الفنان القطري موسى زينل يسرد مسيرته المسرحية.. ويشيد بالتجربة العمانية

...
...
...
...
...
...
...
...

 

◄ المسرح في قطر نشأ واستمر أهليا

◄ تضاعف العروض المسرحية العمانية دليل على قوة الفن

 

مسقط- الرؤية

 

نظمت الجمعية العمانية للمسرح، لقاء مسرحيا استضافت فيه الفنان القطري الذي يزور السلطنة زيارة خاصة موسى زينل بحضور عدد من المسرحيين العمانيين الذين اقتربوا مع الفنان موسى زينل من التجربة المسرحية القطرية وبعض القضايا التي تشغل المسرحين الخليجين حيث كان ذلك في مقهى القهوة أسطول البن بالخوض.

وقال زينل في حديثه إنه يراهن على المسرح العماني وما زال يراهن، مضيفا: "في مهرجان الخليج الثالث في أبو ظبي لم تأخذ الفرقة العمانية المشاركة أي جائزة فتأثر الشباب تأثرا كبيرا وبكى بعضهم، فطلبت منهم أن لا يبكوا، وأخبرتهم أن عمان هي مستقبل المسرح، وذلك لإيماني بالتنوع الثقافي والديموغرافي الموجود في عمان والمنعدم في باقي دول الخليج إضافة إلى التناغم الموجود في عمان، فعمان ليس فيها حساسيات من أي نوع، لا بسبب العرق ولا بسبب المذاهب، ولم يظهر ذلك في توجه المؤسسات الرسمية ولا في توجهات المثقفين". وتابع: "لديكم فرق مسرحية متداخلة من كل عمان ومؤكد أن لديكم فرق مناطقية في المقابل، لكن هذه المناطقية أعطتكم التنوع الذي له أثره على المسرح أعلم أنني لا أتكلم بمثالية والمجتمع المثالي لكن هذه كانت فكرتي عن عمان منذ تلك الفترة لذلك أقول أن عمان هي المستقبل".

وبسؤاله عن سبب غياب تتويج العروض العمانية إذا ما تم اعتبار التتويج أحد مقاييس الجودة، فقال إن الجوائز ليست مقياسا حقيقيا، فالممثل في هذه المسرحية وفي هذا المهرجان أبدع بينما في مسرحية أخرى لم يحالفه التوفيق، ودعوني أضرب لكم مثالا بمهرجان القاهرة العربي الذي أقيم لمرة واحدة لموازاة التجريبي، أخذ ابني جاسم البطاشي جائزة أفضل ممثل دور ثان، ولم يكن هناك ممثل دور أول في المهرجان فعد جاسم نفسه الأول. واستدرك قائلا: "أعتقد أن هذه الجائزة أضرت بجاسم ولم تنفعه وهذه وجهة نظر محب ومتابع، لذلك أعود وأقول الجائزة ليست مقياسا، وهنا أسأل من جانب آخر هل تعود الجمهور العماني على الذهاب للمسرح؟ أعتقد أن الإجابة ستكون لا، حاله في ذلك حال بقية مسارح الخليج  فنحن لم نطل المكث في المسرح حتى داهمنا التلفزيون أما الغرب فكان المسرح جزء من حياته الاجتماعية، فهذه العادة لم تتأصل في الخليج فهل العماني استثناء؟".

فيما أجاب مدير الندوة المؤلف والمخرج المسرحي محمد خلفان عن هذا السؤال بقوله: نشر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الصحفي احصائيات أشارت فيه إلى أن العروض المسرحية في السلطنة تضاعفت بنهاية عام 2017 بنحو 3 أضعاف لتبلغ 132 عرضا مقارنة بـ41 عرضا بنهاية عام 2016، وأشارت الإحصائية نفسها إلى أن عدد المسارح بالسلطنة ارتفع بنسبة 75% ليبلغ 14 مسرحا مقابل 8 مسارح في نفس الفترة الزمنية. كما سجل عدد الحضور في العروض المسرحية زيادة نسبتها 15% ليبلغ 147 ألفا و730 متفرجا بنهاية 2017 مقارنة بـ128 ألفا و950 متفرجا بنهاية 2016، فيما انخفض عدد مقاعد المسارح؛ حيث بلغ 36 ألفا و495 مقعدا من 42 ألفا و750 مقعدا بنهاية 2016.

وتحدث محمد خلفان عن المهرجانات المسرحية المتواصلة طوال العام، وأشار إلى أن المسرحيين العمانيين يفخرون بأن الجلسات التعقيبية لا تقل أهمية عن العروض حيث أن الجمهور يحضر هذه الجلسات بشغف كبير رغم أنه متذوق للعروض المسرحية لا مسرحي سواء أكان هاويا أو متخصصا. كما أشار إلى مهرجان المسرح الكوميدي في مهرجان صلالة السياحي الذي يحضره 5000مشاهد في العرض الواحد. وأضاف الفنان طالب محمد أن المسرحيين العمانيين يرتحلون إلى المهرجانات الخليجية والعربية على حسابهم الخاص، وقال: خلال السنوات الأخيرة تحرك المسرح العماني كثيرا فالمهرجانات في كل المؤسسات والجامعات والفرقة المسرحية لذلك صار لدينا تصاعد مسرحي حقيقي ولدينا تصاعد كبير في العروض الكوميدية فقد أمست تقام خارج مراكز المدن الكبيرة وأضاف: يبقى لدينا أن يتوفر الدعم المسرحي الحقيقي الذي يذهب إلى الجاليات أكثر مما يذهب لأبناء البلد وذلك بسبب سيطرة هذه الجاليات على مجالس الإدارات في الشركات، لكن استطيع أن أختم حديثي بقولي نحن بخير.

الفرقة المسرحية القطرية الأولى

وأبرز زينل بداية المسرح القطري، وقال: في المرحلة الابتدائية في الخمسينات والستينات استطعنا من خلال وجود بعض المدرسين العرب من الذين كانت لديهم هواية التمثيل أو ممن درس التمثيل أصلا من سوريا ومصر استطعنا تقديم عدة مسرحيات منها "إسلام بلال" مثلا حينها كنا في المعهد الديني، وكان معنا هناك الاستاذ محمد موجه اللغة العربية الذي أعد تاجر البندقية وأضاف زينل: لعبت دور اليهودي ولعب محمد عبدالله الأنصاري دور التاجر وهذا ما أريده من ذكر هذه القصة حيث أنني أريد أن أقول أن الأنصاري هو الرائد الحقيقي للمسرح القطري فعلي يده أنشئت أول فرقة تم الاعتراف بها أهليا خاصة وأن المسرح في قطر نشأ أهليا واستمر أهليا، وكان دور وزارة الإعلام ثم الإعلام والثقافة ثم المجلس الوطني ثم وزارة الثقافة هو الدعم والرعاية دون تدخل في قرارات الفرقة سواء أكان التدخل من حيث الانتخابات أو من حيث ما تقدمه الفرقة. والأنصاري خريج المعهد الديني أولا ثم الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وكان والده الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري أحد علماء قطر المعروفين.

وأدار الأنصاري بعد تخرجه معهد المعلمين، وكنت حينها وكيل مدرسة إعدادية، أملك في دار المعلمين أكثر من مسرحية منها "صقر قريش" بهذا تمكنت الهواية من الشباب، وعندما تخرجوا من المعهد تجمعوا وطلبوا من المدير عمل فرقة مسرحية كان منهم محمد الرميحي وعلي حسن وسيار الكواري وكل رموز المسرح الذين أصبحوا لاحقا كتابا ومسرحيين، تم إنشاء الفرقة المسرحية برئاسة الأنصاري لكنه لاقى ضغوطا من المجتمع وربما من القيادة معللين الأمر بأنه خارج عن دوره المنوط به باعتباره دراسته، فتحدث إلي الأنصاري وقال لي: " هؤلاء أبناؤنا وأنا لا أطمئن إلا إن كانوا تحت عينك" فترأست الفرقة لمدة عام بعدها عدت إلى مصر للدراسة.

القصة الحركية بذرة

وعن مشاركته المسرحية، قال زينل: كنت غاويا للمسرح منذ المرحلة الدراسية الأولى سواء أكان ذلك من خلال حفل الختام للعام الدراسي أو من خلال معسكرات الكشافة، كنا نحول بعض النكت والطرف إلى مشاهد مسرحية، وكان المعسكر يقاو قريبا من منطقة راس بو عبود القريبة من الدوحة، وكان الأهالي كلهم يذهبون إلى المعسكر في المساء؛ لرؤية أولادهم، ولم يكن التلفزيون موجودا في ذلك الوقت، كما كان يقام في قطر نهاية كل عام معرضا عام كل المدارس يعرض فيه الأولاد منتجاتهم التشكيلية ( الرسم والأشغال) والمنتجات الزراعية، كما يقام معه المهرجان السنوي الذي يشتمل على عدة فقرات فنية منها أزاهير الربيع للأطفال، والقصة الحركية وهي نوع من المسرح لم ننتبه إليه نحن المؤرخين للمسرح فقد كان عبارة عن تمثيلية كبيرة في الاستاد كله، مرة عن حرب فلسطين ومرة عن ثورة الجزائر كانوا الشباب يقفزون من خلال حلقة النار، ويعملون التحية للضابط الفرنسي الذي يمر أمامهم، يشرف على القصة الحركية أستاذ تونسي، ولكان لهذه القصة دور في غرس بذرة التمثيل والمسرح في قطر.

التضحية بالثقافة

وعن أبرز المراحل التي مرت بالمسرح القطري، أشار زينل إلى فترة الخمسينات التي نشأ فيها نادي الجزيرة التابع لشركة شل؛ حيث تجمع بعض الشباب منهم عطية الله النعيمي ومعه رفاقه المعدودين الآن من رواد المسرح القطري، كما نشأ نادي الطليعة من قبل مجموعة من الشباب الذين ينتمون للتوجه البعثي في ذلك الوقت بتأثير المدرسيين السوريين والعراقيين الموجودين في قطر، مارس الشباب في نادي الطليعة العديد من الأنشطة الثقافية وعملوا مسرحا داخل النادي، وكانت لديهم فرقة موسيقية بقيادة الموسيقار عبدالعزيز ناصر – رحمه الله-.

وزاد بالقول: نشأت لاحقا أربع فرقة قطرية مدعومة من الدولة هي: القطري والأضواء والسد والفرقة الشعبية للتمثيل لموسى عبدالرحمن- رحمه الله- وعندما حدثت الأزمة الاقتصادية في التسعينات طُلب إجراء خصومات كبيرة على الموازنات، وكان الوزير الكواري في ذلك الوقت هو المسؤول عن المسرح وهو من طُلب منه تخفيف الموازنات برفع الدعم عن الفرق المسرحية والشعبية وإلغاء مجلة الدوحة ومجلة الأمة الرائدة في المجال الديني الوسطي. ويقول زينل متأسفا على ذلك بالقول: "حدثت الوزير وسألته: دكتور هل ترضى أن يقال عنك أن شطبت الثقافة بجرة قلم؟ قال: ماذا أفعل وهذا المطلوب مني؟!".

وأضاف: اتفقنا في النهاية على تقليص المجموعات في الفنون الشعبية والمسرح وتم الانضمام بين فرقة السد والأضواء وخرجت لنا فرقة الدوحة والقطري والشعبية وخرجت لنا فرقة قطر المسرحية وحمل موسى زينل وزر التقليص، واستمر العمل بفرقتين مسرحيتين إلى فترة طويلة إلا أن البعض لم ينسجم من الدمج –وهذا حقه طبعا- فشكل إحباطا كبيرا لهم وحاول البعض التأقلم مع ذلك الأمر، ثم قدمت مطالبات بإرجاع الفرقة المسرحية ومع الالحاح وكتابة المقالات في الصحف تمت الموافقة على فرقتين إضافيتين فظهرت فرقة الغد، وفرقة الوطن.

مهرجان الدوحة

وبين زينل: إجمالا لا يوجد لدينا موسم مسرحي، وكان الاعتماد الكبير على مهرجان الدوحة المسرحي، ولابد أن أقول أن قطر هي الدولة الأولى التي احتفلت باليوم العالمي للمسرح وكان ذلك في 1981، من خلال مهرجان مصغر في ليلة واحدة في النادي التابع لشركة شل، كانت كل فرقة تقدم عملا مسرحيا وكنا نستضيف عددا بسيطا من الضيوف في كل عام، استضفنا الماغوط وعلي سالم وسمير العصفوري، كانوا يشاهدون العروض ويقدمون ندوات حول المسرح حتى ظهر مهرجان الدوحة الثقافي أيام الشيخ سعود بن محمد رئيس المجلس الوطني يومها، كان المهرجان ضخما، فيه أعمال ومسرحيات عالمية وعروض أبروالية من كل دول العالم فابتلع مهرجان المسرح حتى خفت صوت المهرجان الثقافي فأعدنا المهرجان المسرحي تحت مسمى مهرجان الدوحة المسرحي.

ومضى الفنان القطري زينل يقول: "وفي أواخر فترة الدكتور حمد الكواري طلب مني أن أكتب تقريرا عن المسرح في قطر فكتبت وقلت ’إن المتتبع للمسرح في قطر سيجده في حال نكوص‘ والأسباب إلغاء المسرح المدرسي المصنع الذي يمدنا بالمواهب والجمهور فالطالب الذي لم يمارس المسرح كهواية كان يحب الذهاب إليه لأنه شاهد عروضا مسرحية كما أنه لا يجد لدينا كيان تدريسي للمسرح، وانقطعت البعثات الدراسية في مجال الفنون خاصة وأنها كانت كلها تتجه للغرب لكن الشباب لم يكونوا يجيدون اللغة الإنجليزية جميعهم فلماذا يذهب إلى هناك ويضيع سنوات من عمره حتى يتعلم اللغة ففضل الدخول إلى المسرح والتلفزيون، لم يذهب أي طالب لمعهد الفنون في الكويت أو مصر منذ 15 سنة.

الدعم الحكومي غير المشروط

وعن الدعم قال زينل: الآن أصبح لدينا دعم مادي حكومي منذ أن احتضنت وزارة الإعلام ثم بعد ذلك وزارة الإعلام والثقافة المسرح، وله عدة صور، فالحكومة وفرت مقارا للفرق، وكانت الدولة تتحمل أجر وتكاليف ممثلات من الخارج عندما كانت لدينا أزمة في العنصر النسائي بالإضافة إلى الدعم المباشر لكل مسرحية، فالدعم موجود لكننا كنا نطالب بالزيادة رغم استغراب زملاءنا العرب من المبالغ المدفوعة للمسرح وكان ردي عليهم "الممثل يصل إلى البروفة بمرسيدس كوبيه فماذا سأعطيه؟!" أما الإيجابي الذي وجد لدينا في هذه الفترة فهي كلية المجتمع التي تخدم الجهات المختلفة في الدولة، واستطاع سعد بورشيد مع الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس الكلية أن يعمل برنامجا للمسرح لمدة سنتين وهذا ما كان وقد درسه فيه الدكتور سعيد السيابي من عمان والآن يدرس فيه الدكتور عبدالكريم جواد. ولدينا الآن مركز تطوير المسرح الذي يعمل فيه غانم السليطي مستشار الوزير لشؤون المسرح وصلاح الملا وهما لديهما صيغ جديدة تحاول تجاوز مهرجان الدوحة حسب قناعتهما وفي النهاية أتمنى لهما التوفيق.

تعليق عبر الفيس بوك