خارطة الطريق لمناهج الطفولة المبكرة.. الأنشطة والأساليب (4/7)

د. عامر بن محمد بن عامر العيسري

 

إن من أبرز القواعد التي يقوم عليها برنامج مؤسسات تعليم الأطفال هو التعليم عن طريق اللعب والعمل والمشاهدة والاستماع والإنشاد، ومن المهم ترك الحرية للطفل لممارسة الألعاب والأنشطة التي يميل إليها بتوجيه من المعلمة، ويتم التعامل مع هذه المفردات بنظام الفترات كأن يخصص لكل مفردة ساعة واحدة مثلاً، غير أن كثيرا من أولياء أمور الأطفال يتوهمون بأن ازدحام منهاج رياض الأطفال بالكتب الدراسية العربية والإنجليزية هو دليل صحة ، ويتوقعون من إدارة الروضة أن تنجح في تعليم أبنائهم القراءة والكتاب في وقت قصير ، لذلك فقد تبارت هذه الإدارات وتجار الكتب بحشد الكتب الملونة والبراقة التي ترضي تطلعات وتوقعات أولياء الأمور . غير أن الحقيقة هي أن العبرة في الكيف وليس في الكم،  ويكفي طفل الروضة أن يمارس بعض الأنشطة ليصبح متهيئا بعد سنتين لتلقي المنهاج المدرسي بنجاح ، وأبرز هذه الأنشطة :
 
1- الاستماع إلى القصص.
2- الرسم بالألوان وبالمعجون.
3- ألعاب رياضية بدنية وترفيهية كالجري والركض والتسلق.
4- ملاحظة الصور ( صور أفراد الأسرة، الحيوانات، الطيور، مناظر طبيعية ).
5- أناشيد وموسيقى ورقصات خفيفة.
6- الرحلات ويتخلل ذلك وجبة طعام خفيفة تقوم على الحليب والعصير والبسكويت.
      ويتم خلال ذلك تعويد الأطفال على العادات الصحيحة خصوصاً في مجال الصحة العامة.

ولأن كل منهج له أساليب لتقديمه وإتاحته للمتعلمين، فإن هناك أساليب خاصة بتقديم المنهج لأطفال ما قبل المدرسة، ولعل من أفضل هذه الأساليب هي الأساليب التي تخرج عن الروتين والتقليد، تلك الأساليب التي تعمل على التشويق والإثارة، الأساليب التي تعمل على التعلم الذاتي، الأساليب التي تعتمد على المرح واللعب والتفاعل والحرية، الأساليب التي تعتمد على التمثيل وعلى المحاكاة بين الأطفال.
إنها أساليب جميعها تكون مشوقة ومثيرة، ولذا ينبغي أن نسلك في أثناء تقديم المنهج لأطفال ما قبل المدرسة عدة مسالك، ونمر بعدة مراحل، من هذه المراحل العمل على تقديم المنهج بطريقة يكون فيها مشاركة، وبطريقة يكون فيها تعاون من الطفل، ويتم ذلك من خلال أن يقوم الأطفال بأنفسهم بالمشاركة في تقديم المنهج لأنفسهم وفق وتحت إشراف وسيطرة المعلم أو المربي في تلك المرحلة.
 ومن هذه الأساليب لعب الأدوار وفي لعب الأدوار، فإن هناك عدة خطوات:
 الخطوة الأولى منها: تحديد الدور الذي سيقوم به كل طفل في إطار تقديم للمنهج أو جزء معين من المنهج لأطفال ما قبل المدرسة، لذا يجب على كل طفل أن يعرف جليًّا وبدقة وعلى نحو تفصيلي الدور الذي سيقوم به حتى يعد نفسه له، وقد يعتذر بعض الأطفال عن الدور الذي يقوم به نتيجة لبعض خصائصه الوراثية أو خصائصه الجسمية أو خصائصه النفسية، وقد يحبذ بعض الأطفال ذلك، ويحرص على المشاركة دائمًا في تقديم الأدوار؛ لأنه يجد في ذلك نوعًا من المتعة والألفة.
الخطوة الثانية: فهي عرض وتقديم المادة من خلال التمثيليات، فإن التعلم التمثيلي من خلال قيام كل طفل بدور يمثل يؤدي فيه معلومة معينة، فعندما نعلمهم قصة عن الصبر بين عدة أشخاص، أو قصة عن الأمانة أو عن الوفاء أو عن الإخلاص أو عن اختيار الرفيق الحسن، فإننا يمكن أن نختار لهذه القصة أبطالًا، كل منهم يقوم بلعب دور، وقراءة معلومات محددة له مسبقًا، في إطار هذا المنهج.
ويقوم الأطفال بتقديم تلك المعلومات من خلال التمثيليات المرحة التي تضفي على التعلم البهجة والسعادة، وتجذب كل المتعلمين أو كل هؤلاء الأطفال نحو التعلم بفاعلية وكفاءة، وأن يندمجوا معًا، وأن لا يتسرب أحد الأطفال بعيدًا عن موقف التمثيلية ومكانها.
الخطوة الثالثة: فهي توزيع الأدوار حسب قدراتهم وميولهم، لذلك ينبغي على القائمين على تقديم مناهج الأطفال بطريقة التمثيل ولعب الأدوار ألا يفرضوا أدوارًا معينة على الأطفال فيؤديها الطفل، وهو مال منه، أو هو كاره له أو يعتذر كلية عن القيام بهذا الدور، ويذهب بعيدًا هناك ليجلس منطويًا فريدًا عن أقرانه؛ لأنه استحيا أن اعتذر عن القيام بدور معين.
وإنما ينبغي على المربي في هذه المرحلة أن يستعرض كل جزء من محتوى المنهج، وأن يفحص وينظر إلى الأطفال في تلك المرحلة، ويحدد في ضوء متطلبات المحتوى أو الموضوع الذي سيقوم بتدريسه، ينظر إلى خصائص كل طفل منهم؛ لأنه خبير بهم، وذو علاقة وخبرة معهم، طوال الحصص الماضية، وطوال العام الدراسي، ويحدد المعلم في ضوء القدرات التي يراها دور كل منهم الذي يمكن أن يلعبه أثناء تقديم المنهج، وكذلك ميول كل منهم أو أن يطرح المعلم في هذه المرحلة الأدوار أمام الأطفال، ويترك لكل منهم حرية الاختيار، إلى غير ذلك من الأساليب.
أما المرحلة الرابعة في تقديم المعلومات، وفي تقديم المنهج لأطفال ما قبل المدرسة: فهي تحديد نسبة أو كمّ وعدد معين من الأطفال لكل مشرفة أو معلمة أو مربية في هذه المرحلة؛ لأن الكثرة يصعب معها التحكم والسيطرة خاصة في ضوء خصائص الأطفال في تلك المرحلة، لذلك ينبغي أن تُعطى كل مشرفة عددًا وكمًّا معين من الأطفال لكي تعلمه ولكي تقوم معه بعملية لعب وتمثيل الأدوار، أيضًا ينبغي تنظيم المحتوى وتنظيم المنهج بطريقة مثيرة ومشوقة للأطفال.
وينبغي أن يكون المكان جيدًا وذات تهوية وإضاءة بما لا يعمل على ملل الطفل وانصرافه تمامًا عن المنهج. 

تعليق عبر الفيس بوك