"التأمينات الاجتماعية" تحتفل بـ26 عاما على تطبيق نظام الهيئة للحماية والتكافل

الجابري: دراسات وبحوث تخصصية لتطوير ورقمنة قطاع التأمين الاجتماعي والتقاعد

 

مسقط - الرؤية

قال عيسى بن مبارك الجابري مدير دائرة الخدمة التأمينية في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية: إنَّ نظام التأمينات الاجتماعية يستهدف توفير الحماية التأمينية لشرائح وفئات المجتمع العاملة في القطاع الخاص، ولم يكن على الإطلاق نظام جباية، كما قد يفهمه البعض، بل إنه نظام تكافل اجتماعي بين أفراد المجتمع وأجيال الحاضر والمستقبل، وهو بهذا المفهوم يتفق مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، ولا يخرج عن هذا الإطار.

وأضاف الجابري لـ"الرؤية" بمناسبة احتفال الهيئة بمرور 26 عاما على بدء تطبيق نظامها الذي يعنى بالحماية والتكافل الاجتماعي، أنَّ نظم التأمينات الاجتماعية بصفة عامة تقوم على منح معاشات شهرية في حالات بلوغ السن القانوني وترك الخدمة أو في حالات العجز أو الوفاة، ولنظم المعاشات مزايا كثيرة؛ حيث إن المعاش يتسم بصفة الدورية والانتظام، ويمنح للمؤمن عليه مدى حياته ثم للمستحقين عنه بعد ذلك؛ الأمر الذي يؤمن له ولأسرته الأمن والاستقرار؛ حيث تصرف معاشات شهرية بدلاً من مكافأة نهاية الخدمة الذي كان معمولاً به في السابق وفقاً لأحكام قانون العمل العماني، والتي كانت تصرف كلما انتهت خدمة العامل ويتم انفاقها خلال فترة وجيزة؛ الأمر الذي يعرض العمال -بعد انتهاء خدماتهم- لمخاطر انقطاع الدخل المنتظم، وهو ما يؤدي لمشاكل اجتماعية تهدد كيان الأسرة، ومن أجل ذلك شرع نظام التأمينات الاجتماعية الذي يهدف لتجميع مدخرات العمال (المؤمن عليهم)؛ وذلك بعدم صرف مستحقاتهم التأمينية طالما كان الشخص قادراً على العمل والإنتاج، وفي سن العمل، باعتبار أن العمل واجب ديني ووطني، فإذا ما تجمعت لدى المؤمن عليه مدد الاشتراك اللازمة لصرف المعاش، استحق معاشاً شهريًّا من الهيئة يكفل له ولأسرته الحياة الكريمة.

وأكد الجابري أن الهيئة مهتمة بضمان المحافظة على تكافل وديمومة أنظمتها التأمينية من أجل حفظ حقوق الأجيال، وقد تطورت التأمينات الاجتماعية في السلطنة عبر عدة مراحل مع بداية عصر النهضة حيث كانت الدولة تتكفل بتغطية النظام بالكامل من خلال صرف معاشات لما بعد الخدمة من الخزانة العامة للدولة مباشرة، ثم تم إنشاء صناديق التقاعد المدنية والعسكرية، وأصبح الموظف الحكومي يُسهم في تمويل هذه الصناديق عن طريق اقتطاع نسبة من راتبه الشهري، ومع نمو القطاع الخاص في الدولة وازدياد عدد العمانيين العاملين في القطاع صدر قانون التأمينات الاجتماعية لتوفير التغطية التأمينية للعمانيين العاملين في القطاع الخاص وبقية الفئات الغير مغطاة بالأنظمة الأخرى. أما فيما يتعلق بالنشاط الاستثماري، فللهيئة دور واسع في مجال الاستثمار؛ إذ يعتبر الاستثمار عصبَ أي نظام تأميني (تقاعدي)؛ حيث يجري استثمار هذه الأموال في مجالات عدة، وفي أدوات استثمارية مختلفة كالأسهم والسندات (محلية وخارجية)...وغيرها لتكوين رأس مال يمكنها من الوفاء بالتزاماتها الآنية المستقبلية تجاه المؤمن عليهم المشمولين بالنظام.

وأوضح الجابري أن نظام التأمينات الاجتماعية يخضع لفحص دوري كل ثلاث سنوات؛ نظرا لأنَّ مصادر تمويل التأمينات عادة ما تكون نقدية الطابع؛ وبالتالي تتأثر بما يتأثر به الاقتصاد عموما، وتكون عرضة للتأثر بالتضخم الذي يعرضها للتآكل وفقدان قيمتها الشرائية، كما تتأثر أموال التأمينات الاجتماعية بما يتأثر به اقتصاد المنطقة بشكل عام؛ فعندما يحدث هبوط مثلا في أسواق المال فلابد للتأمينات أن تتأثر بهذا الهبوط، وكذلك الحال عندما يتأثر سوق العقار بشكل ملحوظ لا بد أن يلقي هذا التأثير بظلاله على أموال صناديق التأمينات. ذلك أن التأمينات وحتى تستطيع الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه المؤمن عليهم لا بد أن تنمي أموال الاشتراكات في عدة قنوات استثمارية لتحقيق أفضل العوائد.

وعن مستوى التعاون بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال، أكد الجابري أهمية أن يكون التأمين الاجتماعي مفهوماً لدى الجميع من أصحاب الأعمال والعمال وكافة المستهدفين تأمينياً؛ كون نظام التأمينات الاجتماعية أصبح قائماً على مبدأ الشراكة بين الشركاء الأساسيين الثلاثة لما لهذه الشراكة من أهداف اقتصادية واجتماعية، من خلال قيام كل طرف من الأطراف على نحو متكامل للحيلولة دون حدوث أي خلل في هذه الشراكة، وهو ما ينبغي التنبه له من قبل الشركاء لضمان تحقيق النجاحات المأمولة من تطبيق هذا النظام، وقد أسهمت العلاقة بين هذه الأطراف في الوصول إلى مرحلة التكاملية في دفع عجلة عمل صندوق التأمينات الاجتماعية.

وفيما يتعلق باهتمام الهيئة بأنظمة الحوكمة والجوانب الرقمية، قال الجابري: إن الهيئة تواصل سعيها لإيجاد الحلول الرقمية التي من شأنها أن تُسهل عملية تبادل واستسقاء المعلومات التي تتخللها الإجراءات المتعلقة بالفئات المستهدفة من النظام التأميني؛ وذلك من خلال التكامل الإلكتروني بين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ومختلف وحدات الجهاز الإداري بالدولة، وتأتي فكرة الربط من منطلق الحرص الذي أولته الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في ظل التزايد المتنامي لعدد المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية، كما حولت الهيئة العديد من الخدمات التأمينية إلى خدمات إلكترونية للاستفادة من الخدمات التي يقدمها النظام التأميني؛ إذ إن الأمر بات يحمل نوعاً حتميًّا للانتقال إلى الخدمات الإلكترونية وتقديمها عبر منصات مختلفة للوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين.

واختتم الجابري بالإشارة إلى سعي الهيئة لتحقيق أهدافها بشكل يتماشى مع خطتها طويلة الأمد، فقد أجرت العديد من الدراسات والبحوث للمساهمة في تطوير قطاع التأمين الاجتماعي والتقاعد، وتوفير الآلية اللازمة لذلك، وتسعى الهيئة لتحقيق الأفضل من خلال الانتقال إلى التعاملات الإلكترونية وتحويل كافة خدماتها عبر التحول الرقمي.

تعليق عبر الفيس بوك