عمرو عبد العظيم
ما زلت أتذكر تلك المحاضرات بكلية التربية حول صدمة المدرسة الابتدائية ورغم مرور العديد من السنوات إلا أن تفاصيلها ومحاورها باقية في ذاكرتي، حيث كانت كلمات الدكتور سيد متولي أستاذ أصول التربية في موضوع صدمة المدرسة الابتدائية تلامس قلوبنا وتذكرنا باليوم الأول لنا في المدرسة الابتدائية، ذلك اليوم الذي لا ينسى ولا يغيب عن مخيلتنا، فلقد امتزجت فيه مشاعر متباينة بين صدمة الوضع الجديد والمجتمع المدرسي غير المألوف وبين مشاعر الفرحة بدخول المدرسة، وقد غلبت مشاعر الخوف والصدمة مشاعر الفرح في حقيقة الأمر، ولعل القارئ الكريم له تجربة مشابهة لتلك التجارب التي يتعرض لها الطفل عند دخول المدرسة الابتدائية تختلف في درجتها وطبيعة موقفها والخبرات السابقة لها وطبيعة المجتمع ونوعية الأسرة ومستوها التعليمي والاجتماعي وغيرها.
إن هذه المشاعر التي يتعرض لها الطفل في يومه الأول تكن نقطة تحول كبيرة وخطيرة في مجريات حياته التعليمية مستقبلاً، فقبل الحديث عن طرق تخفيف صدمة اليوم الأول يجب علينا جميعًا أن ندرك أنه لابد من أن يسبق دخول الطفل للمدرسة إعداد نفسي واجتماعي وإن كان مبسطًا.
فهذه الحالة النفسية تكون مشتركة بين جميع الأطفال في هذا اليوم وتختلف حدتها من طفل إلى آخر لكنها تصيبهم جميعًا دون استثناء إلا ما ندر، فذلك يرتبط بدرجة الإعداد المسبق لهذه الصدمة، حيث يؤكد علماء النفس أن هذه الصدمة تخف درجتها عند الأطفال الذين درسوا بمرحلة رياض الأطفال أو الحضانة على أقل تقدير لما لذلك من كسر لحاجز الخوف والقلق من الاندماج في مجتمعات جديدة بها أقرانه في نفس العمر وبنفس الخصائص ويتشابهون في الكثير من الاحتياجات النفسية والجسمية والعقلية.
ومن هنا ننصح الآباء بضرورة أن يعدوا الطفل لهذا اليوم ويدربوه جيدًا على خوض هذه التجربة التي تمثل نقطة انتقال في حياته ونمط مختلف مغاير لما اعتاد عليه من الفوضى واللعب وعدم الاكتراث بتعليمات الوالدين، فلابد من تحبيبه في المدرسة وفي المعلمات وتقديم بعض القصص الإيجابية حول المدرسة.
ومن النصائح البسيطة أيضًا مرور الطفل مع أحد الوالدين أمام المدرسة التي سيلتحق بها ويشيرون إليها ويمدحونها له ويخبروه بأنه سوف يتعلم فيها صنوف العلوم المختلفة وستتطور مهارته في الحياة من خلال وجوده فيها وغيرها من الأمور التي تجعل الطفل يزداد تعلقه بالمدرسة، ويبقى الأسلوب الأفضل هو إلحاق الطفل بمرحلة الروضة واتباع خطوات سليمة أيضًا معه عند التحاقه بها حتى لا يواجه صدمة هناك محتملة أيضًا.
علينا مشاركة الطفل في اختيار ملابس المدرسة والحقيبة والأقلام والدفاتر قبل دخول المدرسة مما يمثل خطوات تمهيدية تجعل من عملية التحاقه بالمدرسة أمرًا سلسًا وطبيعيًا بدرجة كبيرة.
يمثل الفراق عند باب المدرسة بين الطفل والوالدين أمرًا حاسمًا في هذه الصدمة حيث يجب عليهم توديعه بعد الجلوس بعض الوقت معه حتى يطمئنوا أنه سينخرط مع زملائه ويجب اخباره بأنّ هذا الوداع مؤقت لحين انتهاء اليوم الدراسي، وتجنب زيارة الطفل خلال اليوم الدراسي حتى لا يتعود على ذلك ويبدأ في الصراخ والبكاء بغية أن تطلب المدرسة حضورهم إليه.
ومن هنا لا نغفل دور المدرسة الرئيسي في التخفيف من هذه الصدمة حيث يجب على المعلمين تفهم هذه الظاهرة النفسية لدى الطفل وتعلم طرق التغلب عليها، وينبغي على المدرسة تخفيف العبء الدراسي وساعات وجود الطفل في الأسبوع الأول بالمدرسة وجعل اليوم الأول كحفل مبسط لاستقبال طلاب الصف الأول أو مرحلة رياض الأطفال، نسأل الله أن ينزع الخوف والصدمة من قلوب أبنائنا، وأن يجعل قلوبهم مطمئنة للمدرسة وأسأله سبحانه أن تسهم هذه الكلمات في التخفيف من صدمة المدرسة الابتدائية.