قضاة ومحامون: قانون الجزاء العماني الجديد إضافة نوعية لمنظومة العدالة وترسيخ لحقوق وواجبات الفرد

≥ موسى الفارسي: القانون يجرم أفعال انطوت على غموض في السابق

≥ عوض العلوي: التشريع الجديد رافد مؤثر في المنظومة العدلية بالبلاد

≥ عبدالله البلوشي: مواكبة معاصرة للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية

≥ خميس العبري: المشرِّع يستهدف تنمية الثقافة القانونية لدى المواطنين والمقيمين

≥ جمال النوفلي: تكاملية مواد القانون تقطع الطريق على مستغلي "الثغرات"

 

أكد عدد من القضاة والقانونيين أن قانون الجزاء العماني الجديد يعد إضافة جديدة لحفظ الحقوق بالنسبة للمواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء، وأن المشرع حرص على أن تخرج مواد هذا القانون بالصورة المتكاملة، حتى تكون الفقرات واضحة فيما يتعلق بالعقوبات وسد الثغرات في جميع الجرائم، مشيرين إلى أن القانون الجديد وازن بين تخفيف العقوبات في بعضها وتشديدها في بعضها الآخر، إلى جانب تجريمه بعضَ الأفعال التي كان بها بعض الغموض بما يُساير مستجدات العصر وتطوراته في شتى المجالات، إلى جانب التماشي مع التطورات التي تشهدها السلطنة في شتى المجالات؛ بهدف تحقق العدالة الناجزة التي تلبي طموح القانونيين والمواطن والمقيم، وذكروا أن القانون أعطى الفرد الأمان، فلا تتم ملاحقته أو معاقبته بأهواء واجتهادات السلطات، ثم أعقبها بمادة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون، ولا يؤخذ شخص بجريمة غيره).

 

الرؤية - محمد قنات - حمد بن صالح العلوي

وقال فضيلة الشيخ القاضي موسى بن سالم الفارسي رئيس محكمة الاستئناف: حرصا من الحكومة الرشيدة بقيادة مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم رئيس المجلس الأعلى للقضاء -حفظه الله ورعاه- على مواكبة نوازل العصر من أحداث ومتغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية؛ كان إصدار قانون الجزاء العماني رقم 7/2018م رفدا جديدا للقضاء العماني، بما ينظم الحياة، ويحدد معالمها وحقوق كل فرد وما عليه من واجبات وما له من مباحات، فلا يعذر من يجهل بها حتى تستقيم الحياة، ولهذا فقد وازن القانون الجديد بين تخفيف العقوبات في بعضها وتشديدها في بعضها الآخر، كما جرم بعض الأفعال التي كانت ينطوي عليها بعض الغموض بما يساير مستجدات العصر وتطوراته في شتى المجالات.

وأوضح الشيخ القاضي عبدالله بن محمد البلوشي رئيس المحكمة الابتدائية بصور، أن القانون الجديد يواكب التطورات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وشمل جرائم وعقوبات لم تكن موجودة في ظل سريان القانون السابق. وهذا يدل على حرص مولانا لأن يوفر للفرد والمؤسسات مظلة تحميهم من الجرائم وأيضا عدم إفلات المجرم من العقاب.

وأشار عوض بن جميل العلوي رئيس قسم المتابعة بالمحكمة الابتدائية بصور، إلى أن قانون الجزاء العماني الجديد يعد رافدا مهما لإكمال منظومة العدالة في البلاد، سيما وأنه جاء ليتلافى ثغرات القانون السابق الذي وجد معه المشتغلون به صعوبات في التطبيق من ناحية قلة الردع للمجرمين، أما القانون الجديد فيعد سيفا قاطعا بتارا مسلطا على رقاب كل من سولت لهم أنفسهم عمل جريمة، ويعتبر القانون أساسا للتجريم إلى جانب القوانين الخاصة الأخرى، فنسأل الله تعالى التوفيق للقائمين على العمل به تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

وقال القانوني خميس العبري: إن القانون الجديد يُفهم من خلال نصوصه أن المشرع أراد أن يصل بالمواطنين والمقيمين إلى أن تكون لهم ثقافة قانونية؛ من خلال التعاملات اليومية، أو الآثار المترتبة على أي عقد يبرم بين أي شخص وجهة أخرى وحتى المؤسسات والشخصيات الاعتبارية في حال وجود ذمم مالية للغير من خلال العقود أو الشيكات. وأضاف أن المشرع راعى من خلال الفترة الزمنية العديد من الثغرات القانونية التي ربما كانت تؤخذ على قانون 7/74؛ فالقانون تناول جميع الوقائع التي تضمن سلامة الأفراد والممتلكات والتعاملات، واستدرك أن القانون لم يغفل موضوع جمع المال والتبرعات...وغيرها لمنع استغلال تلك الأموال في أعمال منافية للإنسانية.

من جانبه، قال جمال النوفلي قانوني ومستشار شرعي معتمد: إن المشرع حرص على أن تكون مواد هذا القانون كاملة، لا تحتاج إلى نصوص أخرى أو لوائح، ومجردة وعمومية وآمرة، مهدها بأهم قواعد القانون الجنائي التي حلت كل إشكال أو ظنون محتملة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون)، وبذلك أعطى الفرد الأمان بأنه لن تتم ملاحقته أو معاقبته بأهواء واجتهادات السلطات، ثم أعقبها بمادة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون، ولا يؤخذ شخص بجريمة غيره)، وهي تكفل للفرد إن كان متهما حقه في الدفاع والتقاضي، مع الاحتفاظ بكامل كرامته وحريته من المساس. ثم ألحقها بمادة (لا يعد الجهل بالقانون عذرا)، وهنا في هذه المادة يحفظ حق المجتمع والقضاء في توقيع العقوبة بتجرد على المجرمين، بناء على وقائع موضوعية ونصوصا صريحة بغض النظر عن علم المتهم بأحكام هذا القانون أو لا، لذلك وجب الحرص.

وتابع أن محتويات القانون مهدت بطريقة جامعة مانعة بتعريفات دقيقة للأطراف المتصلة بهذا القانون، ثم تناول المجال الذي يتناوله القانون، تقسيم الجريمة وأركانها، العقوبات وأنواعها وطرق تنفيذها وإيقافها، أما الكتاب الثاني من القانون فقد تناول الجرائم، وابتدأها بالجرائم الماسة بأمن الدولة وقد توسع فيها كثيرا وفصل ووضع عقوبات قاسية وصارمة على مرتكبيها تصل بعض منها إلى الإعدام، وهذا ضروري جدا ومهم بسبب خطورة الأثر الناتج عن هذه الجرائم والتصرفات، إلا أنه من الملاحظ تساهله في بعض الجرائم التي تستحق الإعدام إلى أحكام أخف كالسجن المطلق، كجرمية (محاولة تغيير نظام انتقال الحكم)، فهذه جريمة كبيرة تمس أمن البلاد ودستوره والسلطان، فكان جديرًا بالمشرع أن يضع الإعدام كعقوبة لها حتى يقطع الشر من أصله، ولا يدع له أي أمل في إعادة المحاولة؛ فالتساهل في هذا الجرم يضع علامة استفهام عن مدى رغبة المشرع في الحفاظ على ذات النظام.

وأشار إلى أن الباب السابع المتعلق بالجرائم المخلة بالآداب العامة، والذي تناول نصوصا أثارت ضجة في المجتمع خاصة الشباب الفتيات لما يمس فيه من سلوكيات منتشرة لديهم لم يتناولها القانون السابق صراحة؛ سواء تجريما أو غيره، وجاء هذا القانون ليضع لها عقوبات صارمة تتراوح بين الجنايات والجنح؛ الأمر الذي جعل المجتمع يستقبله بنوع من التوتر والخوف عند البعض والتقرير والتقدير من بعض وبالابتسامة والنكتة من بعض آخر، لكن القارئ لنصوص تلك المواد سيجد أنها دائما تربط بشكوى المجني عليه سواء الفتاة أو الشاب نفسه، أو الزوج أو ولي الأمر، عدا بعض الجرائم المتعلقة بالطفل أو السحاق أو اللواط، ففي هذه الجرائم يتم ملاحقة مرتكبيها دون شكوى.

أما محمد بن خميس الغنبوصي مدير أمانة سر المحكمة الابتدائية بجعلان بني بوعلي، فقال: صدر قانون الجزاء العماني الأول بالمرسوم السلطاني 7/74م، متوافقا مع ظروف تلك الفترة، ومناسبا لقضاياها وطريقة حلها ومعالجتها، ومع مرور الزمن والتقدم وظهور قضايا جديدة في حلول الطفرة التقنية والمالية والاجتماعية لم تكن حاضرة في الماضي، جاء قانون الجزاء العماني الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني 7/2018م ليواكب كل ذلك، ويتماشى مع التقدم الهائل على جميع الأصعدة، ويعالج الثغرات في القانون القديم، ويضيف مواد قانونية جديدة، ويوضح بعض الغموض في نصوص سابقة، من أجل رفع راية العدل في ربوع الوطن العظيم.

وقال خالد بن خميس النجاشي محامٍ: إن قانون الجزاء العماني من أهم القوانين في نظام العدل بالسلطنة، وكان قد مضى على القانون السابق أكثر من أربعة وأربعين عاما؛ حيث إنه كان قد صدر بتاريخ 16 فبرار عام 1974، لذلك حان الوقت للنظر في تعديله، أو إلغائه وإصدار قانون جزائي جديد يناسب التطورات التي تشهدها السلطنة في شتى المجالات، وهو ما تم بالفعل بصدور المرسوم السلطاني رقم 7 لسنة 2018 بإصدار قانون الجزاء الجديد، وأشار النجاشي إلى أن قانون الجزاء الجديد مثل جزءا من المنظومة المتكاملة للتشريعات العمانية والتي تواكب العصر؛ بهدف تحقق العدالة الناجزة التي تلبي طموح القانونيين والمواطن والمقيم، وأضاف النجاشي أن من أهم ما ورد في قانون الجزاء الجديد رقم 7 لسنة 2018 من تعديلات على قانون الجزاء القديم رقم 7 لسنة 1974 تمثل في الآتي: اشترط القانون الجديد عند تطبيق قانون الجزاء العماني على المواطن الذي ارتكب جرمه في الخارج أن يتواجد في السلطنة وأن يكون قانون البلد الذي وقعت فيه الجريمة يُعاقب عليها أيضا، وهذا لم يكن منصوصا عليه في القانون السابق، وكذلك نص القانون الجديد على مدة السجن المطلق 25 سنة وأطلق القانون الجديد مبلغ الغرامة الذي كان لا يتعدى 500 ريال، حيث ورد النص في المادة 25 بأن الجنحة تكون الغرامة فيها من 100 ريال إلى 1000 ريال، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فضلا عن ذلك استحدث القانون وصفا جديدا لفاعل الجريمة، وهو الفاعل المعنوي في المادة 37، وقد نقل القانون الجديد المحرض من كونه فاعلا في القانون الحالي إلى كونه شريكا بالتبعية في الجريمة، وفي نص المادة 38 مساهما. وحول قانون الجزاء الجديد حالة الضرورة من كونها سببا من أسباب التبرير إلى مانع من موانع المسؤولية الجزائية، كما هي الحال في التشريعات الجزائية المقارنة.

تعليق عبر الفيس بوك