بالتزامن مع الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين عُمان والصين

سفير الصين: بكين تثمن دور السلطنة في إنجاح منتدى التعاون الصيني العربي

...
...
...
...
...
...
...
...
  • تعاون فعال لإقامة شبكة لوجستية ذهبية تربط بين آسيا الوسطى وشرق أفريقيا
  • قروض بـ 3 مليارات دولار من بكين لرابطة البنوك الصينية والعربية
  • التنسيق لإنشاء الممر الاقتصادي الأزرق ومركز التعاون البحري وتطوير الصناعة البحرية
  • توفير 10 آلاف فرصة تدريب للشباب العربي في مختلف التخصصات
  • دفع التعاون في مجالي النفط والغاز والطاقة المنخفضة الكربون

 

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

عقد سعادة يو فو لونج سفير جمهورية الصين الشعبية المعتمد لدى السلطنة مؤتمراً صحفياً أمس للحديث عن مجريات ونتائج الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي. وقال سعادته في المؤتمر إن الصين تقدر عاليًا للسلطنة دورها المهم في إنجاح أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، والخروج بمقترحات وخطط عمل بناءة. موضحًا أن الاجتماع حمل عنوان التشارك في بناء "الحزام والطريق" والعمل معًا من أجل السلام والتنمية، وركز على آلية تقوية علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية في العصر الجديد.

وقال سعادة السفير إن الاجتماع شهد حضور ما يقارب 300 ممثل عن الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وأمانتها والجهات المعنية الصينية، وبحث الجانبان سبل تنفيذ مشروع "الحزام والطريق" وتعزيز التعاون المشترك، بما يرسم خططا عريضة للعلاقات الصينية العربية في العصر الجديد، مشيرا إلى توقيع "الإعلان التنفيذي للمشاركة في بناء "الحزام والطريق". كما ألقى فخامة شي جينبينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية خطابا مهما في الجلسة الافتتاحية، التي حضرها معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية لسلطنة عمان على رأس الوفد العماني.

وقال سعادته إنَّ العام الجاري يوافق الذكرى الـ40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسلطنة عمان حيث يعد الأمر حدثا هاما في تاريخ تطور علاقات البلدين. وفي 25 يونيو الماضي، تبادل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- وفخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ برقيات التهاني وأعلنا في نفس اليوم وبشكل مشترك إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العمانية. وعلى مدى أربعة عقود منصرمة، ظل البلدان يتبادلان الاحترام والمعاملة بالمساواة حكومة وشعباً بما عزز الصداقة بين الشعبين ودفع التطور السريع والشامل للعلاقات الثنائية، وأحرز الجانبان نتائج مثمرة في إطار التشارك في بناء "الحزام والطريق" مما عاد بالمنافع الملموسة للبلدين والشعبين.

ويشارك الجانب العماني بشكل نشط في مشاريع بناء "الحزام والطريق" ويقوم بالمواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" و"الخطة الخمسية التاسعة" و"رؤية 2040"، ويتخذ التعاون في الطاقة الإنتاجية ومجال الاستثمار مضمونا مهما والتعاون في مجال الطاقة عمادا أساسيا للتعاون العملي بين البلدين، ويوسع دائرة التعاون المتنوع على أساس المنفعة المتبادلة في حقول البنى الأساسية والحدائق الصناعية والسكك الحديدية والمواني ومحطات الكهرباء والخدمات اللوجستية وغيرها، ويدفع بنشاط التعاون المالي وإجراء التبادلات الإنسانية المختلفة. إن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية سيشكل ضمانا سياسيا قويا لتطور علاقات البلدين، ويؤدي إلى إحراز مزيد من النتائج في تعاونهما لبناء "الحزام والطريق"، وستحافظ على مصالحهما المشتركة في القضايا الإقليمية والدولية مما يرفع علاقات البلدين إلى مستويات أعلى باستمرار.

ويعد العهد الرابع لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسلطنة عمان عهد ترقية النوعية ورفع السرعة من حيث تطوير العلاقات الثنائية، خصيصًا منذ عام 2013، عزز البلدان التعاون على كافة الأبعاد متمحورين حول بناء "الحزام والطريق" وحققا تقدما إيجابيا في كل المجالات. فيجب على الجانبين اغتنام فرصة إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية لتوثيق التواصل والتناسق وترسيخ قاعدة الثقة الاستراتيجية المتبادلة وترجمة الشراكة الاستراتيجية على أرض الواقع. وأيضًا يجب على الجانبين مواصلة تبادل الدعم في القضايا التي تخص المصالح الجوهرية والاهتمامات الكبرى للجانب الآخر، ودفع عملية التشارك في بناء "الحزام والطريق" والتعاون في الطاقة الإنتاجية بسرعة أعلى.

وأوضح سعادته أنَّ فخامة الرئيس الصيني أشار في خطابه بالجلسة الافتتاحية للمنتدى إلى أنَّ الصداقة الصينية العربية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتتجدد على مر الزمان. رغم أن الأمتين الصينية والعربية يفصلهما البعد الجغرافي، غير أنهما مثل أفراد في عائلة واحدة، خاصة وأنهم شركاء في طريق الحرير القديم، حيث قطعنا مسافة بعيدة للتواصل التجاري والشعبي، وكنا رفاق الطريق في النضال من أجل الاستقلال الوطني والتحرر الشعبي، حيث وقفنا كتفا بكتف وشاركنا في السراء والضراء، وكنا أصدقاء في مسيرة تنمية بلداننا، حيث تبادلنا الدعم وتعاوننا للمنفعة المتبادلة، في هذه المسيرة، رسمنا صفحات باهرة للتعاون والتنافع .قد أثبت التاريخ والتجارب، أننا شركاء وإخوة طيبين ودائمين يتبادلون المنفعة. وأعلن فخامة شي أنه بعد التشاور الودي بين الجانبين الصيني والعربي، اتفقا على إقامة علاقات شراكة استراتيجية صينية عربية قائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة ونحو المستقبل الأفضل، إن الأمر يمثل نقطة انطلاق جديدة للتعاون الودي الصيني العربي.

وقال سعادة السفير إن اتجاه التعاون الصيني العربي يتمثل في 4 نقاط؛ أولاً: تعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، ويحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون والتشاور مع الجانب العربي حول مواضيع كثيرة مثل تعزيز السلام عبر تحقيق التنمية والأمن الجماعي والإغاثة الإنسانية والملاحة في الممرات البحرية ومنطقة خالية من الأسلحة النووية. وبهذه المناسبة أعلن أن الجانب الصيني يطلق خطة خاصة لدفع إعادة الإعمار الاقتصادي المدعومة بالنهضة الصناعية ويوفر قروضا بقيمة 20 مليار دولار أمريكي لتعزيز التعاون مع الدول التي تحتاج إلى إعادة الإعمار. لتنفيذ المشاريع التي تخلق فرص عمل وترسخ الاستقرار وفقا للمبادئ التجارية. وستقدم الصين المساعدات الإضافية للشعوب في سوريا واليمن والأردن ولبنان بقيمة 600 مليون يوان صيني للأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار، وستبحث مع دول المنطقة عن إمكانية تنفيذ مشاريع بقيمة مليار يوان صيني لدعم قدرة الدول المعنية على صيانة الاستقرار.

وأشار إلى أنَّ النقطة الثانية تتمثل في تحقيق الحلم للنهضة؛ حيث يتمتع العالم العربي بموقع جغرافي متميز وموارد طاقة متوفرة يجب على الجانبين المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية لما له من المزايا المتكاملة والمصالح المتشابكة، بما يربط حلم الأمتين العظيمتين للنهضة بشكل وثيق. يجب الإمساك بالترابط والتواصل كالقاطرة. يحرص الجانب الصيني على المشاركة في بناء موانئ الدول العربية وشبكة السكك الحديدة العربية المرتقبة، ويدعم الجانب العربي لإقامة شبكة لوجستية ذهبية تربط بين آسيا الوسطى وشرق أفريقيا والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. يجب علينا العمل سوياً على إنشاء الممر الاقتصادي الأزرق وبناء مركز التعاون البحري وتطوير الصناعة البحرية ورفع القدرة على توفير الخدمات العامة في البحر. كما يجب علينا إنشاء الممر الفضائي للمعلومات في إطار الحزام والطريق، وتطوير التعاون في مجال الفضاء ودفع نظام "بيدو" للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية وتقنيات الأقمار الاصطناعية للاستشعار عن بعد والأرصاد الجوية للمساهمة في تنمية الدول العربية، يجب العمل على دفع التعاون في مجالي النفط والغاز والطاقة المنخفضة الكربون للدوران كعجلتين، يجب علينا مواصلة نمط النفط والغاز بلس في التعاون وتعميق التعاون في السلسة الصناعية بأكملها التي تشمل التنقيب عن النفط والغاز والاستخراج والتكرير والتخزين والنقل. ويجب مواكبة ثورة الطاقة العالمية والتطوير السريع للصناعات الخضراء والمنخفضة الكربون، وتعزيز التعاون في مجالات الاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكهرومائية، والعمل سوياً على إقامة معادلة التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة التي يقودها النفط والغاز وتتبعها الطاقة النووية مع التنمية المتسارعة للطاقة النظيفة، وإقامة علاقات التعاون الاستراتيجي الصيني العربي في مجال الطاقة التي تقوم على المنفعة المتبادلة والصداقة المُستدامة.

ويجب العمل على تطوير التعاون في مجالي المالية والتكنولوجيا المتقدمة والحديثة للطير بــ"الجناحين". ويجب علينا البحث في كيفية توظيف دور التكنولوجيا المتقدمة والحديثة كالمحرك ودور التعاون المالي كالدعم الخدمي، بما يهيء ظروفاً مواتية لبناء "الحزام والطريق" على الأمدين القصير والطويل، وإيجاد نمط التعاون المالي والتكنولوجي الذي يلبي حاجات الشرق الأوسط ويعكس خصائصها.

وأكد سعادة السفير أن الجانب الصيني يدعم إنشاء إطار مالي للتعاون في الطاقة الإنتاجية وتوسيع القنوات الاستثمارية والتمويلية المتنوعة لبناء المناطق الصناعية ودفع التنمية الثلاثية المتمثلة في خدمة المناطق ونمو الشركات والدعم المالي، يدعم الجانب الصيني مؤسساتها للأوراق المالية للتعاون مع صناديق الثروات السيادية العربية ومؤسسات لإدارتها، لإنشاء منصة التداول الدولية التي ترتكز على الخليج وتغطي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتجذب المستثمرين من كل أنحاء العالم، سعيًا لتحقيق التدفق الحر للعناصر والتوزيع الفعال للموارد والتكامل العميق للأسواق، خدمة لبناء "الحزام والطريق". من أجل دفع التواصل والتعاون بين المؤسسات المالية، سينشئ الجانب الصيني "رابطة البنوك الصينية والعربية"، وسيزودها بقروض خاصة للتعاون المالي بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي.

وقال سعادته إن الجانب الصيني يحرص على مواكبة الخطط الاستراتيجية للدول العربية للتنمية المتوسطة والطويلة الأمد، وتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والمواد الجديدة والأدوية الحيوية والمدن الذكية. ويجب علينا تنفيذ برنامج الشراكة الصينية العربية لعلوم والتكنولوجيا وإنشاء مختبرات مشتركة في المجالات الرئيسة ذات الاهتمام المشترك. ويجب تسريع بناء طرق الحرير السيبراني سعيًا لمزيد من التوافق والنتائج للتعاون في مجالات البنية التحتية السيبرانية والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية والتجارة الإلكترونية.

أما النقطة الثالثة، فقد أشار إليها سعادته بالحديث عن تحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك؛ حيث ستلتزم الصين بتعميق الإصلاح على نحو شامل وتلتزم بالانفتاح على الخارج كالسياسة الوطنية الأساسية، وتلتزم ببناء الوطن مع إبقاء الباب مفتوحاً. وفي السنوات الخمس القادمة ستستورد الصين ما يزيد عن 8 تريليونات دولار أمريكي من البضائع وتستثمر 750 مليار دولار في الخارج، الأمر الذي سيأتي بفرص تعاون أكثر وفوائد حقيقية للدول العربية. يجب علينا مواصلة التوظيف الكامل للقروض الخاصة بدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط والقروض الميسرة ودفع الشركات الصينية للمشاركة في تطوير المناطق الصناعية وبنائها وتشغيلها وجذب الاستثمار لها بما يعزز التجمع الصناعي. وترحب الصين بمشاركة الدول العربية في الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد التي ستقام في شنغهاي في نوفمبر القادم، وستعمل على تحقيق مشاركة جميع الدول العربية في هذا المعرض وغيره من المعارض الشاملة للتجارة والاستثمار. تحرص الصين على دفع المفاوضات مع مجلس التعاون الخليجي وفلسطين بشأن منطقة التجارة الحرة بخطوات عملية، كما تحرص على البحث مع المزيد من الدول العربية في إمكانية توقيع اتفاقية التجارة الحرة الشاملة.

وأبرز سعادته النقطة الرابعة وهي تعزيز التسامح والتنافع؛ حيث تكمن حيوية الحضارات في التواصل والتبادل والتلاحم. كانت الحضارة الصينية والحضارة العربية تتلألآن في الماضي واليوم يجب علينا الاستفادة من حكمة الجانب الآخر وإمكانياته بشكل أكبر، في هذا السياق يعمل بشكل جيد مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية الذي أنشئ بمبادرتي وقد أصبح منصة فكرية لتبادل خبرات الجانبين في الإصلاح والانفتاح والحكم والإدارة. في المستقبل يجب مواصلة تطوير المركز وتعزيز إمكانياته بما يوفر المزيد من الدعم الفكري للجانبين.

وقال سعادة السفير: يجب علينا التعاون في بناء شبكة الإنترنت النزيهة والعمل سويًا ضد الأقوال التي تروج للتطرف وتنشر الكراهية على الإنترنت من أجل دفع التواصل القلبي بين شعوب الجانبين. وفي السنوات الثلاث القادمة ستدعو الصين 100 مبدع شاب و200 عالم شاب و300 تقني من الدول العربية إلى الصين للمشاركة في ورش العمل، وستدعو 100 شخصية دينية و600 مسؤول حزبي لزيارة الصين، وستوفر 10 آلاف فرصة تدريب للدول العربية في مختلف التخصصات، وسترسل 500 فرد من ضمن الفرق الطبية إلى الدول العربية. وأوضح أنّه بهذه المناسبة تم الإعلان عن تأسيس المركز الصيني العربي للتواصل الإعلامي، والانطلاق الرسمي لمشروع المكتبة الرقمية الصينية العربية والانطلاق الرسمي للدورة الرابعة لمهرجان الفنون العربية التي يقيمها الجانبان في الصين.

تعليق عبر الفيس بوك