"دبا عبر التاريخ".. إصدار معرفي يرصد المراحل الحضارية للولاية

مسقط - العمانية

 دبا واحدة من ولايات محافظة مسندم وواجهتها الجنوبية على بحر عُمان، وتتميز بموقعها الجغرافي حيث تمثل قوسا بحريا ضيقا لمروحة فيضية تطل على بحر عُمان، وفي ذات الوقت تشترك فيه بعمق جبلي جيولوجي متضرس متداخلة فيه السلاسل الجبلية للحدود الغربية والجنوبية الغربية لشبه جزيرة مسندم مع دولة الإمارات العربية المتحدة. ولدبا مكانة تاريخية لا تخفى على أحد.

 ولأجل إبراز الشخصية الحضارية والتاريخية للولاية فقد أصدر المنتدى الأدبي في العام 2016م، كتابًا حمل عنوان "دبا عبر التاريخ" والكتاب توثيق للدراسات التي قدمت في الندوة التي أقيمت يومي 11و 12 من نوفمبر من عام 2014م، في حصن دبا بمحافظة مسندم.

وتنوعت الدراسات التي ضمها الكتاب منها ما تناول جغرافية دبا، وأبرز المعالم الأثرية فيها، كما تطرقت بعض دراسات الكتاب للحديث عن الموروث الشعبي في دبا، واتجهت دراسة لإظهار المكانة الاقتصادية لدبا قبل عصر النهضة، كما عنيت دراسة أخرى برصد التحولات التي حظيت بها دبا في عصر النهضة المباركة.

ويتناول بحث جغرافية ولاية دبا للدكتور علي بن سعيد البلوشي الخصائص الجغرافية لدبا وخاصة تلك المتعلقة بالملامح الطبيعية والسكانية.

ويهدف البحث من خلال تناول جغرافية دبا إلى إيضاح أهم تلك الملامح ودور الخصائص الطبيعية والسكانية في إبراز الشخصية المتفردة لها بالنسبة إلى باقي ولايات السلطنة بشكل عام وولايات محافظة مسندم بشكل خاص.

ويعتمد البلوشي في دراسته على المنهج الوصفي الذي يعتمد على توظيف الدراسات المكتبية السابقة عن الولاية والدراسات المشابهة وكذلك على المنهج التحليلي الذي يعتمد على تحليل البيانات المناخية والهيدرولوجية والجداول السكانية وتحليل الخرائط الطوبوغرافية والجيولوجية والخرائط المتعلقة بتوزيع التربة والنبات الطبيعي، كما تم تتبع البيانات التفصيلية الخاصة بالتعدادات السكانية والاقتصادية والزراعية الأخيرة ذات العلاقة بالولاية.

ويدرس الباحث علي بن محمد بن أحمد الشحي المعالم الأثرية في ولاية دبا. حيث توقف عند عدد من المعالم الأثرية ما بين حصون وقلاع وأبراج وبرك مائية وقبور تاريخية ونقوش ورسومات تاريخية ومواقع أثرية. ولعل من أبرز ما تذكره المصادر التاريخية العربية عن دبا سوقها الذي يُعد من أبرز أسواق العرب حيث يشير الأصمعي إلى أنه سوق من أسواق العرب بعُمان وملتقى التجار من جزيرة العرب وغيرها. ومن أبرز القلاع قلعة سقطة الواقعة في قمة جبل بمنطقة سقطة، وقلعة القليعة في منطقة القليعة، وقلعة طوي الحلة في منطقة طوي الحلة بالقرب من مطار دبا، قلعة العقبة والتي تسمى محليًا السيبة، وقلعة الشيخ محمد بن صالح الكمزاري الشحي. أما أهم الحصون في ولاية دبا فعديدة منها حصن دبا الذي يقع في منطقة دبا البيعة، وحصن الحاجر في منطقة الحاجر. كما تتناثر في ولاية دبا الأبراج الأثرية المختلفة، ومنها أبراج سبطان في منطقة سبطان الجبلية، وأبراج حوسر التي تقع في منتصف الطريق على وادي خب الشامسي، برج الخطمة في منطقة الطوية. وفي دبا مقابر تاريخية مثل مقبرة الغرابية ومقبرة تب الخطيب الواقعة في منطقة كرشا.

أما الدكتور راشد بن محمد بن عبدالله حروب الشحي فيبحث في مجال الموروث الشعبي العادات والتقاليد بولاية دبا، وتنقسم هذه الدراسة إلى بابين؛ يتناول الباب الأول الموروث الشعبي غير المادي. ويتكون هذا الباب من أربعة فصول. حيث يدرس الفصل الأول العادات الخاصة بالزواج وكرم الضيافة حمل السلاح وادخار الدم والاحتفال بالنيروز وعادات الانتقال. ويركز الفصل الثاني على العادات الدينية المُرتبطة بالحياة الاجتماعية، بينما الفصل الثالث فيدرس الفنون والألعاب الشعبية. أما الفصل الرابع فيدرس الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب. أما الباب الثاني يتجه للنظر في الموروث المادي، ويتكون هذا الباب من ثلاثة فصول. فتم تخصيص الفصل الأول للحديث عن اللباس وأثره الاجتماعي في دبا، والفصل الثاني يدرس المهن والحرف التقليدية من بناء البيوت والزراعة وتربية الحيوانات. أما الفصل الثالث فيدرس المهن الخاصة بصناعة السلاح والسعفيات والنجارة وصناعة الجلود والصناعات النسائية.

     وتتعرض الباحثة د. عائشة بنت سليمان الشحية في بحثها عن دبا في عصر النهضة لدراسة التغيرات التي طرأت على قطاعات خدمية في ولاية دبا خلال العهد الزاهر الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ويقوم البحث على إبراز التحديث الحاصل في مجالات التعليم والصحة والخدمات الحكومية الأخرى والمتمثلة في مشاريع البنية الأساسية مثل خدمات الطرق والنقل والخدمات البلدية والأراضي والاتصالات والكهرباء والمياه.

     أما الباحث إبراهيم بن عبد الخالق الرئيسي فيستعرض لمحات من الحياة الاقتصادية في دبا قبل عصر النهضة، حيث يتطرق إلى الأسواق وبنائها وموقعها وملكيتها، ووسائل وطرق نقل البضائع واستيرادها وأصناف وأنواع البضائع المصدرة من دبا والمستوردة إليها. كما يتطرق إلى أنواع العملات التي كانت مستخدمة في دبا وأبرز الشخصيات التجارية المعروفة في دبا.

تعليق عبر الفيس بوك