خارطة الطريق لمناهج الطفولة المبكرة.. نماذج واستراتيجيات التعليم (3/7)

د. عامر بن محمد بن عامر العيسري

تراعي مناهج مؤسسات الطفولة جملة من المعايير تتمثل في مراعاة متطلبات نمو الطفل، وارتقائه النفسي ، و متطلبات المجتمع التي تتمشى مع استعدادات الطفل وقدراته وعمره من (4-6سنوات) ، وكذلك طبيعة المعرفة التي تتناولها المواقف التربوية ، والطرق والوسائل المعينة على تنمية شخصية الطفل ذاتيا واجتماعيا في آن واحد ‘ كما تعمل على تحويل الأهداف التعليمية المنشودة  إلى خبرات يومية أو برامج يومية، وتحقيق هذه الأهداف لا يتم دفعة واحدة ، ولكنه يتم من خلاله محتوى البرنامج ، وممارسة الأطفال لأنشطة البرنامج اليومي، بمعنى أن كل نشاط يهدف إلى تحقيق أهداف جانب من جوانب النمو لشخصية الطفل (التدرب الحسى، والنشاط الموسيقى، ونشاط العضلات الغليظة، ونشاط العضلات الدقيقة، والنشاط القصصي والتمثيلي، وهذه المناشط التربوية في كل وحدة تعليمية مترابطة مع بعضها البعض، وموظفة لتنمية استعدادات الطفل، وتفتحها، لأن فلسفة التربية في مؤسسات تعليم الأطفال تؤمن بأن الطفل هو محور العملية التعليمية.

وتوجد حاليا مجموعة من المناهج المستخدمة في مؤسسات تعليم الطفولة المبكرة يمكن أن نذكر منها :
منهج المشاريع وهي التي يكون فيها المعلم ميسرا ، حيث يختار الطفل الموضوع ويديره بنفسه  معتمدا على أسلوب التعلم التعاوني مما ينمى فهم الأطفال  ويصقل مهاراتهم من خلال تكرار ممارسة الأنشطة المتنوعة لخدمة اغراض متعددة .
المنهج المطور : ويقوم على أن تفكير الطفل يختلف عن الراشد  من خلال التركيز على  الخبرات حسيه و التفاعل لتنمية المفاهيم و التعلم ذاتي و  ربط التعلم بالنضج و قدرة التركيز محدودة والتعلم وفقا للقدرات والتفكير المنطقي وفقا للمرحلة و تنويع بيئة التعلم .
منهج خطوة فخطوة : وهو منهج يقوم بإعادة بناء العلاقات الإنسانية على أسس علميه ويتم بتدريب المعلمات واكسابهن  القدرة على التخطيط  المسبق , واحترام قدرات الطفل , وتوفير تعلم نشط , وتحفيز بيئة التعلم بالأركان , واتاحة خيارات متعددة امام الأطفال , وممارسة التعلم التعاوني , وتوفير المناخ الإيجابي ، ومعارف قابله للتطبيق , وتوفير شراكه مع الآباء.  
المنهج الإبداعي :  وهو منهج له اطار محدد  ينظم أدور الأطفال ويترك لهم الحرية في ممارسة إبداعاتهم وتنمية مواهبهم وتعمل فيه المعلمة على توصيل المعلومات وإكساب المهارات من خلال أساليب الملاحظة والتقييم واتخاذ القرارات , مراقبة تطور الأطفال , وتوجيه تعلم الأطفال , تقييم التعلم بجمع الحقائق وتحليلها والتخطيط للتعلم الجديد.
منهج من طفل لطفل : وتكون فيه المعلمات ميسرات للعمل ومصدر للمعرفة تقوم بتحفيز اسئلة الأطفال  ، وتشجيع تعلم الطفل من زميله, وتعمل على توفير مصادر المعرفة , وتوزيع ادوار الأطفال , وتساعد ربط الأطفال لخبراتهم وتراكم المعارف , وتقدم الدعم للأطفال وفقا لقدراتهم ، وتدعم علاقات الأطفال , وتوفر الأمن والطمأنينة , والتعلم من خلال الممارسة و اللعب وتكرار الخطأ .
وهناك بعض الطرق التدريسية التي يمكن اعتبارها اتجاهات رئيسية في تدريس الأطفال وفيما يلى عرضا لهذه الطرق لتكون عونا للمعلمة في أدائها لدورها في تخطيط وتنفيذ برامج الأطفال ومن هذه الطرق ما يلى:
1- التعلم عن طريق العمل : فيجب أن تكون برامج رياض الأطفال مبينة على العمل والمشروع  حيث يقود الأطفال النشاط الذاتي في حل مشكلاتهم من خلال تطبيق المشروع أو القيام بالعمل.
2- التعلم عن طريق اللعب وذلك عن طريق توفير ألعاب هادفة تقود إلى تكوين الاستعداد والمهارات والمفاهيم واكتساب الخبرات للأطفال ، حيث يتمكن الطفل من ممارسة الألعاب التي من شأنها تحقيق الأهداف التي تسعى المناهج لتحقيقها، ولتصريف الطاقة التي تتكون لديه في أثناء عملية النمو.
3- التعلم عن طريق الخبرة: وذلك ببرامج مستوحاه من خبرات الطفل الأولية وتبنى عليها الخبرات الجديدة المرتبطة بخصائص الطفل وقدراته وميوله من جهة وبطبيعة المجتمع من حوله من جهة أخرى.
 4- التعلم عن طريق الوحدات:  وذلك بوضع الخبرات التعليمية على شكل وحدات مشوقة يعيش فيها الأطفال فترة من الزمن مشاركا في جميع نشاطات الوحدة.
5- التعلم عن طريق الاستكشاف : وذلك بتهيئة البيئة السخية والمواقف التعليمية المثيرة، وتنظيم الأدوات والألعاب والأجهزة التعليمية بحيث يستطيع الطفل التعامل معها واللعب بها ثم البحث في مكنوناتها والاستكشاف بجديدها، بطريقته الخاصة دون تأثير المعلمة، وهكذا يصبح وفق هذه الطريقة هو الموجه والمنفذ في آن واحد .  
6- التعليم عن طريق الرحلات: وهذا النشاط من شأنه تزويد الأطفال بالخبرات الواردة في الخطة السنوية، وتعزيز قدرته على الملاحظة والمقارنة، فيحصل على معلومات جديدة ويتدرب على الاستماع لتعليمات القائد، ويتعود على العمل بروح الفريق، وإشغال أوقات الفراغ فيما يعود عليه بالنفع.
7- التعلم بأسلوب المحاكاة، حيث يقوم الطفل بتقليد المعلمة وزملائه فيما يقومون به من أعمال، فتنمو مهاراته ويزداد قاموسه اللغوي ، فيصبح أكثر قدرة على التعلم، وتزداد رغبته به ، ويألف الآخرين فتزداد ثقته بنفسه.
8- أسلوب الحوار والأسئلة : وهذا الأسلوب يثير انتباه الطفل للتعلم، ويحفز قدرته على التفكير ، فتزداد ثقته بنفسه وتفيد الأسئلة في فهم الطفل ، ومعرفة مدى التقدم الذي أحرزه فتعززه ، وتكشف عن مواضع الضعف لديه ، وتعمل على تخليصه منها.
9- أسلوب حل المشكلات، حيث يطلب من الطفل التعامل مع مشكلة تناسب عمره العقلي، تحت إشراف المعلم أو من خلال العمل في مجموعة.
10- طريقة التدريب الحسى : وذلك من خلال التعامل مع الأشياء وتداولها حسيا ليدرك الطفل ماهيتها مما يسهم في تنشيط عقل الطفل ووصوله للمرحلة الرمزية في التعامل مع الأشياء  بمسمياتها والنظر اليها كمثير للتعلم .
11- طريقة النشاط الذاتي : حيث يهدف النشاط لتنمية اتجاهات الطفل نحو التعلم ومساعدة الطفل لفهم ذاته من خلال  لعب الأدوار ( محاكاة الأشخاص و المواقف لتنمية مفاهيم ومهارات وقيم واتجاهات ) ، وممارسة أنشطة المسرح و الحركات الإبداعية في نشاط لمجموعات بإشراف المعلمة مستخدما كافة اشكال الفنون  ، وكذلك التعامل مع الكتب والقصص بهدف الانتقال بهم من اللغة المسموعة للمقروءة و المكتوبة لدفعهم للتعبير وزيادة محصولهم اللغوي واكتساب مهارات اللغة  وتذوقها.
وتوجد العديد من استراتيجيات التعلم الحديثة في مؤسسات الطفولة المبكرة يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال والحصر الاستراتيجيتن التاليتين :
 
1- استراتيجية الأركان التعليمية لرياض الأطفال: فالأركان التعليمية هي جزء مهم من العملية التربوية الحديثة في تربية الطفل، حيث إنها ترتكز على التعليم الذاتي للطفل بحيث يقسم الفصل إلى مجموعة أركان رئيسه يتم من خلالها توفير الخبرات والمهارات المطلوب للطفل ، ويتم ترتيب وتوزيع الأركان بحيث تتوفر فيه عوامل تسهل العملية التعليمية من ناحية الضوء والهدوء مع توافر الأنشطة على حسب عدد الأطفال المسموح فيه لدخول الركن ، والهدف من الأركان أن يواجه الأطفال المواقف الجديدة بثقة، وتنمية الضبط الذاتى والاستقلال والشعور بالمسئولية لديهم ، فهم نقاط القوة والضعف، مواجهة المشكلات وحلها، تنمية الوعى واللغة وتشجيع التعاون بين الأطفال،  ومن الأركان التي يمكن توفرها في رياض الأطفال  ركن المكتبة والمطالعة و ركن الفن و ركن الرمل والماء وركن اللعب الإيهامي والتمثيل و ركن الأسرة وركن البناء والهدم وركن الحل والتركيب وركن العلوم والاستكشاف وركن التخطيط .
 
2-استراتيجية التعليم بالقصة التعليمية: ان العناية بأدب الاطفال وقصصهم وثقافتهم يعد مؤشرا مهما لتقدم الدول ورقيها وعاملا جوهريا في بناء مستقبلها والقصة تأتي في المقام الاول من الادب المقدم للطفل فالأطفال يميلون اليها يستمتعون بها وتجذبهم ما فيها من أفكار وأخيلة وحوادث ، فإذا اضيف الى هذا كله سرد جميل وحوار ممتع كانت القصة قطعة من الفن الرفيع محببة للأطفال ، والقصة فوق ذلك ستثير اهتمامات الطفل فعن طريقها يعرف الخير والشر فينجذب الى الخير ، والقصة تزود الطفل بالمعلومات ومعرفة الصحيح من الخطأ ، وتنمي حصيلته اللغوية وتزويد قدرته على السيطرة على اللغة ، وتنمي معرفته بالماضي والحاضر وينمي لديه مهارات التذوق الادبي .والاسلوب القصصي من أفضل الوسائل التي تقدم عن طريقها ما نريد أن نقدمه للأطفال سواء أكان ذلك قيما ام معلومات كما أن قص القصص وقراءة التلميذ لها يساعد في امتلاكه لقدرات القراءة ومهاراتها ذلك أن الاسلوب القصصي يمتاز بالتشويق والخيال وربط الاحداث والمعاني التي نريد بثها في نفوس الاطفال قد تكون في قصة واقعية او خيالية أو أسطورة او لغز وفي جميع الاحوال يمكن أن يكون موضوع القصة قائم على العدل او النزاهة والاخلاقيات السليمة والمبادئ الادبية والسلوكية التي ترسخ في الطفل اهدافا نصبوا إليها .

Sebawaih2000@hotmail.fr

تعليق عبر الفيس بوك