المادة أثقلت كاهلهم

 

أسمهان الهنائية

أعظمه أيسره

رابطة أسرية أجازتها كل الشرائع السماوية وجاء الإسلام مؤكدا لها، أكرم الله بها خلقه لتكون أساسا للبناء الاجتماعي وحفظا للنوع البشري، كما أنها سُنة كونية لله في خلقه جميعا، لكن الأمر يبدو أكثر تعقيدا مع بني البشر؛ نظرا للعادات التي انتهجوها والتي حالت بينهم وبين تحقيق هذه العلاقة التي تعد من أقدس العلاقات وأوثق العقود.

الأمر يبدو أكثر وضوحا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لا سيما الخليجية منها التي عُرف عنها الترف الباذخ في مراسم الزواج؛ حيث الشروط الخيالية التي ترافق مسيرة الزواج من جانب أهل الفتاة التي باتت قيودا تكبل الشاب لا به له من أن يتحملها حتى لا يخيب ظن أحد أو يقصر بحق العادات والتقاليد: المهر، الذهب، الشقة، قاعة الحفل، الهدايا والسفر لقضاء شهر العسل.. كلها من أشهر مُتطلبات الزواج التي يبالغ فيها الكثيرون، وكل هذه المطالب المادية تكون سببا إمَّا في تيسير الزواج أو إبطاله.

لا شيء يحفظ قوام مجتمعاتنا ويحميها من الانهيار كعلاقة الزواج التي بها يتحقق الاستقرار النفسي ومبتغى السلوى المنشود، وتتحقق المودة والرحمة والإلفة بين الزوجين، ولتعلموا أن الزواج شركة مؤسسها الرئيسي الرجل وشريكته الأساسية الزوجة ضمن دستور أول بنوده تفعيل مبدأ الشراكة لا الفردية، وإيمان الطرفين بحقوق وواجبات بعضهما، كما أن هذه العلاقة الوثيقة فيها ما يكمل نصف الدين ويحقق التكامل والرقي، ويحسِّن الأخلاق ويهذب السلوك، ويحقق ما فيه من الفائدة الجمَّة للصحة النفسية والجسدية للزوجين.

وحينما فقدنا إيماننا بهذه الفوائد، وسرنا على خُطى ما تطرحه موضة الغرب المكلفة، انحرف المسار الأخلاقي في مجتمعاتنا، فاتجه البعض إلى ارتكاب الحرام والممارسات البهيمية التي لا تتفق مع فطرة المسلم السليمة؛ فكانت النتائج وخيمة، ضحيتها شباب وفتيات معولٌ عليهم حمل راية الوطن، على الرغم من أن الغرب يتجهون حاليا إلى الزواج وترك العزوبية رغم الانفتاح والحرية الواسعة التي يعيشون في كنفها، بعدما تبين لهم أنه من أعظم ما يحفظ أمان واستقرار المجتمع.

من يُعيد سابقة مجتمعاتنا التي كانت معروفة بأعراسها البسيطة غير المكلفة، في ظل الخط التصاعدي الذي تسير عليه تكاليف الزواج حاليا، والتي باتت تُصرف عليها آلاف الريالات تيمنا بعادات غربية دخيلة كانت سببا في تحويل علاقة الزواج هذه من أعظم علاقة إلى علاقة ينفر منها الكثيرون؟!!!!

ماذا لو طَبقت هذه المجتمعات تعاليم الدين، وأصبحنا نحتفل بأعراسنا ببساطة دون تكلف؟! من يُعيد صياغتها ويخلص شبابها العازفين من هموم وتكاليف الزواج التي أثقلت كاهلهم وينقذ العوانس من عنوستهن؟! ماذا لو تخلصنا من منظومة التباهي والمفاخرة والرفاهية المادية التي نعيش ضمنها.. حتما ستعود الحال كما أقرها الإسلام، ووفق ما أمر به ميسر ومحبب ومرغوب، لكنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

Alhnayyasmhan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك