أهميَّة الأوقاف

للأوقاف أهمية كبيرة في حياتنا منذ القدم؛ فهي من من سمات المجتمع الإسلامي، ومن أبرز نُظمه في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والإسهام بشكل فعَّال في الحياة العلمية والعملية لأبناء المجتمع.

لذلك؛ اهتمَّ بها العلماء والفقهاء، ووضعوا لها الأحكام التي تضبط معاملاتها؛ بهدف المحافظة على أموالها، وتنميتها، واستمرارية تقديم منافعها إلى المستفيدين من ناحية، ووضع الضوابط التي تحفظ هذه الأوقاف وتصونها من طمع الطامعين من ناحية أخرى؛ لذلك نمت أحكام الوقف ورسخت قواعده، وصارت متكاملة الجوانب.

وفي السلطنة، تحظى الأوقاف بأهمية كبيرة، بل إنها تعد من أهم ملامح المجتمع العُماني المتماسك المتسامح، وقد كُنَّا، أمس، على موعد مع حدث عُماني جديد في هذا الصدد، وهو تدشين مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية، بمركز عُمان الدولي للمؤتمرات والمعارض؛ بهدف خدمة العلوم الإسلامية ودعم المؤسسات والمراكز التعليمية والمحتاجين من طلاب العلم، وعلاج المرضى غير القادرين من أصحاب الأمراض المستعصية، ورعاية ذوي الظروف والأوضاع الإنسانية.

ويُعد هذا الإنجاز ترجمة على أرض الواقع للشراكة والتكامل بين المجتمع والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالجوانب العلمية والدعوية والإنسانية، خاصة وأنَّ المؤسسة تركز في أهدافها على خدمة العلوم الإسلامية والدعوية والتراث الإسلامي وإعطاء الجانب الإنساني والحالات الصحية مساحة بين أهدافها.

 فلا يُمكن بحال إنكار أهمية الأوقاف في تنمية المجتمع المسلم ومؤسساته المختلفة، ولدينا الكثير من الأدلة على ذلك؛ فالاوقاف بقيت دليلاً على التكافل في المجتمع الإسلامي عبر كل العصور المتعاقبة، ونجحت في أن تُسهم بوضوح في عدة مجالات؛ منها: تقديم الخدمات وسدّ حاجيات المجتمع الأساسية من تعليم وصحة وكساء وشراب ومسكن...وغيرها من أساسيات الحياة الكريمة؛ فالأموال الوقفية بمختلف أنواعها محبوسة أصلاً لتقديم خدمات مهمة لجمهور الناس؛ سواءً كان ذلك في شكل مؤسسات مخصصة للعبادة كالمساجد والمصليات، أو مخصصة للتعليم والثقافة كالمعاهد والمدارس والكتاتيب والمكتبات، أو أماكن خدمات صحية كالمستشفيات والمراكز الصحية، وطرق مواصلات، وشق تُرع وقنوات، وحفر آبار.

ويُمكن القول إنَّ هذا الإنجاز الكبير من بواكير مشروع المؤسسات الوقفية الخيرية الذي دشنته وزارة الأوقاف العام الماضي، والذي أحدث ردودَ أفعال إيجابية وسط قطاعات المجتمع؛ باعتبار المشروع رؤية جديدة من وزارة الأوقاف في إدارة الأموال الخاصة بالوقف، تكوَّنت بعد تجارب عديدة، خاصة وأنَّ الوزارة أعلنت أنها تُتيح لجميع المؤسسات الوقفية والأفراد العمل ضمن إستراتيجية واضحة يُسهم فيها المجتمع كشريك حقيقي في إدارة الأوقاف واستثمارها؛ بهدف ديمومة الوقف، ولتتحوَّل فكرة الإنفاق المباشر إلى إيجاد مصادر تنموية مستدامة.

وقد أبدع العُمانيون على امتداد تاريخهم في إيجاد أشكال وأنواع مختلفة للوقف؛ منها: الأوقاف المائية التي تكون من الحصص المائية في الأفلاج، والتي توجّه لخدمة الفلج نفسه، أو لمصارف أخرى منها ما يتعلق بالتعليم أو بمصالح المجتمع ومرافقه العامة كالمدارس والمساجد والمجالس العامة والمقابر وموارد الماء...وغيرها، وإيجاد مثل هذه المنظومة الوقفية أفضل ترجمة للروح الحضارية التي بثها الإسلام ورسخها.

تعليق عبر الفيس بوك