مع الله في كتابه (آدم، الإنسان، البشر)


عبد الجواد خفاجي – ناقد وروائي مصريّ

 

وردت مفردات: (الإنسان، والبشر، وآدم) في القرآن الكريم، ومر عليها المفسرون ـ إلا قليلا منهم ــ مرور الكرام، وتعاملوا معها بمعنى واحد هو: الإنسان.
 والحقيقة أنها مفردات تتقارب في معانيها، لكنها تختلف عن بعضها، خلافا يسيرا، ودقيقا في معناه، والغرض من تبيان الفرق بينها أن تكون واضحة في سياقها، دالة على دقة اللفظ في التعبير القرآني عن المعنى المرتبط بسياقه، بحيث لا تصلح مفردة أخرى لتؤدي معناها إلاها. ولنتوقف عن المفردات الثلاث كل على حدة.

أولاً : آدم (الترابيّ(:
اسم علم مذكر، هو الإنسان الأول، أبو البشر، وإن كان الأوجه أن نقول: (الرجل الأول).. وفي الجمع نقول: "أوادم" والحقيقة أن "أوادم" لا تُسـتخدم في اللغة، استخداماً حقيقيا، فلم يكن في الحياة غير آدم واحد خلقه الله، وأسماه.
ولكن تستخدم كلمة (أوادم) استخداما مجازيا، عندما نقول: (كانوا ضيوفا أوادم) على سبيل الكناية، ونقصد أنهم محترمون عقلاء، لا يعرفون الشطط، وخلصاء من مس الشياطين والجان.
وقد سُمِّيَ الرجل الأول (آدَم) لأَنه خُلِق من أَدَمةِ الأَرض بمعنى: (جلدتها) أو قشرتها الظاهرة، أو أديمها بمعنى (ترابها).
وقد اختص آدم وحده ـ دون زوجه ـ بهذا الاسم، كما جاء في الاستخدام القرآني للكلمة، كما في سورة االبقرة: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) .. (البقرة : 35)  
اللفظة ـ إذن ـ تختص بالمذكر، ولا حظ للتأنيث فيها، أما "أم البشر"، فلها تسمية أخرى، فهي تُنسب لآدم، فنقول: آدمية، أو تلزم اسمها: حواء.
وفي اللغة: أَدِيمُ كل شيء : ظاهِرُ جلْدِه، وأَدَمَةُ الأَرض: وجهُها، وهو لَوْنُها ، وبه سُمِّي آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام .. وأَديمُ السماء: ما ظهَر منها، ‏والأُدْمَةُ: السُّمرةُ، والآدَمُ من الناس: الأَسْمَرُ‏.
ومعناه ـ أيضا ـ الرجل المخلوق من التربة الحمراء (صلصال كالفَخار) أو في لون أديم الأرض. وقد خلقه الله من طين لازب (لزج ، طيب) ، أو من حمإ مسنون (طين مختمر مُنتن)، وسماه الله آدم؛ لأنه خُلق من أديم الأرض. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ﴾..  (الحجر:26).
ولعل كلمة "آدم" تعطي دلالتها في نسبة آدم إلى "الطين"، لأن كل ما عدا الطين، من ألفاظ استخدمها القرآن وترتبط بخلق آدم، مثل: الحمأ المسنون، أو الصلصال، أصلها الطين، وإن شئنا أن نشير إلى عناصر تكوينه المادي الأول فهو "التراب" ومن ثم تتخذ مفردة "آدم" دلالتها الأوضح على انتساب آدم إلى التراب، ومن ثم فهو "الترابيّ".
وقد اختُلف في اشتِقاق اسم "آدَم" فقال بعضهم: آدَمُ أَصله بهمزتين (أأدم) لأَنه على وزن "أَفْعَل" ، إِلا أَنهم لَيَّنُوا الهمزة الثانية (أادم) ، فإِذا احتَجْت إِلى تحريكها جعلتها واواً، وقلت ـ في الجمع ـ أَوادِم .. وقيل ـ أيضا ـ إنها اسم فاعل، من الفعل "أدَمَ" وهذا هو المشهور.
وكيفما كان الاشتقاق الصرفي، فإن "آدم" لم يكن (فاعلا) في خلق نفسه من تراب، وإنما (أُفْعِلَ به) ومن ثم علينا أن نحدد اختياراتنا بين: "آدم" اسم فاعل بمعنى مفعول(مأدوم)، أو "أفعل" كاسم تفضيل، مثل أجمل، وأرقي، وأعلم. والأرجح دلالة عندي هو الاشتقاق الأخير.
العرف اللغوي: من المعروف أن لكل لغة مجموعة من المفردات اصطلح عليها المجتمع أو الجماعة من الناس؛ لأداء معنى عام، عرفيّ مثل مفردة "آدم" تشير إلى معنى اصطلاحي عام هو "البشر". وإن كانت مختلفة عنها في الدلالة.
ولعل كل البشر ينسبون إلى أبيهم، ومن ثم فكل فرد منهم هو "ابن آدم" .. وكل أبناء آدم "آدميون"، والمفرد: "آدمي" ويصح أيضا القول: "بنو آدم" في دلالتها على الجماعة من البشر، أو كل البشر. كما جاء في الخطاب القرآني:
(يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)) الأعراف : 27)

ثانيا: البشريّ:
وردت كلمة (بشر) في القرآن الكريم في عدة مواضع منها:
ــ (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ) ..( ص: 71)
ـــ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ) (الروم‏:20)
ـــ (وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين )  (الحِجْر: 28)
المتتبع لمعنى (بَشّر) في معاجم اللغة سيعرف أن مادة (بَـ شـ َرَ) تؤكد على ما ظهر من الشيء، ولذلك نقول عن الطبقة البادية من الجسم: "بشرة" ، فهي الوحيدة الظاهرة لنا من الجسم، وما عداها فهو خفي، لا يُرى، وكثيف، وكذلك: بشرة الأرض: ما ظهر من نباتها.
ووصف الإنسان بأنه بشريّ تعني أنه مخلوق لا يعرف غير الظاهر،  ولا يتعامل إلا مع الظواهر، ولا يُرى إلا ظاهرا شاخصا, له حيز من الفراغ يشغله. وهي صفات تخص الإنسان، بخلاف من يخاطبهم الله من الجِـنَّة والملائكة، في الآيات السابقة. وكأن الله سبحانه يعطي فكرة مسبقة للجن والملائكة عن الكائن الذي سيخلقه، دون أن يسميه، وهو ذو طبيعة ظاهرة، له جسد كثيف لا يشف عما تحته، أو خلفه، أو ورائه، وله حيز من الفراغ وله كتلة.
لقد مر كثيرون من المفسرين على هذه الآيات الكريمة، مكتفين بفضيلة القول: إن البشر هو الإنسان. وهذا غير صحيح؛ فإذا كان "إنسان" اسم جنس، فإن "بشر" صفة له. ويصح القول: بشريّ ، منتسبا إلى بشر. وقد استخدم الله سبحانه "بشر" ولم يستخدم "إنسان" في خطابه للملائكة، وهو استخدام للصفة الدالة على طبيعة هيئة المخلوق الجديد التي سوف يُخلق عليها، وليس طبيعة حياته التي سوف يعيش مجبولاً عليها. كما سنوضح عند  الحديث عن "إنسان".
ولعل القرطبي هو أول من ظهر لي واضحا في فهمه لدلالة مفردة (بشر) في هذا السياق القرآني الذي يخبر عن القادم من مخلوقات الله.
يقول القرطبي: : أما تفسير كونه بشرا، فالمراد منه كونه جسما كثيفا يباشر ويلاقي، والملائكة والجن لا يباشرون للطف أجسامهم عن أجسام البشر، والبشرة ظاهر الجلد من كل حيوان.
ولعل رأي القرطبي أقربَ إلى معنى (بَشَر) كما تشف عنها المعاني القاموسية للكلمة، في دلالتها على: ما يظهر، أو نراه مباشرة بالعين، أو الذي يتعامل هو مع يراه ظاهرا.
لذلك يُقال للبشريِّ: شخص .. لشخوصه، أي لامتثاله وظهوره أمام الأعين. والفعل "شَخَصَ" ـ في القاموس ـ يعني: ظهّرَ، ولا يُقال للفرد من الجن أوالملائكة: شخْصٌ أو بشري، لأنه لا يُرى، ولا يظهر، وليس له طبيعة مادية كثيفة مجسدة.. وكأن الله ـ سبحانه ـ في خطابه إلى الملائكة أراد بقوله "بشر" أن يحدد صفة مختلفة عن مخلوقه الجديد، ليست في الجن والملائكة.

ثالثا : الإنسان:
الاستطرادات حول معنى "إنسان" سوف تنتهي بنا إلى المشهد التالي:
"لدينا عدد كبير من الأشخاص، لكل منهم ثقافته، ولغته المختلفة عن الآخر، تم تجميعهم من جميع جنسيات العالم، وتم وضعهم فجأة مع بعضهم في بيئة جديدة عليهم، ليس فيها أحد غيرهم، وتركناهم يمارسون الحياة فيها".
لاشك أنهم في هذه المرحلة "بشر" ، وليسوا "ناس"، ولن يصح استخدام "ناس" لتوصيفهم إلا بعد أن تحدث بينهم الإناسة.
والمقصود بالإناسة: الدخول في الاستئناس ببعضهم والمؤانسة فيما بينهم، وهذا لن يحدث بغير لغة مشتركة للتخاطب والتفاهم، وعلاقات للتعايش والتزاوج وتبادل المصالح والمشاعر، ونظام وقواعد متعارف عليها لهذه العلاقات. أو بالمعنى: يصلح إطلاق مسمى "مجتمع" عليهم.
 ولذلك نقول: ليس كل بشر إنساناً، ولكن كل إنسان بشر. فالبشرية مقدمة على الإنسانية في الظهور، والإنسانية تالية على البشرية. وإذا كانت "بشر" تدل على الهيئة فإنما تدل على الكائن الحي الذي يُسمى بشر، أما "إنسان" فإنها تدل على طبيعته من حيث كونه كائناً اجتماعياً، لا يعيش بغير إناسة. ولذلك لم يقل الله للملائكة: "إني خالق إنسانا من طين" ولكن قال ـ سبحانه ـ "إني خالق بشرا من طين"، ذلك لأن الإناسة مرحلة تالية في تاريخ البشرية.
في القرآن الكريم تنوع لاستخدام المفردة بين ثلاث صيغ: (الإنسان .. الناس .. الأناسيّ) ومن أمثلة ذلك:
(1)    "وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا  لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا" (الفرقان / 48، 49( والأناسيّ : جمع إنسيّ ، وهو مرادف إنسان . فالياء فيه ليست للنسب . وجُمع على فَعالِيّ مثل كُرسي وكَراسِي.  ولو كانت ياؤه للنَسب لَجُمع على أنَاسِيَةٍ كما قالوا : صيرفي وصيارفة . ووصف الأناسيّ بـ {كثيرا} لأن بعض الأناسيّ لا يشربون من ماء السماء مباشرة، وهم الذين يشربون من مياه الأنهار كالنيل والفرات، والآبار والصهاريج، ولذلك وصف العرب بأنهم "بنو ماء السماء".
(2)     "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ".. (البقرة : 8﴾ النَّاسُ:اسم للجمع ، واحده : إِنْسَانٌ، وقد يراد به الفُضلاء دون غيرهم ، مراعاةً لمعنى الإِنسانيّة، كما فهمنا ذلك من سورة البقرة: " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ" ﴿١٣﴾
(3)    " هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا" .. (الإنسان : 1) والمراد: هل يقر كل إنسان موجود أنه كان معدوما زمانا طويلا، فلم يكن شيئا يذكر؟. أما قد أوجده الله، فذلك من دلائل قدرته، ومن موجبات عبادته بوصفه إلها خالقا، وقادرا.
ورغم أن "الإنسان" مفرد "الناس" إلا أنها تأتي هنا للعموم، ويدل على عموميتها الآية التي بعدها، التي يقول الله تعالى فيها:"إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا "
ويمكننا أن نستعرض المعاجم اللغوية، لنطالع ما جاء بها عن الإنسان. الإنْسَانُ:  أصله (أناسين) وهو الكائن الحيّ المفكر ، قادر على الكلام المفصَّل والاستنباط والاستدلال العقليّ، يتميّز بسموّ خلقه.. و(إنسان) اسم جنس ، والاسم  يقع على الذَّكر والأنثى من بني آدم ، ويطلق على المفرد والجمع.. وجمعه: أناسي وأناسية وآناس، وناس.
هذا ما عثرت عليه واستخلصته من العديد من المعاجم. أما "لسان العرب" فقد بدت مادة (أنَسَ) مادة متسعة جدا، سنحاول أن نقتطف منها  في حدود ما يخدمنا في البحث عن معنى كلمة "الإنسان" ولماذا هذا الاسم تحديدا.
يقول صاحب اللسان: يعني بالإِنسان آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، والجمع الناس، مذكر. ولعل هذا التعريف غير دقيق، فآدم هو الإنسان الأول وليس كل الناس. ويتابع صاحب اللسان:  الإنسان: يقال للمرأَة أَيضاً إِنسانٌ ولا يقال إِنسانة، والعامة تقوله. وأَصله إِنْسِيانٌ ، وفي الجمع: أَناسينُ  مثل بُسْتانٍ وبَساتينَ، وروي عن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما، أَنه قال: إِنما سمي الإِنسان إِنساناً لأَنه عهد إِليه ، فَنَسيَ، و قال أَبو منصور: إِذا كان الإِنسان في الأَصل إِنسيانٌ، فهو إِفْعِلانٌ من النِّسْيان ، وقيل أيضاً: فِعْليانٌ من الإِنس والأَلف فيه فاء الفعل.
والإِنْسُ: جماعة الناس، والجمع أُناسٌ، وهم الأَنَسُ. والأَنَسُ، بالتحريك: الحيُّ المقيم. والأَنَسُ أَيضاً: لغة في الإِنْس؛ والأَنَسُ: الاستئناس. والإِنْسُ: البشر، والواحد إِنْسِيٌّ وأَنَسيٌّ أَيضاً، والجمع الأَناسِيُّ، وإِن شئت جعلته إِنساناً ثم جمعته أَناسِيّ فتكون الياءُ عوضاً من النون، كما قالوا  للسَّراحين سَراحِيّ. والأَنَسُ: أَهل المَحَلِّ، والجمع آناسٌ .. وفلان ابن إِنْسِ فلان أَي صَفِيُّه وأَنيسُه وخاصته. والإِيناسُ: خلاف الإِيحاش، وكذلك التَّأْنيس. والأَنَسُ والأُنْسُ والإِنْسُ الطمأْنينة، وقد أَنِسَ به وأَنَسَ يأْنَسُ ويأْنِسُ وأَنُسَ أُنْساً وأَنَسَةً وتَأَنَّسَ واسْتَأْنَسَ
وفي التنزيل: آنَسَ من جانب الطُور ناراً؛ يعني موسى أَبصر ناراً، وهو الإِيناسُ. وآنَس الشيءَ: علمه. يقال: آنَسْتُ منه رُشْداً أَي علمته. يقال: آنَسْتُ منه كذا أَي علمت. قال الأَزهري: وأَصل الإِنْسِ والأَنَسِ والإِنسانِ من الإِيناسِ، وهو الإِبْصار. والأَنِيسُ: المُؤَانِسُ وكل ما يُؤْنَسُ به. وما بالدار أَنِيسٌ أَي أَحد. ولعلنا قد أدركنا أن صاحب اللسان ذكر مدلولات عدة يمكن أن نخرج بها عن مفردة  "الإنسان".  
فهو كائن يتميز ـ بطبيعته ـ بقابلية التعلم إذا نظر وتدبر، وهو كائن معرض للنسيان، وليس بالضرورة أن يتذكر كل ما مر به، أو حفظه في ذاكرته، وهو كائن يميل إلى المؤانسة والاستئناس، ومن ثم يميل إلى العيش مع آخرين (جماعة) يأتنس بهم، ويقضي بالعيش معهم على شعوره بالوحشة، ويشعر معهم بالأمن والطمأنية ومن هنا نشأت المجتمعات.. من رغبة الإنسان نفسه، التي تأتي استجابة لطبيعة أرادها الله في الإنسان. ومن هنا نشأ علم الإناسة (الاجتماع)، وهو علم يبحث في تاريخ تطوُّر الإنسان من حيث بنيانه ونظمه الاجتماعيّة وعلاقاته العنصريّة وتوزيعه الجغرافيّ.... (هذا والله أعلم)

 

تعليق عبر الفيس بوك