عِشْ كما أنت

محمد علي العوض

الآخرون لهم مشكلاتهم أيضًا؛ وبالتالي مشكلاتك لا تعني أنّ الحياة تأخذ منك موقفًا خاصًا

يقدم كتاب "قررتُ أنْ أعيشَ كما أنا" للكاتبة الكورية "كيم سو هيون" نصائح تهدف في مجملها للارتقاء بالذات، والاحتفاء بشخصياتنا مهما تضاءل حجمها شريطة أن نسعى لاعتناق وتطبيق قيم أمثل، وخلق مجتمع معافى مرتكز على فلسفة التعايش مع الآخر وجعل العالم الإنساني مكانا أفضل.

ففي الفصل الأول من الكتاب الذي استعرضه محمود عبد الغفار "مدرس الأدب الحديث والمقارن، كلية الآداب - جامعة القاهرة) بمجلة "مراجعات" تحثنا كيم على احترام الذات بالقول: لا يجب على المرء أن يكون كريم الخلق مع الذين لا يعاملونه بالقدر ذاته من الكرم. علينا أن نصنع مسافة تحمينا من الأشخاص الذين يُحتمل أن يسيئوا إلينا. لا يجب أن نكون بائسين؛ حتى وإن كنا في موقف صعب أو نمر بمرحلة حرجة. على المرء أن يكون ودودًا وأن يهتم بتفاصيل حياة الآخرين لا أن يكون متفرجًا طوال الوقت. عليك أنْ تتحلى بالثقة بالنفس وأن تعتز بذاتك دائمًا؛ فالفخر ليس حكرًا على الأغنياء وحدهم، الفقراء أيضًا من حقهم أن يفخروا بأنفسهم. لا يجب أن يبقى المرء متألمًا من أشخاص عابرين في حياته؛ فكثيرًا ما نبدد طاقتنا ونهدر وقتنا ونخرج مشاعر سلبية من الغضب والكراهية تجاه آخرين لا قيمة لهم في حياتهم؛ لأنّهم مجرد عابري سبيل في طريق حياتنا الطويل. لا يجب أن تُضعفك كلمات الآخرين أو تقلل من اعتزازك بنفسك. لا تعش الحياة وأنت دائم اللعن والسباب لها، فمن طبيعة الحياة ألا تستمر فيها الأحوال على ما هي عليه؛ إذ لا يدوم فيها الفرح ولا الحزن. لا تقدّم الأعذار لنفسك فذلك يفتح باب التقاعس والهروب من تحمّل المسؤولية على مصراعيه، ومهما يحلّ بك من أوجاع وخيبات أمل ليس عليك أن تواجه ذلك بإحساس البائس، بل بإحساس القادر على مواصلة المسير بشموخ. تذكر دائمًا لا يوجد أحد يتمتع بحياة مثالية. لا تبقى حبيسًا لفترة التشكّل في طور الشباب عندما يمضي بك العمر؛ بل استثمر أفضل ما في تلك المرحلة لتكون مصدر طاقة دائمة. انطق بالحق إن كنت تريد أن تحترمك الحياة، لنا جميعًا حقوق متساوية في الاحترام المتبادل لحياة كل منا.

وتنصحنا كيم في الفصل الثاني بأنْ نعيش الحياة على النحو الذي نريده؛ إذ على المرء أن يتحلّى بحس السيطرة على الذات. عليك أنْ تجد الحياة على النحو الذي أنتَ عليه وعلى النحو الذي هي عليه كذلك. لا تؤجل سؤال الحياة لأجل غير مسمّى؛ فالذين يقعون في فخ القيام بما يجب عليهم القيام به فحسب لا يتمكنون في النهاية من عمل الأشياء التي يحبونها أو يتمنون القيام بها. اجعل سؤالك واضحًا ومحددًا تجاه شيء واحد فحسب. إننا في حاجة لما يشبه غسيل المخ لكي نعيد شحن طاقتنا الإيمانية في فضاء يحيطنا به الألم. لن أكون شيئًا آخر غير ذاتي. لستُ في حاجة لإثبات أي شيء عن نفسي للآخرين، أنا في حاجة لأظل ذاتي فقط. لا تستهجن إجابات الحياة عن أسئلتك. ليس هناك إجابات خاطئة عن أسئلة الحياة لدى كل منا؛ لدينا فقط إجابات مختلفة. واجه حقيقة ذاتك واختر أن تكون كما أنت عليه. امكث في المكان الذي يمكنك أن تبدو فيه مشرقًا.

وتحذّرنا في الفصل الثالث من الوقوع في فخ القلق، فتقول: ابقَ خارج نطاق الخواء مثل الحياة تمامًا، تعلّم واكتسب مهارة مواصلة الحياة رغم المشكلات. تأكد أنّ الآخرين لهم مشكلاتهم أيضًا وبالتالي فمشكلاتك لا تعني أنّ الحياة تأخذ منك موقفًا خاصًا. لا تخطط للمستقبل بشكل عشوائي. جِد حلولًا حقيقية وواضحة. لا تكن شخصًا يعيش بحساسية مفرطة؛ لأنّ ذلك يؤدي إلى تفسخ الروابط تدريجيًّا بينك وبين الآخرين وفي كثير من الأحيان لأسباب سطحية. عِش حزنك كاملاً لأنّ الطاقات السلبية القابعة داخلك لن تتحرر دون ثمن. قُل للآخرين إنك مُتعَب عندما تشعر فعليًّا بالتعب، لا تفرط في الكد في العمل لأنّك لا تشعر بالأمان الكافي.

ويسلط الفصل الرابع الضوء على فضيلة التعايش مع الآخر؛ فتخاطبك كيم: كُن مهذبًا مع الآخرين قدر استطاعتك. دع فضولك تجاه حياة الآخرين جانبًا وادخر طاقتك لنفسك. لا تحاول أن تبدو واضحًا ومفهومًا لدى الجميع، لأنّه وفي ظل وجود بعض الناس من ذوي العقول المتزمتة والأفق الضيق سيكون من المستحيل أن يفهمك الجميع. حافظ على الروابط التي بينك وبين الآخرين. لا تفصل بين النجاح والفشل باستمرار لأنّهما قرينان غالبًا. احفظ نفسك قدر المستطاع مما يسببه الآخرون من ألم بمواصلة تحمل مسؤولياتك والقيام بالأمور على الوجه الصحيح. لا تشعر بالخجل تجاه ما تعجز عن فعله. لا تكن طماعًا بحيث ترغب في أن يحبك الجميع. قم بتصنيف الانكسارات والآلام. وثِّق علاقاتك بالآخرين قدر المستطاع. واصل المسير عندما تكون الإشارة خضراء. كن مع شخص واحد على الأقل حتى لا تبقى بمفردك.

وتضع في الفصل الخامس قائمة بما عليك القيام به ليكون العالم أجمل: احكِ قصصًا غير ممتعة أحيانًا، فطبيعة الحياة نفسها ليست ممتعة دائمًا. لا تكن قاسيًا في انتقاد ذاتك، فاعترافك بخطئك هو السبيل الأهم والأوحد لدفع الدين عن هذا الخطأ وليس انتقاد الذات بشدة. تماسك عندما تستدعي الضرورة ذلك. ليس من المخجل أن تعمل بكد لأجل المال. اطرح كل ما يقلقك بعيدًا. تعلّم فن المواجهة والنضال على نحو مميز. اجعل الأمل شيئًا ملموسًا في حياتك دائمًا. اصنع ولو مجرد شيء واحد لأجل أن يكون العالم أفضل. ثق أنّ مدك يد العون لمحتاج سيعود عليك بمثلها وقت الحاجة للمساعدة. لا تشارك في الألعاب الوحشية التي يمارسها الناس هذه الأيام. عِش شبابك ولو كنتَ تائهًا خلاله أحيانًا.

وتختتم كتابها بقائمة أخرى كفيلة بجعل حياتنا ذات مغزى؛ منها: لا تجعل السعادة هدف الحياة الوحيد لديك فأهم أهداف الحياة هو الحياة نفسها. عِش بخفّة فراشة. حاول ألا تجفّ. تعلم كيف تسعد نفسك بنفسك ولا تنتظر أن يمنحك الآخرون السعادة. فكّر فيما اكتسبته باستمرار. ودّع الماضي ولا تنظر خلفك كثيرًا لا سيما وأنت في حالة الضعف. افهم نفسك وتفاهم معها مهما كانت الأحوال. تعامل مع اللا كمال بحبّ. اسأل نفسك باستمرار كيف ستواصل الحياة؟

mohamed102008@windowslive.com

تعليق عبر الفيس بوك