالية.

5- تصميم مُنتدى نقاش بين المعلمين عبر بوابة المؤسسة التعليمية أو استخدم أدوات التواصل الاجتماعي كالواتساب أو الفيسبوك أو توتير أو سنابتشات... إلخ؛ لتبادُل الخبرات والتجارب الحية والمعارف.

6- العمل على تعيين المحاضرين المتفرِّغين المؤهَّلين للتعليم بمعيَّة المحاضرين الزائرين المتميزين، وتزويدهم ببرامج الإنماء المهني المستمر، ورفدهم بأحدث طرق التدريس الحديثة والفعالة. أما أسلوب البحث عن العمالة الرخيصة، فيُعتبر جناية في مستقبل شعب وتعليم ضعيف؛ فلا بد من تعزيز مهنة التدريس وإنصاف المعلم معنويا وماديا.

7- تحديد مستويات المحاضرين المعرفية لوضع خطة مُحكمة تلبِّي احتياجاتهم المهنية، وتسد مكامِن القُصُور؛ فهي بمثابة حجر الأساس لتطوير المنظومة التعليمية.

8- تحديد أهداف وموضوعات البرنامج التدريبي بطريقة مُنظَّمة وعلمية ترقى بالمعلم، وترتب البرامج التدريبية بحسب الأولويات وفقاً للاحتياجات المهنية للمعلم.

9- تجهيز مكان التدريب بالمستلزمات التدريبية الحديثة.

10- التقويم الدَّوري لما تم إنجازه على أرض الواقع؛ لمعرفة مواطن القوة وتطويرها، ومواضع الضعف وتحسينها وتجاوزها.. فلا تطوير دون تقويم فعال مستمر.

11- فتح منصة تعلمية إلكترونية عبر الفصول الافتراضية لتدريب المحاضرين على مدار الفصل الدراسي، وتزويدهم بالتعليمات والكفايات المهنية للمعلم. فيما يخص طرق التدريس وإستراتيجياته ونظريات التعلم والتعليم، وتوظيف التكنولوجيا في المواقف التعليمية؛ مواكبة لروح العصر.

وفي ضوء ما سبق، يُمكن القول إنَّه لا بد من إرساء شراكة فعلية بين المؤسسات البحثية والأكاديميين ليتم الاستفادة من مخرجات الأبحاث العلمية وتوصياتها وتوظيفها في الحقل التربوي؛ فالممارسة البحثية تؤدي لتطوير الكفايات التدريسية، وتُسهم في تطوير مستويات المتعلمين والمعلمين؛ لأنها تقوم في الغالب على الجرأة في التجريب، وكذلك لا بد من الاستفادة من التجارب الأجنبية والتي لها فضل السبق، وذلك بترجمة الأبحاث والدراسات المميزة وجعلها في متناول المعلم للاستفادة منها. كما لا بد من غرس ثقافة التنمية الذاتية لدى المعلمين بالقراءة والبحث والاطلاع على أحداث الدراسات العربية والإجنبية فيما يخصص المناهج وطرق التدريس وتكنولوجيا التعليم، ومن الأفضل هنا أن نضع في الحسبان التقنيات الحديثة التي تساعد المعلم على تحصيل المعارف والعلوم من منابع أخرى كالمنصات التعليمية، ومحركات البحث، ومنتديات النقاش مع ذوي الخبرات من جميع أقطاب العالم، والمواقع التربوية عبر الإنترنت؛ بُغية الاستفادة من الخبرات الناجحة في مجال التعليم وتوظيفها على أرض الواقع.

 

* دكتوراه القانون العام وباحث ماجستير تربية تخصص تكنولوجيا التعليم

تعليق عبر الفيس بوك