منتخبات المراحل السنية تعاني غياب الإستراتيجية الفنية

الرؤية - وليد الخفيف

أعلن اتحاد كرة القدم عن مشاركة المنتخب الأولمبي في دورة الألعاب الآسيوية الثامنة عشرة، التي ستُقام بإندونيسيا خلال الفترة من 18 أغسطس وحتى 2 سبتمبر؛ إذ تعد المشاركة استعدادا مثاليا لخوض غمار التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020.

وأخفق المنتخب الأولمبي تحت قيادة حمد العزاني في آخر ظهور له بنهائيات أمم آسيا الأخيرة، التي أقيمت في الصين، فودَّع المنافسة من الدور الأول، مُحمَّلا بثلاث خسائر من الصين وأوزبكستان وقطر، متذيلا المجموعة بلا رصيد، ولا الأهداف تزامنا مع أداء فني باهت كان محل نقد الوسط الرياضي في السلطنة.

وكانتْ الطموحات معقودة على الأحمر الأولمبي لنيل اللقب، عطفًا على فترة الإعداد التي وصفت بالجيدة، وتزامنًا مع الإداء الراقي الذي قاد الأحمر الأولمبي لنيل وصافة بطولة التضامن الإسلامي ونيل لقب الخليج؛ فالنتائج جاءت مخيِّبة للأمال مخالفة للتوقعات.

اتحاد كرة القدم من جهته التزم الصمت، ولم يُعقِّب على الإخفاق حتى اللحظة دون أن يوضح أسبابه، أو من يتحمل مسؤوليته، ولم يكشف أيضا عن السبل التي تحول دون تكراره مستقبلا، فما زال الأمر ضبابيا.

ولم يُعلن اتحاد الكرة أيضا عن موقفه تجاه المدرب الوطني حمد العزاني، غير أن مصادر لـ"الرؤية"، أكدت أن المدرب ما زال على رأس عمله بموجب عقد يمتد لعامين؛ لذا فالعزاني سيقود الأحمر الأولمبي في استحقاق إندونيسيا، بموجب عقد سارٍ المفعول مع اتحاد كرة القدم.

وأوصى المراقبون بضرورة كشف اتحاد كرة القدم عن الهدف العام من خوض بطولة الأسياد؛ فهل يعتبر الأحمر الاولمبي الدورة بمثابة استعداد جيد لخوض التصفيات المؤهلة لأمم آسيا، أم أن الهدف العام يكمن في تحقيق اللقب؟ فبناء على الهدف العام ستتحدد إستراتيجية الإعداد وقائمة اللاعبين المشاركين وأعمارهم السنية.

وعانت منتخبات المراحل السنية الثلاث من غياب الإستراتيجية العامة والرؤية بعيدة المدى؛ فالنتائج المرحلية كانت دائمًا محط أنظار الاتحاد ولجانه المختصه؛ لذا فالأولمبي يعاني غياب الاستقرار بشكل متواصل؛ فالاتحادات التي وضعت أولمبياد طوكيو 2020 هدفا رئيسيا، استثمرت بنجاح لاعبيها مواليد 97 بغض النظر عن النتائج، فوضعت لهم الإستراتيجية العامة المتضمنة للإعداد لبلوغ هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة والضامنة لتحقيق نتائج إيجابية، وكان من المفترض أن تكون دورة الألعاب الآسيوية بإندونيسيا إحدى محطات الإعداد لأبناء هذا الجيل، بيد أن الإستراتيجية الفاقدة للرؤية البعيدة الساعية لتحقيق نتائج فقط لم تنظر لذلك، فبعد حصول مواليد 97 على المركز الثالث في بطولة الخليج لم يتم الاعتماد عليهم في تصفيات آسيا التي أقيمت بأذربيجان، بل تم الاعتماد على اللاعبين الأكبر سنا من أجل تحقيق النتيجة الإيجابية التي تضمن بلوغ نهائيات آسيا بالصين. ومع بلوغ النهائيات، شارك الأولمبي بقائمة مختلفة اعتمدت أيضا على الأكبر سنا، عدا أربعة لاعبين فقط من أبناء تلك المرحلة كان اثنان فقط منهما أساسيين، وبعد مرور عام ونصف العام، سنعود للمنتخب 97 البعيد عن المنافسات الدولية منذ ما يقارب العام ونصف ليخوض من المربع الأول دورة الألعاب الآسيوية بإندونيسيا، قبيل الاستعداد لخوض التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو يوليو 2019؛ لذا ففارق الخبرة والعمر التدريبي يميل نحو المنافسين من كبار القارة لتنفيذهم إستراتيجية واحدة بهدف واحد، مفاده بلوغ مواليد 97 لأولمبياد طوكيو والاعتماد عليهم في خوض التصفيات المؤهلة لنهائيات 2022.

يُشار إلى أن البطولة الآسيوية التي أقيمت بمسقط للمنتخبات تحت 23 سنة توِّج بها العراق بطلا، ونال السعودية الوصافة، وحل اليابان في المركز الثالث، ولم تشفع للبطل أو الوصيف لبلوغ أولمبياد لندن لنفس الأسباب السابقة، ومنحت اليابان صاحب المركز الثالث وكوريا واستراليا حق التواجد في لندن؛ لأنهم خاضوا البطولة كمرحلة إعداد لتحقيق هدف أهم.

لذا؛ فالخلفية التاريخية لمنتخبات المراحل السنية الثلاث، الناشئين والشباب والأولمبي -الفاقدة لإستراتيجية واضحة الأهداف ضبابية الرؤية- تشير إلى وضع النتائج على رأس الأولويات، بيد أن التصريحات دائما ما تتضمن أمرا مختلفا، مفاده السعي لرفد المنتخب الأول بعناصر جيدة قادرة على تحقيق ما تصبو إليه كرة القدم العمانية، التعارض بين الواقع المعزز بالأدلة والبراهين والتصريحات جاء انعكاسا لضبابية الهدف العام وعدم الكشف عنه في مؤتمر صحفي يجمع اتحاد الكرة والجهاز الفني لأي من المنتخبات الثلاث. ولعل ضعف الإعداد ملاذ آمن لخروج العديد من المدربين من مأزق المساءلة بعد الإخفاق في ظل تحلي الاتحاد بسياسة الصمت عن الخسارة، وتصدر المشهد الإعلامي عند النجاح؛ إذ يؤمن الأخير بأن الوسط سينسى العثرة الماضية دون تحديد مسؤوليها، ولا وضع الحلول التي تحول دون تكرارها.

وتشير الإحصائيات إلى أن تعزيز صفوف المنتخب الأول من لاعبي المنتخب الأولمبي يبدو شحيحا، ولا يتفق مع تصريحات الأجهزة الفنية؛ فالمنتخب الأول لم يستفد سوى من لاعبين أو ثلاث على الأكثر خلال السنوات الاخيرة، وإذا كان المنتخب الأول يعتمد على صناعة لاعبين جدد للمنتخب الأول، فلماذا شارك جميل اليحمدي في البطولة الآسيوية الأخيرة رغم معاناته من إرهاق البطولة الخليجية؟! فاللاعب طار من الكويت مباشرة إلى الصين دون أن يحصل على فرصة التقاط أنفاس!!

ورغم الخسارة القاسية التي نالها الأحمر الأولمبي في الصين على مستوى النتائج، غير أن الخسارة الأكبر تمثلت في افتقاده لأكثر من 95% من العناصر التي خاضت تلك البطولات، فأربعة لاعبين فقط من قائمة الصين ستشارك معه في التصفيات المؤهلة لطوكيو 2020.. فالمنتخبات التي وضعت طوكيو 2020 هدفا إستراتيجيا كبيرا، خاضت مسابقات السنوات الماضية بلاعبين صغار تأهُّبا للمشاركة الأهم في 2020، أما الأحمر الأولمبي فسيبدأ من المربع الأول، وربما يكون ذلك دليلا آخر على وضع النتائج كأولوية.

يُشار إلى أن هناك سبلا أخرى لضمان رفد المنتخب الأول بالعناصر المتميزة من الأولمبي؛ أولها: اتباع منهجية تدريبية موحدة بين المنتخبين، الأول والأولمبي، غير أن الواقع يؤكد أن هناك اختلافا فنيا كبيرا بين تكتيك حمد العزاني ذي النزعة الهجومية والهولندي فيربيك المعتمد على التكتيك المتزن المائل للتحفظ الدفاعي.

تعليق عبر الفيس بوك