قلق الامتحان

 

د. خميس البوسعيدي

يعتبر القلق سمة من سمات العصر الحديث نظراً لتسارع الأحداث من حولنا في مختلف مجالات الحياة ومناحيها، وتساهم التغيرات والتطورات المتسارعة التي نشهدها في عصرنا الحالي على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، والفكري، والتكنولوجي، في ظهور بعض المشاكل النفسية مثل التوتر والقلق لدى الأفراد؛ الأمر الذي يدفعنا إلى البحث عن طرق للتكيف والتوافق النفسي مع هذه التطورات، التي أصبح فيها هذا العالم بفضائه الواسع قرية صغيرة. وأضحت المعارف والعلوم والبحوث العلمية تفاجئنا بكل ما هو جديد على مدار الساعة من خلال شبكة الانترنت، ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي المختلفة، وغيرها. وعندما يكون القلق أو التوتر لدى الفرد في مستوياته المعقولة والمعتدلة يكون عادياً ومقبولاً، وخاصّة في مواقف معينة مثل: الاستعداد لمقابلة مهمة أو الاستعداد لعبور طريق مزدحم بالسيارات أو الاستعداد للامتحان أو انتظار نتيجة مفرحة وخبر سار. أما إذا ارتفع مستوى القلق والتوتر لدى الفرد عن الحدود الطبيعية والمعقولة، فإنّه يصبح ضاراً ومعطلاً لطاقات الفرد وقدراته العقلية والحركية.

ويعد قلق الامتحان ظاهرة طبيعية يمر بها معظم الطلبة حيث إن الشعور بمستوى منخفض من قلق الامتحان ضروري لتحفيزهم على الدراسة والأداء الجيد ويدفعهم إلى الاستعداد بشكل جيد للامتحان، في حين أنّ المستوى المرتفع من قلق الامتحان يشكل عائقاً لدى الطلبة ويؤثر على أدائهم بشكل سلبي ويؤدي إلى ضعف ثقة الطالب في نفسه، الأمر الذي يشعره بالإحباط والارتباك والإحساس بالفشل وعدم القدرة على التركيز أثناء الامتحان، وعدم القدرة على تذكر المعلومات وانخفاض المستوى التحصيلي، حيث يلاحظ أنّ بعض الطلبة يشعرون بالقلق الشديد في بداية تأدية الامتحان ثم يبدأ القلق بالزوال تدريجيا. ويعد قلق الامتحان من العوامل الرئيسية التي تساهم في تدني المستويات التحصيلية للطلاب، فالطالب الذي يشعر بالثقة في نفسه، ويتفاءل بأدائه في الامتحان يحقق مستويات تحصيلية مرتفعة، بينما يتدنى المستوى التحصيلي لدى الطالب إذا بالغ في تقدير صعوبة المقررات الدراسية وموقف الامتحان، وقلل من ثقته بنفسه، وبالتالي فإن مستوى القلق لديه سيرتفع إلى درجة كبيرة، وينخفض مستوى أدائه أيضاً عن المستوى السابق له. أما إذا كان مستوى القلق متوسطاً أو معتدلاً فإنه يجعل الطالب يقدم أفضل أداء ممكن، ويستغل إمكانياته إلى أقصى درجة ممكنة. ويرجع القلق من الامتحانات نتيجة لخوف الطلاب من الرسوب أو لصعوبة المادة الدراسية، أو بسبب ضغوط الوالدين للطالب لتحقيق مراكز متقدمة ومنافسة أقرانه، أو التفكير المبكر للطالب بالمستقبل.

وبالنسبة لأعراض قلق الامتحان فهي كثيرة ومتعددة ومتفاوتة حسب درجة القلق كما أنّها تشمل الأعراض الجسدية والنفسية والعقلية، كما يتضمن القلق ثلاثة مكونات هي:(المكون المعرفي، المكون الانفعالي، المكون الفسيولوجي).

وهناك العديد من الاستراتيجيات والتدريبات العلاجية التي تساعد الطالب على التخلص من قلق الامتحان منها: استراتيجية التنفس، واستراتيجية الاسترخاء العضلي والعقلي، واستراتيجية التأمل والتفكير، والاستراتيجيات المعرفية، وحديث الذات الإيجابي والعقلاني، واستراتيجية حركة العينين (البوسعيدي، والناصر 2016).

إنّ تنظيم الوقت يعتبر من أهم العوامل التي تساعد على التغلب على مشكلة قلق الامتحان من خلال معرفة كيفية استثماره، والاستفادة منه في الاستعداد للامتحان، ومعرفة طرق المذاكرة الصحيحة، واتباع الإرشادات والنصائح التي على الطالب فعلها أثناء فترة الامتحانات.

وأخيراً اعلم أخي الطالب أنّ النجاح يولد النجاح، فعليك ألا تختلط بالطلاب الكسالى والمتقاعسين الذين ينظرون للمستقبل من وراء نظارة سوداء، بل ليكن اختلاطك بأشخاص يتميزون بالحيوية والجدية، قادرين على الإنجاز، وليكن شعارك دائماً (سأبادر لأني قادر)، وصدق الشاعر إذ قال:

لا تصحب الكسلان في حاجاته

كم صالح بفساد آخر يفسدُ

عدوى البليد إلى الجليد سريعة

كالجمر يوضع في الرماد فيخمدُ

المراجع:

- البوسعيدي، خميس والناصر، عبد المجيد،2016، فعالية استراتيجية تقليل الحساسية من خلال حركة العينين في خفض مستوى قلق الامتحان لدى طلاب الصف العاشر بسلطنة عمان. مجلة عالم التربية، إبريل،54(2)، ص107-155.

 

khamisalbu@gmail.com

 

 

تعليق عبر الفيس بوك