بِنْيَة مواجهة الكوارث والأزمات في عُمان


د. عيسى الصوافي - سلطنة عُمان
دكتوراه في إدارة الأزمات

 

إن إحداث بِنْيَة متخصصة مُكَلَّفَة بمواجهة الكوارث والأزمات ليس وليد اليوم بالنسبة لسلطنة عُمان، فقد دُشِنَتْ منذ الثمانينيات بنية أولى بصورة ولَّدت القناعة بضرورة تغييرها ووضع بديل عنها وهو ما دفع إلى دعم الجهاز الجديد وتقوية صلاحياته فجاءت حصيلته غنية ومتميزة عن سابقه.

أولا - اللجنة الوطنيّة للطوارئ:
لقد وجدت بالسلطنة بِنية كان موكول لها صلاحية التصدي للكوارث والأزمات التي تتعرض لها السلطنة، وكانت تتشكل من وزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة وبعض الجهات الحكومية الأخرى وفق الإمكانيات المتوفرة لديها ووفق نوع الأزمة أو الحدث. وظهر أول عمل حقيقي لهذه الهيئة هو التدخل في تقديم الإغاثة الإنسانية للسكان أثناء الإعصار الذي ضرب جزيرة مصيرة وبعض قرى محافظة ظفار في يونيو من عام 1977م، إذ عقبها تم تشكيل لجنة برئاسة معالي وزير الشؤون الاجتماعية والعمل وعضوية الجهات الحكومية المذكورة.
وفي إطار الاستفادة من الدروس المستخلصة من هذه التجربة الأولى وتأكيداً على أهمية الإدارة الفاعلية للأزمات والطوارئ، أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ المرسوم السلطاني رقم (32/88) بتشكيل اللجنة الوطنية للطوارى.
لقد أبرز هذا التطور انشغال حضرة صاحب الجلالة الدائمة بمنظومة إدارة الأزمات والطوارئ بالسلطنة وحرصه على الرقي بها إلى أعلى المستويات. وبذلك تفضل جلالته بإصدار أوامره السامية بتشكيل هذه اللجنة الجديدة التي حلت محل العلاقة وأسندت رئاستها إلى شرطة عمان السلطانية مع الجهات المعنية ذات العلاقة. هكذا بدت واضحة دعوة السلطان قابوس لإعادة صياغة المنظومة الوطنية لإدارة الأزمات والطوارئ وإيجاد الآليات الكفيلة بتحقيق الجاهزية التامة في الأحوال الاستثنائية، كما حددت لها مهام تكفلت بإنجازها عليها، وهي كالتالي:
(1) إعادة صياغة الخطة الوطنية لإدارة الأزمات بمشاركة كافة الجهات المعنية.
(2) العمل على إيجاد مركز مجهز لإدارة الأزمات، وأن يراعى عند تصميمه جميع العوامل الجغرافية.
(3) بناء على قواعد بيانات محدثة لجميع المنشآت المدنية والطرق والتضاريس وأنظمة المعلومات الجغرافية.
(4) إعادة توزيع مخازن الاحتياطي الغذائي في محافظات ومناطق السلطنة، تسهيلاً للإجراءات الإدارية وعمليات الإمداد، وإيجاد مركزية لتوزيع مواد الإغاثة في المناطق المتأثرة.
(5) تفعيل خطة الطوارئ التي تم إعدادها من قبل اللجنة الوطنية الخاصة بمجالات الأزمات الناتجة عن استخدام المواد الخطرة.
(6) تأسيس مستشفيات قابلة للنشر السريع، بما في ذلك نقلها جواً.
(7) وضع خطة إعلامية مشتركة مرجأة بين وزارة الإعلام وقوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة.
(8) تأهيل وتجهيز المراكز المخصصة لعملية الإيواء أثناء الأزمات، بالخدمات والمرافق اللازمة، بما في ذلك التغذية.
(9) توفير مخزون مائي للمستشفيات المرجعية يتم استخدامه عند توقف محطات تحلية المياه.

ثانيا - اللجنة الوطنيّة للدفاع المدني:
إن المتتبع لتطورات منظومة إدارة الأزمات والطوارئ في سلطنة عُمان يدرك مجموعة من المبادئ العامة التي تحدد وتوجه سياسة السلطنة في هذا المجال، ومن أهمها:
(1) توسيع قاعدة المشاركين في المنظومة، فلئن ظلت المؤسسات الحكومية وفي مقدمتها قوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية في طليعة المسؤولين على إعداد وتنفيذ خطط الطوارئ فإن المراسيم السلطانية السامية والقرارات الوزارية قد فتحت الباب تدريجياً لمزيد من دوائر القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في المنظومة، وقد تجسد هذا التوجيه في توسيع عضوية الجهات المسؤولة عن إدارة الأزمات من (7) جهات سنة 1988م (عندما كانت تسمى اللجنة الوطنية للطوارئ) إلى (21) جهة (اللجنة الوطنية للدفاع المدني).
(2) إيمان السلطنة بضرورة العمل الاستباقي والتنسيق المحكم بين الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع في مواجهة الأزمات، فالمقاربة الشاملة التي تتبناها السلطنة في غدارة الأزمات والطوارئ تقتضي التخطيط المسبق الذي يشمل التعامل مع الأزمات، قبل وأثناء وبعد الأزمة.. والتدريب على حالات افتراضية لضمان التعرف على أي ثغرات في التخطيط أو التنفيذ قبل حدوث الأزمة والتحقق من أن الجهود والموارد المتوافرة مستخدمة بشكل يضمن مردودها الأقصى ويقلل من احتمالات التعارض بينها.
(3) اهتمام قائد مسيرتنا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ الشخصي بهذا الملف ومتابعته له عن كثب. وقد تجلت الرعاية السامية في المراسيم والقرارات الوزارية التي تفضل جلالته بإصدارها أو الإيذان باعتمادها لاستحداث الآليات الكفيلة وتنظيم العمل بهذا المجال تأكيد من لدنه على الأهمية القصوى لهذا القطاع:
•    المرسم السلطاني رقم (32/88) بتشكيل اللجنة الوطنية للطوارئ.
•    المرسوم السلطاني رقم (73/88) بإجراء تعديل في المرسوم السلطاني رقم (32/88) بإنشاء اللجنة الوطنية للطوارئ.
•    المرسوم السلطاني رقم (51/89) بتعيين عضو في اللجنة الوطنية للكوارث الطبيعية.
•    المرسوم السلطاني رقم (75/99) بتعديل قانون الدفاع المدني.
•    المرسوم السلطاني رقم (51/2003) بإعادة تشكيل اللجنة الوطنية للدفاع المدني.
•    قرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته رقم (9/2008) بإعادة تشكيل اللجنة الوطنية للدفاع المدني.
•    قرار مجلس الوزراء باعتماد إجراءات التعامل مع المواد الإشعاعية والكيماوية والبيولوجية.
•    قرار المفتش العام للشرطة والجمارك رقم (117/2003) بإنشاء لجان فرعية للجنة الوطنية للدفاع المدني في المحافظات والمناطق.
•    قرار المفتش العام للشرطة والجمارك رقم (158/2003) بتعديل القرار رقم (117/2003) بإنشاء لجان فرعية للجنة الوطنية للدفاع المدني في المحافظات والمناطق.
•    قرار المفتش العام للشرطة والجمارك رقم (63/2005) بإضافة عضو إلى اللجان الفرعية للجنة الوطنية للدفاع المدني في المحافظات والمناطق.
•    قرار المفتش العام للشرطة والجمارك (45/2008) بإعادة تشكيل اللجان الفرعية للجنة الوطنية للدفاع المدني وتحديد اختصاصاتها.
•    قرار المفتش العام للشرطة والجمارك رقم (72/2008) بإضافة عضو إلى اللجان الفرعية للجنة الوطنية للدفاع المدني في المحافظات والمناطق.

اختصاصات اللجنة الوطنية للدفاع المدني:
تقوم اللجنة بمباشرة عدد من الاختصاصات وفق قرار إنشائها، على أننا يمكن التمييز فيها بين ما هو مركزي ووطني وبين ما هو جهوي فرعي، لكن المهام العامة المسطرة لها تقبل أن تستعرض كالتالي هي:
(1) رسم السياسة العامة للدفع المدني بما يكفل تطوير خدمات مواجهة الأزمات والطوارئ.
(2) إعداد وإدارة خطة متكاملة لحالات الأزمات والطوارئ بالسلطنة.
(3) تشكيل لجان فرعية للجنة الوطنية للدفاع المدني في محافظات ومناطق السلطنة وتحديد مجال اختصاصاتها، ووضع القواعد التنظيمية لعملها.
(4) تحديد المناطق والولايات والمدن التي تطبق فيها كل أو بعض تدابير الدفاع المدني المنصوص عليها في هذا القانون، وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها.

أ ــ مهام اللجنة الوطنية للدفاع المدني:
(1) تنظيم جهود وموارد المواجهة لتحقيق غاياتها وفق أفضل الممارسات والتطبيقات المعمول فيها في هذا المجال.
(2) تفعيل الاتصال والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالاستجابة للأزمات والطوارئ.
(3) تنسيق الجهود الخاصة بالحد من المخاطر من أجل تعزيز القدرة على مواجهتها.
(4) تطبيق منهج شامل ومتكامل لتعزيز القدرات الوطنية في التعامل مع الأزمات والطوارئ والتعافي منها.
(5) تنسيق جهود الإغاثة وضمان وصولها إلى المتضررين.
(6) توفير وتبادل المعلومات الدقيقة في وقت مناسب للجهات المعنية.
(7) تطوير الموارد البشرية العاملة في مجال إدارة الأزمات والطوارئ.
(8) تعزيز القدرات لفرق الاستجابة والشراكة والتعاون بين مختلف الجهات المعنية بالاستجابة للأزمات والطوارئ.
(9) متابعة جهود اللجنة الوطنية في الجوانب المتعلقة بالإمكانيات والقدرات الأساسية للتعامل مع الأزمات والطوارئ.
(10) تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
(11) متابعة جهود اللجنة الوطنية في الجوانب المتعلقة بتعزيز قدرات اللجان الفرعية في المحافظات والمناطق في التعامل مع الأزمات والطوارئ.
(12) التنسيق مع الجهات المعنية حول تحليل المخاطر كأساس للتعامل والاستجابة للأزمات وللطوارئ.
(13) وضع نظم ومعايير موحدة للتعامل مع الطوارئ مبنية على أفضل الممارسات.
(14) متابعة جهود التعاون وتبادل الدعم والإسناد بين اللجان الفرعية بمحافظات ومناطق السلطنة.
(15) المحافظة على ضمان الاستعداد الدائم والجاهزية التامة للتعامل مع الحالات الطارئة.
(16) تطوير آليات الاتصال والتنسيق وتبادل المعلومات وضمان استمراريتها في حالات الطوارئ.
(17) تطوير وتطبيق استراتيجية شاملة للتدريب والتأهيل في مجال إدارة الأزمات والطوارئ.
(18) إعداد مقترحات حول تطذوير التشريعات والقوانين واللوائح المتعلقة للتعامل مع حالات الطوارئ بالتنسيق مع الجهات المعنية.

 

تعليق عبر الفيس بوك