السائح والرغبة في خوض التجربة

 

عبدالعزيز بن بدر اليحمدي

أسعدنا كثيرا خبر اختيار العاصمة العمانية مسقط من ضمن قائمة أفضل الوجهات السياحية الموصى بها للزيارة في عام 2018 على مستوى العالم لما بها من مقومات تميزها عن بقية المدن والعواصم، وإطلاق الوسم المشهور على مواقع التواصل الاجتماعي والذي جاء بعد هذا الاختيار وسم (#مسقط_ترحب_بالعالم).

نعم هذه هي مسقط وهكذا هي عمان وشعبها المعروف بطيبة الأخلاق وكرم الضيافة. واغتناما لهذه المستجدات من الرائع أن نقف ونتدارس بعض النقاط التي تمكننا من تطوير ما نملك، وكما هو معروف مع اختلاف الثقافة بين البلدان تختلف معها التجارب السياحية، كما تختلف توجهات السائح ورغباته. فالسياحة لبلد جديد تعني له اكتساب تجربة جديدة لم يخضها من قبل وثقافة يسعى لمعرفتها واكتشاف ما تخبئه بين ساكنيها وذكريات ستسجل في ذاكرته. فهناك الكثير من الدول التي تمتلك تاريخا ثريا تم إحياؤه مجددًا من أجل تنمية الحركة السياحية والاقتصادية للمنطقة فأصبحت القرى تتنافس فيما بينها قبل الدول كل يسعى لإظهار ما يتميز به عن الآخر وصنع عامل جذب سياحي واقتصادي يساعد في انتعاش التجارة. حيث يكون السائح متعطشا لخوض هذه التجربة من الناحية المعنوية والمادية ونقلها لأقاربه وأحبائه، ولكن ما يزعج هذا الزائر هو عدم حصوله على التجارب الحقيقية التي تمكنه من عيش تلك اللحظة بكامل تفاصيلها فيكتفي بتخيل بعض القصص المتداولة وربطها بطريقته بما يراه كائنا أمامه. ومن ثم يقوم بنقل ما تخيله للآخرين سواء كان ذلك صحيحا أم مجرد محاولة فردية منه لربط القصة. فلو نظرنا عن قرب لبعض المقوّمات السياحية المحلية التي تميز سلطنتنا الحبيبة عن غيرها من الدول لوجدنا ما يبهرنا ولكن ينقصها ما يعيد ترتيبها بأسلوب متقن وتسويقها على المستوى العالمي. فعلى سبيل المثال تشتهر عمان بالحلوى العمانية ذات المذاق الرائع والرائحة الزكية ولكنها لا تمتلك مصنعا سياحيا يتيح للزائر الاطلاع على مراحل صناعتها لتخرج بهذا الشكل الرائع.

كما أننا نمتلك حيوان الإبل الذي قلّ ما يراه سكان الأرض من غير العرب ولكن نحتاج إلى وجود برامج سياحية ورحلات لمدة يومين على سبيل المثال على ظهور هذه الإبل والتخييم بالطريقة البدوية في الصحاري الرائعة وجعل السائح يعيش تلك التجربة بنفسه. ونمتلك أيضًا أنواعا من العسل الطبيعي ولكن لا نجد منحلا سياحيا يستقبل الزوار على مدار السنة ويجعل الزائر يعيش تجربة الحصول على العسل بيده. كما أنعم الله علينا بجبال شامخة بالإمكان استغلالها بتوفير بعض الأنشطة والهوايات العالمية كتسلق الجبال وعمل تلفريك بين القمم العالية ووجود بعض المقاهي والمطاعم المطلة على المناظر الخلابة. ولا ننسى البحر ورحلات الصيد والغوص والاستمتاع بالشعب المرجانية والألعاب الشاطئية وغيرها الكثير.

كل هذه المزايا التي حبانا الله بها لم تستغل الاستغلال الأمثل لمصلحة السياحة وجميعنا يعلم بذلك ولكننا نفتقر لدراسة متطلبات السائح بشكل دقيق لنتمكن من تلبية احتياجاته. فينبغي علينا نحن العمانيين أولا التركيز على تنمية وتطوير ما نملك من مقومات محلية ونستثمر فيها الاستثمار الجريء لندير به عجلة الاقتصاد والسياحة، ونستطيع تسويق ثقافتنا وحضارتنا الثمينة للعالم الخارجي. فلنبادر من أجل هذا الوطن ونبني حاضرنا ومستقبلنا بيدنا، ولا نترك المجال للآخرين ليقوموا بذلك بدلا منا. وفقنا الله جميعا لتحقيق هذا الطموح.

تعليق عبر الفيس بوك