خالد بن علي الخوالدي
الإنسان بطبيعته التي خلقها الله سبحانه تفرحه الكلمة الطيبة وتُدخل في قلبه السرور والبهجة ابتسامة صادقة، ويأنس إلى من يبادله الاحترام والتقدير، وفي واقعنا المعيشي والأسري هناك من تنقصه اللباقة وحسن التصرف مع الأمور الحياتية فلا يقدر أي جهد سواء كان كبيرا أو صغيرا ولا يحس بمعاناة الآخرين وجهدهم وبالتالي كلمة (شكرا) تكون خارج نطاق حياتهم، بل على العكس منك ذلك يسلطون سيوفهم للانتقاد والعتاب فيجرحون المشاعر ويعذبون النفوس الطيبة التي تعمل ليل نهار لراحتهم.
إن هذا ليس كلام إنشائي بل واقع نعيشه في أسرنا وبيوتنا ونتيجة لذلك قد هدمت منازل آمنة وحرمت قلوب طاهرة من حق العيش بهناء وراحة وأنس، قلوب لا تحتاج إلا إلى الاحترام والتقدير وشعارها (احترمني ولا تحبني) وهي صادقة لان الاحترام هو من يأتي بالحب، فهناك حالات طلاق ومشاكل أسرية تحدث نتيجة عدم الاحترام والتقدير، وعندما تقع مثل هذه الحالات يقول أحدهم (إنني أحبه أو أحبها) وهنا يكون قد فات الأوان.
إنّ الاحترام هو فطرة ربانية وحاجة نفسية يحتاج إليها جميع البشر، فالله خلق البشر يحبون من يحترمهم حيث إن الاحترام هو دليل على الحب والاهتمام والتقدير، وهو علامة حبّ لدى الزوجين وعلامة مودة في الحياة البشرية جمعاء، فلا يكفي أن نبطن الحب داخل قلوبنا بل علينا أن نبوح به سلوكا ومشاعرا واحتراما وتقديرا خاصة لأقرب الناس إلينا سواء زوج أو زوجة أو أولاد أو إخوة أو أخوات أو أصدقاء.
ونخص من بينهم الأم والزوجة والأخوات لأن المرأة عاطفية بذاتها، تسعدها الكلمة الطيبة وتبتهج وتسر بالتعامل اللطيف، وتشعر بقمة سعادتها عندما تجد الاحترام والتقدير، فعندما تجهز الإفطار في هذا الشهر الفضيل فتجد كلمة شكرا وجزاك الله خيرا وما قصرتي وبيض الله وجهك وغيرها من الكلام الطيب تفرح وتنتشي بالسعادة، وعندما تنظف وتلمع البيت في هذه الأجواء الحارة (ليس كل البيوت بها عاملة منزل) وتجد كلمة طيبة تنسي معها كل ما قامت به، وعندما تذاكر للأولاد وتجد من يقف معها ويساعدها تشعر بالأمان والاطمئنان، أنها باختصار تقدم وتضحي بالغالي والنفيس لأجل بيتها والعناية به ولا تنتظر منا إلا الكلمة الطيبة والتقدير.
إن المدرسة النبوية الشريفة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تعلمنا دروس عظيمة في تقدير المرأة والحياة الزوجية فكان عليه السلام يولي زوجاته عناية فائقة ومحبة لائقة، ومن يتابع سيرته يدرك كم كان يقدر زوجاته ويضرب أمثلة رائعة في المواساة وتقدير المشاعر وتخفيف الأحزان والسماع للشكاوى وعدم الاستهانة والاستهزاء بما تقوم به، فمن نحن أمام الحبيب المصطفى الذي قدم أنموذجاً فريداً في الاحترام والتقدير والوفاء لم تصل إليه حتى الآن جميع الكتب والمؤلفات التي تعج بها المكتبات في هذا الشأن فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح شاة يقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، فحتى بعد مماتها يحترمها ويقدرها فطوبى لمن رسول الله قدوته، ودمتم ودامت أمنا الغالية عمان بخير.
Khalid1330@hotmail.com