آمال وتحديات تثيرها قمة البلوك تشين الأولى في دبي

 

 

عبيدلي العبيدلي

احتضنت مدينة دبي الدورة الأولى لـ "قمة مستقبل بلوك تشين"، التي انطلقت أعمالها من مركز دبي التجاري العالمي. واستضافت هذه الفعالية التي استمرت يومي 2 و3 مايو 2018، "أول برنامج للحوار وتبادل المعارف بين الرواد العالميين على مستوى العالم، والذي يشمل جلسات مغلقة تجمع أهم رواد ومسؤولي تقنية بلوك تشين الحكوميين وممثلي الصناعة رفيعي المستوى لمناقشة التحديات والفرص في مجالي الحوكمة وقابلية التشغيل البيني".

وتحدث في الجلسة وزير الدولة للذكاء الاصطناعي الإماراتي عمر بن سلطان العلماء، الذي "أكد أهمية هذا الحدث العالمي، (مشيرا إلى أن) استراتيجية الإمارات للبلوك تشين 2021 تهدف إلى مساعدة الجهات والدوائر الحكومية على مواجهة التحديات المستقبلية لتساهم في توفير أحد عشر مليار درهم يتم إنفاقها سنويا من خلال التعامل بالمستندات والمعاملات الورقية".

وتشير بعض التوقعات إلى "أن هذه التقنية سوف تتيح فرص الأعمال في هذا القطاع الذي ستصل قيمته إلى 20 بليون دولار عام 2024. ومن المتوقع أن يزيد الإنفاق على حلول تقنية بلوك تشين في الشرق الأوسط وأفريقيا لتصل قيمته إلى 80.8 مليون دولار هذه السنة، بما يعادل 107 في المئة مقارنة بـ 2017."

في هذا السياق يؤكد رئيس مجلس إدارة شركة سمارت وورلد، سعيد الظاهري، "على أنه لا يمكن لأحد تجاهل أهمية البلوك تشين والعملة الرقمية الافتراضية (بتكوين) في هذه اللحظة التي تكتسب فيها زخمها، مشيرا إلى أنّ البلوك تشين تعد بمعاملات سريعة وذات كفاءة من ناحية التكلفة، وهي مهمة لكل الصناعات، بما في ذلك قطاعات الرعاية الصحية، والعقارات، والتأمين، وغيرها، متوقعاً- أن يشهد العالم العديد من حالات التبني لتلك التكنولوجيا في السنوات الخمس إلى العشر القادمة في ظل التوقعات - بأن يرتفع حجم سوق البلوك تشين من 210 ملايين دولار في العام 2016 إلى 2.3 مليار دولار بحلول العام 2021، أي بمعدل نمو سنوي تراكمي يتجاوز 60%".

من جنبها كشفت مدير عام "دبي الذكية" د. عائشة بنت بطي بن بشر، في تصريحات صحفية على هامش أعمال القمة "عن طلبات خليجية وعربية من بينها مصر والمغرب والكويت والبحرين والهند وباكستان وأستراليا ودول أمريكا الجنوبية، للاستعانة بخبرات دبي في المدن الذكية وتقنيات بلوك تشين".

على نحو مواز نوهت رئيس الاتصالات والتسويق في مجموعة (بيت فري BitFury) جيمي سميث إلى أنّ تقنية بلوك تشين "هي في الأساس، الطريقة الأكثر أماناً التي تمكننا من إجراء التبادلات اليوم، والتي تتيح لنا إرسال (الأصول) دون استخدام مبعوث ثقة، وبالتالي فهي تُنشئ سوقاً رقمية عالمية مشتركة للتبادل، (مؤكدة على أنّ لتقنية بلوك تشين) القدرة على جعل العالم أكثر كفاءة، ومكاناً بعيداً عن الاحتكاك، لافتة إلى أن عدد الأفراد الذين يعيشون في ظلّ أنظمة فاسدة حول العالم كبير جداً، وإذا ما تم استخدام التقنية بالشكل الصحيح، فإنّه يمكن لها إصلاح أنظمة بأكملها". ونوهت سميث إلى "أن هناك ثلاثة عوامل أساسية ستغير العالم، في السنوات القليلة المقبلة، إذ سيكون هناك اتصال لاسلكي بالإنترنت حول العالم، ما يمكن الجميع تقريباً من اقتناء هاتف، فضلاً عن تقنية بلوك تشين التي ستوفر للناس نظاماً آمناً يتيح لهم إجراء العمليات التجارية بحرية ضمن منصة عامة آمنة".

تأتي هذه القمة وسط توقعات بحثية تشير إلى تنامي سوق هذه التقنية. فوفقا لدراسة ميدانية نشرتها شركة البيانات العالمية، (IDC)، من المتوقع "أن ينمو حجم الإنفاق على تقنية بلوك تشين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وحدها من 38.9 مليون دولار في 2017 ليصل إلى 80.8 مليون دولار بنهاية العام 2018، وفقاً للدليل العالمي نصف السنوي للإنفاق على تقنية بلوك تشين".

وفي الاتجاه ذاته تتوقع شركة أي بي إم العملاقة، اعتمادا على مسح بيانات شمل 200 بنك، "أن يكون لدى 65% من البنوك مشاريع بلوك تشين خلال 3 سنوات، مع تصدر هذا التوجه من قبل البنوك الكبيرة التي لديها أكثر من 100 ألف موظف"، (محددة) أكثر الجوانب التي تحتاج لابتكارات بلوك تشين وهي التسويات والدفعات الإجمالية والأسهم وإصدار الديون والبيانات المرجعية".

الكاتب بجريدة الاتحاد الظبيانية، حسام عبد النبي، وفي مقالة له حملت عنوان "مستقبل مختلف" ينقل عن شريك الاستشارات الرقمية والتقنية في بي دبليو سي الشرق الأوسط، ماكس دي جريجوريو، قوله "إنّ تقنية البلوك تشين قادرة على تغيير وجه الشركات التجارية ولاسيّما في قطاع الخدمات المالية الذي يحتمل أن يكون أكثر القطاعات تأثراً بهذه التقنية الجديدة، (منوها إلى) إن تقنية البلوك تشين قد تؤدي إلى مستقبل مختلف حافل بالتنافسية الشديدة في قطاع الخدمات المالية، إذ من المنتظر حدوث تحول جذري في مراكز الأرباح الحالية وإعادة توزيعها على ملاك منصات البلوك تشين الجديدة ذات الكفاءة العالية، لافتاً إلى أنّ بعض البنوك التي تتميز ببعد النظر في منطقة الشرق الأوسط قد شرعت في بحث الطرق التي يمكن للبلوك تشين أن تغير بها المناهج التي تتبعها هذه البنوك في التجارة والتسوية وإدارة الأصول الاستثمارية والرأسمالية، إدراكاً منها أنّ هذه التقنية الجديدة قد تصبح ميزة تمكنها من التعامل مع الصفقات بدرجة أكبر من الكفاءة والأمن والخصوصية والاعتمادية والسرعة".

رغم كل هذا الزخم، وهذه التوقعات الواعدة بنمو غير مسبوق في هذه التقنية، هناك بعض المصادر تحذر من بعض العوامل المعيقة لنمو هذه التقنية وتطورها، من بين الأبرز بينها، الجهل بهذه التقنية، وحداثة عمرها بالإضافة إلى غياب "المعايير والمقاييس الدولية لهذه التقنية، وعدم تقبل المشرع (Regulatory Acceptance) لأنّها ببساطة تحتاج لتغيير جذري في الإجراءات والقوانين والسياسات، (بالإضافة إلى سلوك) مقاومة التغيير Resistance to Change".

تلك كانت بعضًا من الآمال التي تبعثها هذه التقنية مصحوبة ببعض التحديات التي تضعها في وجه من يسعى للاستفادة من مزاياها.