هندرة الأعمال

علي العبيد

أُطلق مصطلح "هندرة الأعمال" (Business -reengineering)، ضمن مفاهيم الإدارة الحديثة مُنذ السبعينيات، من أجل تحقيق الميزة التنافسية، وتأثيرها المباشر في رفع معدلات الأداء بين العاملين، ويرجع هذا المصطلح للأصل الإنجليزي "إعادة هندسة الأعمال".

ومن أهم الدوافع التي أملت تبنِّي برامج هندرة الأعمال: جمود العديد من الإدارات التقليدية، وعدم مواكبة ما يستجد من تطورات حديثة على مستوى الساحة الدولية، وظلت بعض الإدارات تؤدي أعمالها بصورة تلقائية، دون إحداث أية تغييرات أو تعديلات في نظم العمل لديها.

وفي هذا الجانب، أحدثت أنظمة هندرة الأعمال تغييرات محورية في أنماط الفكر الإداري، والتخلي عن الموروثات التقليدية في أنظمة الإدارة لدى العديد من المؤسسات والمنشآت؛ وبالتالي تبنِّي أساليب متجدده تتفق ومتطلبات المرحلة الزمنية المعاصرة.

وبما أن هذه الأساليب الحديثه تستهدف تجويد الخدمات، ورفع معدلات الإنتاجية من خلال انسيابية تسلسل العمليات عبر قنوات عمل زمنية، فلابد أن يتم ذلك بالمهنية والاحترافية على النحو التالي:

- التركيز على نتائج الأعمال دون إهمال متابعة التفاصيل وفق جدول زمني لكل وحدة من الوحدات الجاري تنفيذها.

- اتباع نظام الخطط الفرعية للجزئيات في إطار الخطة الرئيسية للمشروع.

- دمج الإجراءات الروتينية ضمن خطوات مُوحَّدة؛ تفاديًا للتأخير والبطء في التنفيذ الفعلي.

- تطبيق نظام المسار الحرج بربط كلِّ عملية مع العمليات زمنيًّا؛ بحيث إذا لم يتم تنفيذ عملية واحدة في الوقت المحدد لها، سيؤدي ذلك إلى تأخير العملية التالية؛ مما يؤثر سلبا على تنفيذ النتائج النهائية.

- إزالة أية معوقات أو تداخلات بين فرق العمل؛ وذلك بصورة فورية دون تأجيل.

- صقل مهارات العاملين كل في مجال تخصصه؛ من أجل تحقيق الجودة وسرعة الإنجاز.

لذلك؛ يتوجب التقيد بأسس الإدارة العلمية لتحقيق نتائج عالية القيمة للمستفيدين من الخدمات ومخرجات الإنتاج، ويمكن الوصول إلى هذا الهدف من خلال التالي:

* الاختيار المناسب لأسلوب هندرة الأعمال؛ بما يلبي متطلبات المرحلة.

* تحديد الأهداف المنشودة.

* تعريف الصعوبات التي تطرأ على مسيرة العمليات المؤداة.

* وضع البدائل العلمية والعملية التي تفضي لحل هذه المشاكل والصعوبات.

* معرفة مزايا وعيوب كل بديل من البدائل المرشحة للحل.

* كيفية اختيار البديل السليم لعلاج المشكلة، أو كما هو متعارف عليه إداريا (البديل الأمثل).

* إعداد برنامج متابعة التنفيذ، ومقارنة النتائج بما تم التخطيط له مسبقا.

* تعزيز قيمة الانتماء المؤسسي، ورفع الوعي المهني في مجال أخلاقيات وسلوكيات العمل.

ويتم التحقق من ضبط معايير الجودة الشاملة في المجالات أدناه:

1- الإدارة من حيث اللوائح وحفظ المستندات والإجراءات الإدارية المتبعة.

2- الموارد البشرية؛ وذلك بتأهيل وتقييم أداء العاملين.

3- الموارد المادية، والتي تشمل المباني والتجهيزات والآليات المستخدمة.

4- تنفيذ برامج الإرشاد والتوجيه المهني بعمل حلقات وورش عمل وندوات لتعزيز ثقافة العمل الجماعي.

5-  سلامة برامج ومسارات العمل الجارية في المؤسسة المعنية.

6- تقييم ومتابعة ومقارنة النتائج بالخطط المرسومة مسبقا.

7- التقليل من التعامل الورقي والاستفادة من التقنيات الحديثة والربط الإلكتروني بين الأقسام والوحدات داخل وخارج الموسسة المعنية.

8- التأكيد على مبدأ إرضاء الزبون الداخلي والخارجي.

واتساقا مع ما سبق، فإن مفهوم إعادة هندسة الأعمال (الهندرة)، لا يستهدف التغيير في هيكل أو شكل المؤسسات في حدِّ ذاته، بل تتطلع هندرة الأعمال إلى استحداث وإنفاذ التفكير الإبداعي غير التقليدي، على أن يبدأ هذا الأسلوب الجديد من نقطة (الصفر)، حتى يُمكن بناء الأنظمة الحديثة من القاعدة، أو البداية، بدلا من البناء فوق الموروث القديم باستصحاب آليات ونظم علمية مدروسة، أو مأخوذة من تجارب عملية مماثلة ناجحة. وفي هذا المسار، تبرز أهمية وضرورة برامج التدريب لتأهيل كافة العاملين على مستويات الإدارة العليا والوسطى والمباشرة لاستيعاب وهضم فكرة هندرة الأعمال، والتي بلا شك ستعود بالنفع المباشر على مخرجات العمل الخدمي أو الإنتاجي.

 

* خبير تدريب

تعليق عبر الفيس بوك