≥ د. رحمة المحروقية: الطريقة المثلى للحد من الآثار الناجمة عن الزلازل تكمن في التقييم الصحيح للمخاطر
≥ د. عيسى الحسين: مركز رصد الزلازل يقدم المشورة لاتخاذ التدابير اللازمة للحد من آثار الزلازل على المشروعات الكبرى
≥ د. عبدالله العنزي: الخليج ليس بمنأى عن الخطر.. ونطمح أن تكون لدينا شبكة وقاعدة بيانات مشتركة للزلازل
مسقط - الرؤية
بدأت، أمس الإثنين، في جامعة السلطان قابوس، فعاليات "الملتقى الخليجي العاشر للزلازل"، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين من دول الخليج العربي ودول العالم، مستعرضين أحدث إنتاجاتهم العلمية المتعلقة بعلم الزلازل والكوارث الطبيعية المرتبطة بها.
يُناقش الملتقى العديد من المواضيع ذات الاهتمام العالمي؛ منها: الزلازل والنشاط التكتوني، وهندسة الزلازل والتراكيب المعمارية، كذلك الكوارث المرتبطة بالزلازل (مخاطرها والوقاية منها)، والحركات الحديثة للقشرة الأرضية. ويقدم أكثر من 80 ورقة بحثية تناقش كافة الموضوعات خلال 12 جلسة، متطلعة لتقييم المخاطر الزلزالية بشكل منهجي صحيح يعود بالفائدة لكل من ذوي الاختصاص وأجهزة الدولة ذات العلاقة.
ويسعى الملتقى -الذي يستمر حتى بعد غدٍ الخميس- إلى تعزيز التواصل وطرح الأفكار والبرامج وتبادل الآراء والخبرات بين المتخصصين، وعرض أحدث ما تم التوصل إليه من خلال البحوث المتعلقة بعلم الزلازل وهندستها وتقييم مخاطرها والتخفيف من آثارها، والتعرف إلى التحديث المستمر لشبكات رصد الزلازل بالمنطقة وتطور تقنياتها، وكذلك بحوث طبيعة الحركة التكتونية للصفيحة العربية وجوارها.
وفي حفل افتتاح الملتقى، الذي رعاه معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات، قالت الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية نائبة رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، خلال كلمة الجامعة: إنه وبالرغم من أن الزلازل لا يمكن إيقافها، أو التنبؤ بدقة بحدوثها حتى الآن، إلا أنه يمكن التخفيف من آثارها؛ وذلك من خلال القيام بإجراءات وقائية مسبقة تتضافر فيها جهود السلطات والعلماء والمواطنين. مشيرةً إلى أنه ونتاجا للدراسات المعمقة والمراقبة المستمرة لحدوث الزلازل ودراسة آثارها خلال العقود الأخيرة، فقد اتفق غالبية العلماء على أن الطريقة المثلى للحد من الآثار الناجمة عنها تكمن في التقييم الصحيح للمخاطر الزلزالية وتقديم نتائجه لمتخذي القرار والهيئات التنظيمية وجهات الإنقاذ والإغاثة حتى يتسنى تصميم وبناء منشآت مقاومة لقوى الزلازل وتيسير وضع خطط الطوارئ والإنقاذ. وذكرت الدكتورة رحمة أنه من هذا المنطلق اضطلع مركز رصد الزلازل في جامعة السلطان قابوس بإجراء تقييم المخاطر الزلزالية عند صخور القاعدة لكافة مدن السلطنة لتكون هذه الدراسات أساساً لإعداد كود بناء مبدئي لمقاومة قوى الزلازل، يمكن الاعتماد عليه وقابل للتطور والاستمرار.
كذلك ألقى الدكتور عيسى الحسين مدير مركز رصد الزلازل بالجامعة ورئيس اللجنة التنظيمية للملتقى، كلمة اللجنة التنظيمية؛ قال فيها: إنه ليس بجديد على حكومة السلطنة تقديرها للبحث العلمي بصفة عامة، وضرورة تقييم الخطورة الزلزالية بكافة أنحاء السلطنة على وجه الخصوص، وكذلك بشبه الجزيرة العربية وما حولها، وحرصها على تقديم كافة سبل الدعم لتوفير المعلومات الخاصة بالزلازل والهزات الأرضية لمساعدة المهندسين والإنشائيين والمخططين على دراسة قوى الزلازل وتأثيرها على المنشآت والمشاريع الهامة بشكل دقيق، ومن ثم تحديد مواصفات هذه المنشآت بحيث تقاوم تأثير قوى الزلازل بأفضل شكل ممكن. مشيرًا إلى القرار الذي أصدره مجلس الوزراء عام 1995م بتكليف جامعة السلطان قابوس بمهمة رصد الهزات الأرضية التي يمكن أن تتعرض لها السلطنة، فشكلت لجنة دائمة تتولى وضع تصورات إنشاء محطات رصد الهزات الأرضية والزلازل في السلطنة، برئاسة الجامعة وعضوية عدد من الوزارات المعنية في السلطنة. وتتويجا لهذا الدور فقد تم افتتاح مركز رصد الزلازل بالجامعة في عام 2001؛ حيث يقوم المركز بالعديد من الدراسات في مجال رصد النشاط الزلزالي وتقييم المخاطر الزلزالية بالسلطنة وما جاورها، مقدما المشورة للعديد من الجهات الحكومية والخاصة لاتخاذ التدابير اللازمة للحد من آثار الزلازل على العديد من المشروعات الكبرى.
وسلط الدكتور عبدالله العنزي من معهد الكويت للبحث العلمي بدولة الكويت، في كلمة المشاركين في المؤتمر، الضوء على آثار الزلازل التي لا تقتصر في منطقة حدوثها، لكنها تمتد إلى المئات من الكيلومترات، مشيرًا إلى الزلزال الذي حدث في العام 2013 الذي تجاوزت قوته 7 على مقياس ريختر في منطقة جبال زاجروس؛ حيث شعرت به جميع دول الخليج العربي وأدى إلى قلقها من ذلك الزلزال. موضحًا أن منطقة الخليج العربي ليست بمنأى من الخطر الزلزالي؛ وبالتالي هذا يتطلب الشراكة والتعاون على كافة الأصعدة لدرء مخاطرها؛ وذلك لحماية المنشآت الحيوية وتطور النشاط العمراني المتزايد.
وقال الدكتور عبدالله أنه يجب علينا بذل الجهود لتوفير المعلومات الخاصة بالزلازل في المنطقة للمهندسين والإنشائيين والمخططين ومتخذي القرار بدولنا؛ وذلك لتحديد مواصفات هذه المنشآت والمشاريع بحيث تكون مقاومة للزلازل. وأضاف: "نطمح أكثر بضرورة الاعتماد على مخرجات البحث العلمي والتطوير التقني والمعلوماتي للحد من مخاطر الزلازل، ومساهمة أكثر بين المؤسسات التنفيذية والجهات الأكاديمية والبحثية، كما نطمح أن تكون لنا شبكة رصد زلازل خليجية موحدة وقاعدة بيانات مشتركة للزلازل يتم الاستفادة منها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي واستخدامها في الأبحاث العلمية".
وعلى هامش الملتقى، تُقام حلقة عمل تتناول المعطيات الزلزالية من شبكة المصفوفات وآلية تحليل البيانات بين الأنواع المختلفة لشبكات الرصد وذلك باليوم الأخير من الملتقى، إضافة إلى الزيارة الميدانية للحد الفاصل بين صخور القشرة الأرضية وصخور الستار (موهو)؛ حيث تعتبر سلطنة عُمان أحد المواقع النادرة على مستوى العالم والتي يظهر فيها هذا الحد بوضوح على سطح الأرض.
يُذكر أن النسخة الأولى من الملتقى الخليجي للزلازل كان عام 2004م في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومن خلال نسخ الملتقى التسع تم تعزيز جسور التعاون بين المؤسسات العلمية ومراكز الرصد الزلزالي؛ حيث تم توقيع اتفاقيات تعاون وتوسع في قنوات التواصل وتم البدء في تبادل البيانات الزلزالية وربط المحطات، إضافة لبذل جهود مشتركة لتدريب الكوادر الخليجية، وتنظيم الورش والدورات والملتقيات والمشاركة في الأبحاث العلمية والنشر العلمي المشترك.
كما أسهمت في إشراك المجتمعات والهيئات البحثية والأكاديمية والجهات التنفيذية لوضع خطط للحد من مخاطر الزلازل والقدرة على التعامل معها والتعافي من آثارها.