تسارع تقنيات الإعلام الجديد

محمد بن علي البدري
 


إنّ المتابع لمنصات التواصل الاجتماعي وتسارع تقنياتها والتحديث المتسارع لميزاتها وخصائصها تجعله يدرك تماما مدى اتساع البيئة الرقمية المتنوعة بحضور الأفراد والمؤسسات والمحتوى والرسائل التي تبثها المؤسسات المختلفة.
لذا فإنّ عملية تقييم أحد هذه الجوانب بات يعتمد على مؤشرات تحددها سياسات هذه المؤسسات في استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وينعكس عليها حضور وتفاعل هذه المؤسسات في هذه المنصات مع الجمهور ومع القضايا التي يتم طرحها ومن ثم سيكون من السهل تفهم طبيعة هذه المنصات والجمهور والمحتوى المقدم عبرها.
بلاشك فإنّ توفير محتوى ملائم للجمهور المستهدف هو تحد تعالجه المؤسسات ببناء استراتيجيات تحقق أهداف حضورها في التواصل الاجتماعي، وبمراجعة شاملة لهذه الاستراتيجيات والخطط، وتعززها بتحليل نشاطها في هذه المنصات وهو ما يضع أمامها وامام جمهورها أرقاما مؤشرات تعكس جهودها والقيمة الحقيقية لوجودها في هذا الفضاء الواسع.
إلا أنّ الاستعانة بادوات مجانية ونسخ تجريبية لهذه الأدوات لا تقدم في غالب الأحيان نتائج دقيقة نظرا لمحدودية إمكانياتها في الوصول للجمهور وللمشاركات لذا لا تقدم تحليل حقيقي وموضوعي ومنطقي لنشاط هذه الحسابات وبالتالي تظلم جهود فرق قائمة بعملها في إعداد المحتوى الذي يتناسب مع سياساتها واستراتيجياتها.
تابعنا في الفترة السابقة مقارنات لحسابات حكومية محلية مع غيرها من الحسابات الحكومية في دول أخرى، ولعل آخرها هذه المقارنات أنموذج الباحث خميس أمبوسعيدي المنشور في صحيفة سبق الإلكترونية السعودية والتي استخدم الباحث فيها أداة social elephant وهي أداة تقوم بتحليل نشاط الحسابات، وتعقد مقارنات بين مؤشرات الأداء للحسابات "المتابعين، التغريدات، التفاعل، النشاط وغيرها" واستخدمها الباحث لمقارنة حساب التواصل الحكومي العماني مع حساب التواصل الحكومي السعودي.
وبلا شك فإنّ جهد الباحث أعطى تحليلا لشهر دون ان يشير إلى الفترة الزمنية بالتحديد، ومن خلال المقارنة المنشورة يتضح أن الباحث اختار فترة نشر فيها حساب التواصل السعودي ٧ تغريدات بينما لم ينشر فيه نفس الفترة حساب التواصل الحكومي العماني.
أيضا فإن استخدام نسخة تجريبية مجانية social elephant لا يمكن الحكم بقطعية صحة نتائجها، وقد عايشت تجارب مماثلة باستخدامي لأدوات تحليل مجانية كانت تعطي قراءات خاطئة لأنها لا تمنحك صلاحية الوصول الكامل للمحتوى والجمهور، وتكون محدودة بغية جذب المستخدم لتحميل وشراء النسخة الكاملة.
من جانب آخر وباستخدام أدوات أخرى للتحليل سواء خلال فترة محددة أو لمجموع المنشورات تتضح الأفضلية لحساب التواصل الحكومي العماني وهو ما تم تجربته مع أداتين: Klear و soternder؛ حيث أوضحت الأداتين خلال شهر أن هناك كثافة في النشر لدى حساب التواصل الحكومي السعودي مقارنة بالتواصل العماني وهو أمر يرجع لسياسة الحسابين وتبعية كل منهما حيث أن الحساب السعودي يتبع وزارة الثقافة والإعلام في حين أنّ حساب التواصل الحكومي العماني يتبع مجلس الوزراء.
وبالتالي فإنّ نشاط النشر ونوعية المحتوى لا يمكن مقارنتها خصوصا إذا ماعلمنا أنّ في سلطنة عمان هناك دوائر وأقسام إعلام تتولى مهمة الأنشطة الإعلامية المختلفة لمؤسساتها في أكثر من 100 مؤسسة حكومية وهناك وزارة للإعلام لديها انشطتها ايضا، لذا فإن عملية التحليل يجب ان تراعي شمولية التواصل الحكومي العماني إذا ما راعينا حجم المنظومتين وتبعيتهما المؤسساتية. ومنها قد نفهم مبررات كثافة النشر المتباينة بين الحسابين، كما أن كم المحتوى المنشور وكثافته لا يعد مؤشر على وجود تفاعل.
ومن خلال ملاحظة التفاعل الموجود في التغريدات يتضح حتى لغير المختصين أن أرقام التفاعل ترجح الحساب الحكومي العماني في تفوقه من حيث المؤشرات المختلفة وحتى دون الحاجة لاستخدام أدوات التحليل.
أخيرا وعبر تحليل أجريته على الحسابين في فترة قبل المقارنة التي نشرها الباحث خميس لآخر١٠ أيام يظهر تفوق الحساب العماني على السعودي في الرد والتفضيل والرتويت.
وبلاشك فإن تحليل الباحث خميس هو بمثابة مفتاح لتشخيص الواقع الحالي لنشاط مركز التواصل الحكومي وغيره من المؤسسات وهو جهد يحسب له مع أهمية الانتباه للأدوات والأساليب التي يجب استخدامها في التحليل، وأهمية استخدام منهجيات علمية في التحليل تنتج عنها نتائج حقيقية، حتى ننطلق منها نحو أفضل الممارسات في توظيف منصات التواصل الاجتماعي عبر تقديم المحتوى الرقمي الأنسب لهذه المنصات.

M.albadri1990@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك