"نووي إيران" والاستقرار الإقليمي

 

يبدو أنّ الملف النووي الإيراني لن يتم غلقه نهائيا إلا إذا أخذت الأمم المحبة للسلام على عاتقها مسؤولية حمايته، وصونه من أي خطوات غير مسؤولة تقوم بها أي دولة تكون طرفا في الاتفاق، الذي كانت السلطنة طرفا أصيلا في المفاوضات التي سبقته ومهدت الطريق لإنجازه، وكانت العاصمة مسقط مسرحا لاستضافة مفاوضات ماراثونية أثمرت في نهاية المطاف عن إبرام الاتفاق التاريخي.

القرار الأمريكي الأخير بشأن الانسحاب من الاتفاق، يأتي من إدارة تهوى الخطوات الهوليوودية، وتفضل دائما المواقف الاستفزازية، بداية من قرار منع دخول عدد من جنسيات دول مسلمة إلى قرار بناء جدار مسلح مع الجارة المكسيك، ومرورا بقرار رفع الرسوم على بعض الواردات لأمريكا، والذي استهدف دولا بعينها، وليس ختاما بقرار نقل السفارة الأمريكية في الكيان الإسرائيلي من تل أبيب إلى القدس المحتلة، كل هذه القرارات تأتي من إدارة تسعى لرفض الآخر وإقصائه، وبل وإشعال الموقف أكثر وأكثر.. فقرار منع مواطني دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة أثار غضب حكومات هذه الدول رافضة اعتبار مواطنيها في المجمل "إرهابيين" سواء تلميحا أو تصريحا، فضلا عن أنّ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أثار موجات غضب عارمة سواء على المستوى الشعبي أم على مستوى الحكومات، والتي أعلنت رفضها للقرار واعتبرته تخليا من الولايات المتحدة عن حياديتها تجاه القضية الفلسطينية كوسيط.

انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني واستئناف فرض العقوبات على طهران من قبل واشنطن، دفع الاتحاد الأوروبي والدول المنخرطة في الاتفاق إلى التأكيد على أنّ الموقف الأمريكي لا يعني انهيار الاتفاق، وكذلك الحال بالنسبة لإيران التي أكدت التزامها ببنوده، ولذا ليس مستغربا أن تنشأ حالة من الرفض الأوروبي الشعبي والحكومي تجاه محاولة أمريكا إخضاع أوروبا لقراراتها، وبالتوازي تأكيد أوروبا أنّها لن تكون تابعة لأمريكا.

إن الاستقرار الإقليمي ضرورة لازمة، ويتعين على دول المنطقة أن تعمل على تعزيزه، ويجيب عدم السماح لأي طرف أن يتسبب في أي خلل بهذا الاستقرار الذي يعاني في الأساس من هشاشة غير مسبوقة، في ظل تمزق دول وتفشي العنف والإرهاب في دول أخرى، وأنّه يجب أن تركز الحكومات والأنظمة على التنمية وتقليص معدلات الفقر والبطالة، ونشر بساط السلام في ربوع الإقليم.

تعليق عبر الفيس بوك