تحت شعار "قياس الأعماق أساس استدامة البحار والمحيطات والممرات المائية"

البحرية السلطانية العمانية تشارك العالم الاحتفال باليوم العالمي للهيدروغرافيا

...
...

مسقط - الرؤية

تُشَارك البحرية السلطانية العُمانية، اليوم، في اليوم العالمي للهيدروغرافيا، الذي يُوَافق الحادي والعشرين من يونيو من كلِّ عام، والذي يأتي هذا العام تحت شعار "قياس الأعماق أساس استدامة البحار والمحيطات والممرات المائية"، وقد اهتمَّتْ البحرية السلطانية العُمانية ببناء القدرات الهيدروغرافية؛ من خلال توفير البنية الأساسية والتدريب اللازم لذوي الاختصاص، وقد واكبتْ السلطنة التطوُّر في هذا المجال من خلال رفع الكفاءة والقدرات التي مكَّنتها من وضع منظومة بيانات هيدروغرافية في سبيل تأمين سلامة الملاحة البحرية في مناطقها البحرية، وإنَّ الدورَ الكبير الذي تقُوم به مديريات وأقسام الهيدروغرافيا التابعة للبحرية السلطانية العمانية يُسهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في دعم الاقتصاد الوطني وسلامة الملاحة؛ من خلال القيام بالمسوحات البحرية وتوفير الخرائط ذات الصلة لموانئ البلاد وممراتها المائية: كميناء السلطان قابوس، وميناء صحار الصناعي، وميناء الدقم، وميناء صلالة، وموانئ الصَّيْد المنتشرة في العديد من ولايات السلطنة الساحلية.

وقد تبنَّتْ الجمعية العامة للأمم المتحدة في جَدْول الأعمال الخاص بالمحيطات وقانون البحار القرار رقم: (أ/60/30) بتاريخ 29 نوفمبر 2005، والذي يُرحِّب بتبني منظمة الهيدروغرافيا الدولية ليوم الهيدروغرافيا العالمي ليحتفل به في 21 يونيو من كل عام؛ بهدف التعريف ونشر الوعي بأعمالها على كافة المستويات وزيادة تغطية البيانات الهيدروغرافية على مستوى عالمي، وحث جميع الدول بالعمل الوثيق مع هذه المنظمة لتعزيز الملاحة الآمنة، خصوصاً في مناطق الملاحة الدولية والموانئ والمناطق البحرية المعرضة للخطر أو غير الآمنة، وتعزيز سلامة الملاحة في المناطق المحمية.

وفي الحادي والعشرين من شهر يونيو من كلِّ عام، تواكب السلطنة الاحتفال بيوم الهيدروغرافيا العالمي -ممثلة بقيادة البحرية السلطانية العمانية، والمكتب الهيدروغرافي الوطني العماني- ومن خلال شعار هذا العام، تتضح الأهمية البالغة في القيام بالمزيد من المسوحات الهيدروغرافية لتحديث منظومة الخرائط البحرية بشكلها الواسع التي تُؤمِّن القدرَ الأكبر من سلامة الملاحة البحرية، وتَسْعَى السلطنة -وبشكل حثيث- لمواكبة التطور العالمي في هذا الجانب؛ مما يُمكنها من أخذ دورها الريادي كدولة مطلة على مساحة كبيرة من البحار، ولها تاريخ بحري عريق منذ القدم.

ويهدفُ مَوْضُوع يوم الهيدروغرافيا العالمي للعام 2018م، كما هي الحال في السنوات السابقة إلى توفير مجموعة واسعة من الفرص لنشر وتعريف العمل الهيدروغرافي، والخدمات التي تقدمها مكاتب الهيدروغرافيا الوطنية كالمكتب الهيدروغرافي الوطني العماني، وأصحاب الشأن بصناعة الهيدروغرافيا، والمساهمين الخبراء والمجتمع العلمي ذوي الإختصاص في مجال الهيدروغرافيا، إن علم الهيدروغرافيا له دور أساسي في الحفاظ على الموارد الاقتصادية والطبيعية للأجيال القادمة؛ من خلال ما يقدمه من دراسات تتعلق بسلامة الملاحة البحرية وسلامة الأرواح في البحر، وإنتاج خرائط بحرية ذات الصلة، وتتحقق الاستدامة عن طريق الاتزان في المجال الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وجميعها مرتبطة ببعضها وتتكامل كل واحدة مع الأخرى، وإذا ما حدث أي خلل في إحدى تلك الجوانب فإنه سيؤثر سلباً على الجانب الآخر، تشمل الموضوعات ذات الصلة بيوم الهيدروغرافيا العالمي على سبيل المثال لا الحصر، التحول إلى النظام الإلكتروني الكامل، وبناء قواعد بيانات هيدروغرافية، ودعم جدول أعمال التنمية المستدامة للأمم المتحدة (2030م).

 

التحول الإلكتروني

يتوجَّب على السفن التجارية أنْ تتَّخذ خطواتها نحو التحول الإلكتروني الكامل بحلول الأول من يوليو 2018؛ حيث تعدُّ هذه المرحلة النهائية من عملية بدأت في العام 2008م، والتي غيَّرت طريقة تنقل السفن جذريًّا عمَّا كانت عليه سابقاً، أصبحت السفن بهذا التحول تستخدم نظام عرض بيانات الخرائط الملاحية الإلكترونية، سوف تسهل الخرائط الملاحية الإلكترونية عمل أساطيل السفن العالمية من خلال ما توفره من معلومات بحرية وهيدروغرافية بطريقة رقمية كاملة؛ بحيث تجعل الشحن في نهاية المطاف أكثر أمنا وأكثر كفاءة، وقد اكتملَ الآن مشروع التحول الكبير من طريقة الملاحة اليدوية العادية، ومن الخرائط الملاحية الورقية إلى الخرائط الملاحية الإلكترونية والبيانات الرقمية، والذي استغرقَ مُدة طويلة ليُعلن أخيراً مواكبة الهيدروغرافيا لتطور القرن الحادي والعشرين.

وتهتمُّ الهيدروغرافيا ببرامج الجغرافيا المكانية (Geospatial)، وتجميع وتخزين البيانات، إضافة لمشاركة تلك البيانات مع المنظمات والهيئات الأخرى المهتمة بهذا الجانب؛ حيث توفر تلك القواعد من البيانات العديد من الدراسات والنظريات المهمة منها مراقبة التغيُّر البيئي، وإدارة الموارد الطبيعية، والخطط المتاحة لمواجهة الكوارث الطبيعية والتقليل من آثارها المحتملة مما يُمكن لصناع القرار من اتخاذ القرارات والخطط وفق ما يتم استنتاجه واستخلاصه من تلك البيانات.

وتشكِّل الهيدروغرافيا والمعرفة التفصيلية لشكل وعُمق قاع البحر أساس الاستخدام السليم والآمن والمستدام والفعال؛ من حيث التكلفة للبحار والمحيطات والممرات المائية في العالم، وحسب الهدف رقم (14أ) من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة هو "استخدام المحيط"، ويشمل الحاجة إلى زيادة المعرفة العلمية وتطوير القدرات البحثية ونقل التكنولوجيا البحرية، وفي هذا السياق فإن العمل جارٍ من جانب منظمة الهيدروغرافيا الدولية وذوي الاختصاص في النظر في كيفية استخدام قياسات الأعماق عبر الأقمار الصناعية وإمكانية الوصول إلى البيانات ذات الصلة من خلال البُنى الأساسية للبيانات المكانية البحرية، وتوفير المزيد من بناء القدرات، كلها آليات ذات صلة تساعد على ضمان تحقيق الهدف المذكور أعلاه، ولقد تضمن مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات الذي عقد في نيويورك في يونيو 2017م معلومات جغرافية مكانية بحرية في جدول أعمال اللجنة لأول مرة، وأنشأ المؤتمر لجنة الأمم المتحدة لخبراء الإدارة العالمية للمعلومات الجغرافية المكانية وفريق عمل المعلومات الجغرافية المكانية، وستقوم مجموعة العمل هذه بتقديم المرئيات إلى اللجنة لدعم الدول الأعضاء في تطوير السياسة الوطنية وتحديد الأولويات الإستراتيجية وصنع القرار وإدارة الرقابة على المعلومات، وتعتبر المعلومات الجغرافية المكانية البحرية الآن مهمة على نحو مماثل مثل أي معلومات جغرافية تستند إلى الأرض. وعلاوة على ذلك، ترتبط هذه المعلومات البحرية بطريقة سلسة مع نظيرتها البرية بحيث تسد الفجوة بين المعلومات القائمة على اليابسة والبحر.

 

علم الهيدروغرافيا في السلطنة

يُسهم ذوو الاختصاص في علم الهيدروغرافيا ورسم الخرائط في البحرية السلطانية العمانية في أنشطة حيوية تصب في المصلحة الوطنية بشكل خاص، وتعزز سلامة الملاحة الدولية بشكل عام، وتشمل هذه الأنشطة -على سبيل المثال لا الحصر- دعم سلامة الملاحة، وحماية البيئة البحرية، وإدارة المناطق الساحلية، والسياحة، وإدامة البنية الأساسية للبيانات المكانية البحرية، والدفاع والأمن، وإسناد عمليات ترسيم الحدود البحرية ودراسات تمديد الجرف القاري العماني وتنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بقانون البحار، واستكشاف الموارد الحية وغير الحية، وجميع المكونات الأخرى للاقتصاد الأزرق، وعليه ينبغي تسليط الضوء على عمل جميع خبراء الهيدروغرافيا في العالم -سواء من القطاع العام أو القطاع الخاص- لزيادة الوعي العام والسياسي بأهمية هؤلاء الخبراء في القيام بالدراسات ذات الصلة في البحار والممرات المائية وأهمية هذه الدراسات في حياة كل فرد، وينبغي أيضًا توفير الأرقام الرئيسية عن الفوائد المكتسبة من البيانات الهيدروغرافية الدقيقة والمحدثة، والتي تُسهم على سبيل المثال وليس الحصر فيما يتعلق بعمليات السفن وتحسين آليات الشحن المستدامة أو التخطيط المكاني البحري الفعال وتوفير البيانات ذات الصلة وما يرتبط بها من عمليات لتسهيل صنع القرار.

وقد اهتمَّت البحرية السلطانية العُمانية ببناء القدرات الهيدروغرافية من خلال توفير البنية الأساسية والتدريب اللازم لذوي الاختصاص، وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية ما يقوم به هؤلاء المتخصصون من أعمال مهمة كالقيام بالمسوحات الهيدروغرافية في البحر الإقليمي للسلطنة وإصدار خرائط بحرية ورقية وإلكترونية والمنشورات البحرية ذات الصلة، وتتطلب تلك الخرائط متابعة مستدامة لبيانات قياس الأعماق البحرية سواء للبحار المفتوحة أو الممرات المائية كالمضائق والقنوات، وقد واكبت السلطنة هذا التطور من خلال رفع الكفاءة والقدرات التى مكنتها من وضع منظومة بيانات هيدروغرافية في سبيل تأمين سلامة الملاحة البحرية في مناطقها البحرية، إن الدور الكبير الذي تقوم به مديريات وأقسام الهيدروغرافيا التابعة للبحرية السلطانية العمانية يساهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في دعم الاقتصاد الوطني وسلامة الملاحة من خلال القيام بالمسوحات البحرية، وتوفير الخرائط ذات الصلة لموانئ البلاد وممراتها المائية كميناء السلطان قابوس وميناء صحار الصناعي وميناء الدقم وميناء صلالة وموانئ الصيد المنتشرة في العديد من ولايات السلطنة الساحلية.

لقد تطلَّبت تلك المواقع قاعدة بيانات مكانية ومسوحات بحرية قبل وأثناء وبعد رسم الخطوط العريضة لهذه المشاريع؛ مما يُؤكد أن أهمية تحديث منظومة قياس الأعماق مطلب أساسي ومهم لبناء قواعد البيانات الخاصة بالرؤى والخطط المطلوبة، ومن هذا المنطلق جاءت الجهود مضنية وحثيثة في سبيل تطوير قدرات البحرية السلطانية العمانية لرفد هذه الأقسام بجميع المتطلبات الضرورية لتلبية احتياجات السلطنة من البيانات الهيدروغرافية الدقيقة من خلال الأجهزة والبرامج ذات الصلة، وتشكل سفينة البحرية السلطانية "الماخرة" لبنة أساسية لجمع البيانات الهيدروغرافية، وتتم المعالجة الأولية لهذه البيانات في قسم معالجة البيانات وضبط الجودة بوحدة الهيدروغرافيا، ويتم إصدار خرائط ملاحية عمانية بعد المعالجة النهائية لهذه البيانات بواسطة خبرات وطنية متخصصة بالمكتب الهيدروغرافي الوطني العماني، ومن المؤمل أن يتم في المستقبل القريب تطوير إمكانيات ومستوى الهيدروغرافيا في السلطنة إلى الأفضل لتمكينها من أداء المهام المنوطة بها خير قيام.

في إطار استمرار وتواصل الجهود والخدمات التي تقدمها وزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة لدعم وإسناد القطاعات الأخرى في السلطنة أثناء الأنواء المناخية الأخيرة "إعصار مكونو"، برزت أهمية الهيدروغرافيا في السلطنة؛ حيث قامت وحدة الهيدروغرافيا بإسناد من وحدة الغوص التابعة للبحرية السلطانية العمانية بعمليات مسح هيدروغرافي لميناء صلالة في محافظة ظفار ومداخل الاقتراب بعد الإعصار، تكللت عمليات المسح بتأمين سلامة الملاحة للسفن الحربية والتجارية...وغيرها التي تدخل الميناء؛ حيث تمَّ اكتشاف تواجد عوائق طافية وقاعية خطرة في الميناء نتيجة الإعصار، وتمت مقارنة نتائج المسح وقاعدة بيانات الأعماق السابقة والتي أظهرت تغيرا في الأعماق لتؤكد نتائج المسح ضرورة مواصلة استدامة وتطوير قاعدة بيانات مكانية عامة للسلطنة، وتم التعامل مع هذه العوائق وتقديم توصيات لإدارة الميناء حول نتائج المسوحات.

ويُصَادف الاحتفال بيوم الهيدروغرافيا العالمي للعام 2018م الذكرى 97 لإنشاء منظمة الهيدروغرافيا الدولية. وبهذه المناسبة، تستمر المنظمة وما يقارب أعضاء من 90 دولة تأكيد التزامهم بالتوعية بأهمية الهيدروغرافيا، ومواصلة تنسيق أنشطتها لا سيما من خلال الحفاظ على المعايير الدولية ذات الصلة ونشرها، وتوفير بناء القدرات ومساعدة البلدان التي تحتاج لتحسين خدمات الهيدروغرافيا، وعن طريق تشجيع جمع واستكشاف بيانات هيدروغرافية جديدة من خلال برامج مستحدثة مثل حشد وتجميع مصادر قياسات الأعماق عبر الأقمار الاصطناعية، وضمان توفر هذه البيانات على أوسع نطاق من خلال تطوير البنية الأساسية للبيانات البحرية.

إنَّ البيئة بطبيعتها خُلقت مُتزنة ما لم يطرأ عليها أي تدخل بشري، والذي من شأنه أن يغيِّر النمط البيئي، ومنذ أن خلق الله تعالى الأرض وأوجد البشر عليها فقد سُخر لهم ما عليها من ثروات وأنظمة طبيعية وقد سَعَى الإنسان للاستفادة مما هو محيط به ساعياً؛ من خلاله لكسب رزقه وتطوير نمط حياته؛ مما أَوْجد إنشاء حضارات كبيرة ومتنافسة فيما بينها، وأن هذا التنافس أوجد خللا في الكثير من الجوانب لاسيما تلك المرتبطة بالبحار والمحيطات؛ مما سبَّب العديد من التغيرات التي باتت تهدد استدامة النظام المتوازن لها؛ وبالتالي يُسبِّب خللا مباشرا في مجالات الحياة البشرية من خلال حدوث الأعاصير والكوارث الطبيعية التي سببها الاحتباس الحراري، وفي الآونة الأخيرة دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر لتدارك ما يمكن تداركه، وحثت جميع الدول والمؤسسات للحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من ثروات هذا الكوكب وحقوقهم الطبيعية في العيش على كوكب الأرض تحت شعار "الاستدامة"؛ حيث تُعد منظمة الهيدروغرافيا الدولية الداعم الأكبر للاستدامة من خلال إيجاد قواعد بيانات متبادلة وإجراء الدراسات العلمية، وعقد المؤتمرات العالمية لنشر الوعي لأهمية الاستدامة، وتفعيل برامج الجغرافيا المكانية وتبادل المعلومات البيئية، خصوصاً فيما يتعلق بالبحار والمحيطات، ويتضح هذا الاهتمام جليًّا من خلال تفعيل شعار هذا العام "قياس الأعماق أساس استدامة البحار والمحيطات والممرات المائية".

تعليق عبر الفيس بوك