صيانة الموارد البشرية

علي العبيد عبد الله


تحتاج الأجهزة والمعدات والمباني، وما في حكمها، إلى صيانة دورية؛ لضمان استمرارية صلاحيتها وتدفق عطائها؛ سواء كان هذا العطاء ماديا أو في شكل خدمات ومنافع عامة. وبالمقابل، يحتاج الناس إلى نوع من الصيانة تلائم طبيعتهم، تحديدا شريحة الموارد البشرية العاملة، وبالطبع تمثل هذه الشريحة أهمية مُقدَّرة في دائرة الإنتاج والخدمات؛ مما يتطلب إخضاعها لبرامج متخصصة لضمان رفع قدراتها وزيادة إنتاجيتها.
وتخضع الموارد البشرية إلى برامج صيانة مستمرة لتحسين بيئة العمل، وتنظيم ساعات الدوام بصورة علمية، وتوفير وسائل الرعاية الصحية، وزيادة معدلات السلامة المهنية، والتأهيل المهني؛ بما يُسهم بصورة مباشرة في تحفيز العاملين، ورفع قدراتهم الفردية بحسبان أن بيئة العمل المناسبة والسليمة لها وقع إيجابي على مستوى الأداء والإنجاز، ويشمل ذلك ترتيب وتنظيم مقر العمل من حيث منافذ التهويه والإضاءة الكافية والمساحات المناسبة لحركة العمل الداخلي، وتوفير مخارج الطوارئ وخلافه من التعامل الإنساني الراقي مع العاملين؛ مما يصبُّ إيجابا في نفوسهم، ويعزز روح الانتماء لجهة العمل عامة كانت أم خاصة.
وفي هذا الإطار، ياتي دور برامج الرفاهية الاجتماعية، وأثرها في تقليل رتابة العمل الروتيني، وخلق مناخ ودي بين العاملين لدفع عجلة الأداء، من خلال قناعات ذاتية، وليس بسبب الحاجات المادية فقط.
وهناك جوانب أخرى تحتاج إلى صيانة دورية توفر المزيد من عوامل الإنتاج، وتقديم الخدمات بصورة متكاملة لأصحاب الأعمال والعملاء على حدٍّ سواء، ويتمثل ذلك في نظافة مكان ووسيلة الإنتاج والنظافة الشخصية للعامل نفسه، مع إيجاد قاعات طعام داخل مقر الشركات؛ مما يدفع العاملين لعدم الخروج بإذن أو بدون إذن؛ بحثا عن المقاهي والمطاعم الخارجية، بما يُهدر من وقت الدوام الرسمي.
ومن الأمور التي تلقي بظلالها الوارفة على العاملين توفير السكن المريح داخل مقار الشركات والبعض يتطلع إلى منحهم قروضا لتشييد أو شراء مساكن تتناسب مع درجاتهم الوظيفية وسنوات خبرتهم العملية، مقابل استقطاع مبالغ شهرية من رواتبهم. ومن أهم برامج الصيانة البشرية: الرعاية الصحية التي تقوم على ضوابط واسس وقوانيين ولوائح متعارف عليها دوليا، تفرضها الاهتمامات المتنامية بصحة العامل ولياقته الطبية لطبيعة المهنة، والعمل المؤدَّى من قبله، ويعتبر الحرص على صحة الفرد العامل قيمة إنسانية مُقدَّرة.
كما أن وسائل السلامة المهنية -كونها مكونا أصيلا من برامج الصيانة البشرية- فإن تفعيلها عمليا يقلل حوادث وإصابات العمل أثناء قيام الأفراد بأداء مهام وواجبات وظائفهم، ويتبع ذلك بلا شك الضمان الصحي والتأمين ضد أمراض المهن المحتملة، كما أنَّ وضع أنظمة التقاعد المتكاملة ومنح المكافآت والحوافز المالية يُسهم في تعزيز برامج الصيانة البشرية.
ويأتي عنصر التدريب والتأهيل المهني ضمن أولويات برامج صيانة الكادر البشري؛ بما يرفع معدلات الكفاءة والمهارة، ويولد لدى العامل الرغبة الممزوجة بالقدرة العملية على زيادة الإنتاج والابتكار، بقناعة متاصلة في النفس، وليس بسبب اللوائح والقوانيين فقط التي تفرض عليه من قبل الإدارات وجهات الإشراف العليا، وهذا النهج يسهل على أصحاب العمل الكثير من الصعاب التي قد تطفو على السطح بين الفينة والأخرى بسبب الرقابة الصارمة والجزاءات الحازمة التي لا يقابلها نوع من أنواع التحفيز والتشجيع المعنوي والتقدير المادي.


* خبير تدريب

تعليق عبر الفيس بوك