ضمن أعمال مؤتمر عمان للموانئ وبمشاركة نخبة من خبراء القطاع والمسؤولين

حلقة نقاشية ساخنة تستشرف مستقبل الموانئ العمانية وتطرح الحلول الكفيلة بتجاوز التحديات ومعوقات التطوير

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

◄ الكيومي: اتفاقيات دولية تحكم حركة الملاحة.. والسلامة البحرية تتصدر أولويات "النقل والاتصالات"

◄ العبري: "مرافئ" تكشف عن خطط لإدارة موانئ وأرصفة على مستوى عالمي

◄ البلوشي: تركيز البضائع في ميناء واحد يتيح استقطاب السفن الكبيرة.. والتحويل لميناء صحار أثبت نجاحا

◄ الذيب: القطاع اللوجستي لا يزال بكرا في السلطنة وتنتظره فرص كبيرة جدا

◄ الدعوة لوضع خطط نمو متكاملة للمناطق الصناعية وتعديل البنية التشريعية المنظمة لقطاع الموانئ والنقل البحري

الرؤية- مدرين المكتومية- نجلاء عبدالعال- أحمد الجهوري- مريم البادية

تصوير/ راشد الكندي

 

شهدت الجلسة النقاشية التي عُقدت ضمن أعمال مؤتمر عُمان للموانئ، مداولات ساخنة بين المشاركين في الجلسة من جهة، وبين الحضور من الجمهور من جهة أخرى، حول مستقبل الموانئ العمانية، علاوة على طرح الحلول الكفيلة بتذليل التحديات وإزالة معوقات نمو القطاع بشكل عام.

وشارك في الجلسة الدكتور راشد بن محمد الكيومي مدير عام الشؤون البحرية بوزارة النقل والاتصالات، وفيصل بن علي البلوشي المدير التجاري للمنطقة الحرة بصحار وميناء صحار، والدكتور أحمد العبري الرئيس التنفيذي لشركة إدارة وتشغيل الموانئ "مرافئ"، والمهندس محمد بن حسن الذيب باعمر الرئيـس التنفيذي للشركة العمانية للخدمات اللوجستية المتكاملة، أدار دفة الحوار فيها عبد الله بن سالم الشعيلي رئيس تحرير جريدة عمان أوبزرفر.

 

 

ويستهل الشعيلي الجلسة بالإشارة الى التفاعل الكبير جدا من قبل المتابعين على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، حيث تم طرح العديد من الأسئلة للمشاركين في المؤتمر، ويذكر منها: لماذا تمر سفن الشحن بجانب موانئنا لترسو في موانئ أخرى؟ وكيف للشركات العالمية أن توفر الوقت والكلفة عبر استخدام موانئ السلطنة؟ وإلى أي مدى هناك تكامل بين شركات إدارة الموانئ والجهات الحكومية؟، وغيرها..

من ثم، يوجه الشعيلي سؤاله إلى المشاركين في الجلسة، فيقول: نود التعرف على دور وزارة النقل والاتصالات وتحديداً إدارة الشؤون البحرية في تسهيل عمل الموانئ؟

ويأتي الرد من الدكتور راشد الكيومي قائلاً: "قبل الحديث أؤكد أنه من دواعي السرور التواجد في هذا النقاش، والحقيقة أننا عندما نتحدث عن الدور التنظيمي والتشريعي لوزارة النقل والاتصالات فيما يتعلق بقطاع النقل البحري، فكما هو معلوم فإن 80% أو أكثر من حركة المبادلات العالمية تتم عبر طرق النقل البحرية، ونظرا لكون التجارة البحرية بطبيعتها تندرج في إطار النقل الدولي، وبالتالي فإن التشريعات الضابطة والناظمة لهذه العمليات تنبثق من الاتفاقيات الدولية وتشرف عليها المنظمة البحرية الدولية.

ويضيف الكيومي أنَّ هذه النظم تأتي أولا لتنظيم العلاقات الناتجة من عمليات النقل البحري والتجارة البحرية عموما بين جميع الأطراف، وثانيا لتحقيق مصالح هذه الأطراف، وفيما يخص دور وزارة النقل والاتصالات فهو يشمل في المقام الأول تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا المجال، والشق الأهم ليس الجانب التجاري فقط؛ لكن هناك جوانب تنظيمية أخرى تعد على درجة كبيرة من الأهمية خاصة المتعلقة بالأمن البحري والسلامة وحماية البيئة البحرية من التلوث، وهناك كثير من الاتفاقيات الدولية تأتي في صيغة اتفاقيات، وأدلة عمل، وتوصيات من المنظمة الدولية.

ويُبين الكيومي أنه على المستوى المحلي هناك قانون النقل البحري العماني وقانون تنظيم الملاحة البحرية، إضافة إلى العديد من اللوائح التنظيمية لكل جزئية من الجزئيات، والوزارة في السنوات الأخيرة، ولقد تطرق لذلك معالي الدكتور وزير النقل والاتصالات وقال إنَّ السلطنة خلال السنوات الماضية تمكنت من إيجاد بنية أساسية قوية في قطاع الموانئ، لاسيما في ظل المساحات الكبيرة للموانئ، والآن يأتي الدور على البنية الأساسية المتعلقة بالنظم والتشريعات والإجراءات، وفي هذا المجال بذلت وزارة النقل مجهودا كبيرا حيث أصدرنا العديد من اللوائح التنظيمية للقطاع بالتوازي مع الحركة التجارية، وتسهيل الإجراءات التي تخدم القطاع اللوجستي بصفة عامة وبصفة خاصة الأطراف الفاعلة في عملية النقل البحري ومنها مجموعة أسياد.

ويعود عبد الله الشعيلي للحديث ويقول: من الأطراف الفاعلة في القطاع والحديثة "مجموعة أسياد"، والتي انبثقت عنها مؤخرًا شركة "مرافئ" كشركة متخصصة في أعمال الموانئ، لذا أطلب من الدكتور أحمد العبري أن يُلقي المزيد من الضوء على الشركة الوليدة ودورها والهدف من إنشائها وخططها المستقبلية، خاصة وأن الكثير من الناس يودون التعرف على هذه التفاصيل.

وينتقل الحديث إلى الدكتور أحمد العبري فيقول: شركة "مرافئ" لتشغيل وإدارة الموانئ جاءت كخطوة في طريق تطبيق الاستراتيجية اللوجستية للسلطنة، والشركة تمثل ذراعا وطنيا لتشغيل أرصفة وموانئ السلطنة، والهدف الأسمى من إنشائها يتمثل في إدارة وتشغيل أرصفة وموانئ خارج البلد إقليميًا ودولياً... لكن البدايات ستكون تشغيل الشركة لموانئ وأرصفة داخل بعض الموانئ الكبيرة في السلطنة. ويوضح العبري أيضًا أن الشركة وُضع لها 4 خطوات رئيسية؛ حيث بدأت بميناء السلطان قابوس، وهو ميناء عريق نستعد لأن نقوم بأعمال تعيد إليه بريقه، وقريبا ستبدأ النتائج بالظهور حيث كانت البدايات موفقة، وقريبا سيعلن عن تشغيل ميناء جديد.

ويزيد العبري قائلاً إن مرافئ شركة تجارية، مع الوضع في الاعتبار أنها شركة وطنية، لكن الجانب التجاري لا يتجزأ من عملها، وتستهدف تحقيق عوائد جيدة، لذلك فإن مرافئ في أي ميناء تنطلق فيه أو تتحمل مسؤولية جزء تستهدف تحقيق أرباح وبناء سمعة عالمية.

ويستطرد بالقول: الحكومة ضخت ملايين الريالات في بعض الموانئ، ومرافئ لن تبدأ من الصفر، وهناك موانئ تسمح أحجامها وبنيتها الأساسية بالتحول من نشاط الصيد إلى النشاط التجاري، بما يسمح بتخفيف الضغط على بعض الموانئ الأخرى، ومرافئ ستكون جاهزة لاقتناص الفرص التجارية إذا وجدت في هذه الموانئ، علاوة على البحث عن فرص دولية وإقليمية، وهذا هو الأساس الاستثماري لمرافئ، لذلك فإن الاستثمار في مرافئ، مملوك بنسبة 51% لصندوق الاحتياط العام للدولة، و49% لمجموعة أسياد، والهدف بالفعل يتمثل في التحرك في نطاق إقليمي أو دولي، وهو لا يتعارض مع سعي الشركة في نفس الوقت لتحريك المياه في مياه الموانئ المحلية العمانية.

ميناء صحار

وحول ميناء صحار يتداخل فيصل البلوشي في النقاش قائلاً: تأسس ميناء صحار على أساس أنه كيان صناعي ولوجستي، وكانت هناك خطة عمل موضوعة ودراسة جدوى، لكن خلال السنوات الأولى لتطوير المشروع، تبين أن سرعة التطور كانت أكبر بكثير من المتوقع، الأمر الذي استدعى صياغة إستراتيجية للتعامل مع معطيات الوقت في تلك الفترة الزمنية، وإعادة التخطيط، والنظر في كيفية تفعيل دور الميناء بشكل أكبر، ومن ثم تم إنشاء المصافي والصناعات العملاقة من الحديد والبتروكيماويات، علاوة على إنشاء محطات مستقلة من طراز عالمي خاصة المتعلقة بالحاويات والمصافي والبتروكيماويات، واعتبرت كوسيلة لجذب نوع معين من الصادرات والواردات وتفعيل النشاط الصناعي بشكل جيد. ويضيف أن النشاط اللوجستي المصاحب كان لابد له من تهيئة البيئة المناسبة له، وهذه البيئة المناسبة تتمثل في تسهيلات وتتمثل أيضاً في سلاسة ومرونة إدارة العمليات اللوجستية، وبالتالي كان من الملائم إعداد مناخ استثماري يواكب نمو ميناء صحار الصناعي ويكون مكملا للمشروع ومساندا من الدرجة الأولى. ويبين أنه من هذه النقطة انطلقت الفكرة بأهمية إنشاء منطقة حرة في صحار تركز على الصناعات التحويلية، من خلال توفير مواد خام في الميناء بهدف تحويلها إلى صناعات أخرى في المنطقة الحرة، بجانب توفير الدعم اللوجستي في المنطقة الحرة، من خلال شركات الشحن والمناولة والتفريغ وإدارة اللوجستيات. ويتساءل البلوشي عن الأسباب التي تعزز دور المنطقة الحرة؟ ويجيب بأن تميز المنطقة يتمثل في الحوافز التي تقدمها، إذ إنها منطقة معفاة من الضريبة الجمركية ومعفاة من ضريبة الدخل، إضافة إلى أن قوانينها الاستثمارية تتسم بالسهولة والتيسير، وعليه فإن جذب الشركات العاملة في القطاعات اللوجستية والصناعية والأعمال التكميلية، تسارعت خطاه بصورة أكبر، مقارنة بوجود ميناء فقط، لأن الميناء لا يُعد منطقة حرة.

ويمضي البلوشي قائلاً إن من الأهمية بمكان إنشاء ميناء مع ربط بري مباشر بدول الجوار، في ظل سوق خليجية كبيرة، وكلما كان هناك مدخل إلى السوق الخليجية ومنصات للوصول، زادت تنافسية الميناء. ويضرب البلوشي مثالاً على ذلك بولاية صحار والتي تقع في موقع مميز جدا بحكم وجود ميناء عالمي ووجود ربط بري مباشر، يصل إلى أسواق الإمارات ومن الإمارات الى باقي دول مجلس التعاون الخيلجي، علاوة على تدشين طريق بري مباشر مع المملكة العربية السعودية قريبًا.

ويزيد البلوشي متحدثا عن تنافسية صحار، فيقول: مطار صحار بدأ يعمل بكفاءة، صحيح أنه في المرحلة الأولى وهو مطار للركاب، في حين أن الفكرة الأساسية من الميناء أن يخصص للشحن الجوي، لأن وجود ميناء ومطار وربط بري وأيضا قطار في منطقة واحدة لا تتعدى مساحتها 25 كيلومترا، مؤشر مميز للغاية، ويعكس توافر منظومة متكاملة تساهم في عملية التنمية ودعم الاستثمارات.

ويوجه الشعيلي سؤالا حول الفرص الاستثمارية المتاحة في السلطنة، والتي لم يتم بعد استغلالها في الجانب اللوجستي، ويجيب عليه المهندس حسن الذيب ويبدأ بتوجيه الشكر إلى جريدة الرؤية على تنظيم المؤتمر الذي أكد أنه مبادرة قيمة ومهمة. ويقول: إنه بالنسبة للقطاع اللوجستي، فإنه يعد صناعة، وصناعة الخدمات اللوجستية تكمن في إدارة المواد، سواء كانت هذه المواد صناعية أو خدمية أو معلوماتية أو طاقة أو خدمات بشرية، علاوة على إدارتها ونقلها من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك. ويبين الذيب أن أي تجارة في الوقت الحالي عالمية كانت أو محلية لا تستطيع أن تنجح إلا بدعم لوجستي، ويضرب مثلاً على ذلك بالقول إن المشاركين في هذا المؤتمر وقبل دخولهم القاعة، كان ثمَّة عمل لوجستي يحدث حتى تم تجهيز هذه القاعة بما هي عليه خلال انعقاد الحدث، فالخدمات اللوجستية اليوم تشمل كل ما يدور سواء داخل الموانئ أو في المطارات أو على الطرق أو في البحر من نقل وحتى في الجو، فاليوم أصبح العمل اللوجستي كبيرا جدا ويتطور بشكل واضح وهائل، ومنها خدمات النقل البري والجوي والبحري والتخزين وما يرافق التخزين أيضا من تغليف وتفريغ وشحن وتوزيع.

ويضيف الذيب: أعتقد أن القطاع اللوجستي لا يزال بكرا في السلطنة والفرص أمامه كبيرة جدا، هذا بجانب الاهتمام الواضح من الحكومة بالقطاع، كما إن الأعمدة التي تعتمد عليها الحكومة في تنويع مصادر الدخل تمنحه فرصا سانحة للنمو. ويضرب مثالا على ذلك، بالقول إن عمان بفضل موقعها الإستراتيجي وتوفر البنية الأساسية الجيدة من موانئ ومطارات وغيرها، مؤهله لأن تقوم بدور كبير جدا في أن تتحول إلى مركز لوجستي عالمي، ومركز لإعادة الصادرات، لكن هذا لن يتأتى إلا بوجود استثمارات جيدة من قبل الشركات اللوجستية، والشركات اللوجستية التي تعتمد في نموها أساسا على النمو الاقتصادي للبلد، وكلما نما الاقتصاد كثرت المشاريع، وكلما تنوعت المشاريع الإنتاجية تأتي الشركات اللوجستية لتقديم خدماتها لهذه المشاريع، ودليل ذلك أن الشركات اللوجستية كانت ولا تزال تنتظر نمو الحركة في منطقة الدقم للتنافس.

ويمضي قائلا إن الفرص المهمة في المستقبل تتمثل في أن تتبوأ عمان مكانة جيدة، لاسيما في قطاع السيارات على سبيل المثال، إذ لدينا شركات عملاقة في استيراد وإعادة تصدير السيارات ولو أعطيت هذه الشركات الدعم المطلوب وتم إقناع الشركات الصانعة بأن تتخذ عمان مركزا لتجميع السيارات وبعد ذلك تصديرها كما هو حاصل الآن، فمن شأن ذلك أن يحقق طفرة صناعية كبيرة، وهو ما سينشط الحركة الاقتصادية وسيطرح فرصا وظيفية عديدة جدًا.

ويذهب مدير الجلسة إلى تساؤلات المغردين عبر موقع تويتر، فيطرح سؤالا على الدكتور أحمد العبري يقول فيه: مع دعم التجارة والصناعة في السلطنة عن طريق تطوير الموانئ، هل هناك مقومات لوجستية وموانئ خاصة باليخوت والسفن التجارية العملاقة؟

ويجيب العبري قائلاً: فكرة إنشاء مارينا لا علاقة لها باليخوت، والسؤال فيه التباس، لكن معظم أنشطة الشركة ستركز على المجال السياحي، وحاليا الكثير من السفن العالمية وخطوط السياحة العالمية تزيد من أعداد السفن في منطقة المحيط الهندي، والتي تعد حاليا من أبرز المناطق التي تركز عليها الشركات العالمية، لكن سيتم وضع مثل هذه الأفكار ضمن خطط مرافئ بما يدعم القطاع السياحي.

ويطرح الشعيلي سؤالا آخر عبر تويتر فيقول نقلا عن أحد المغردين: لماذا تمر سفن الشحن بجانب موانئنا وتذهب إلى موانئ أخرى؟ هل السبب في لوجستيات الموانئ أم السوق. أم أن السوق لا يستوعب؟ أم أن هنالك آلية لإعادة التصدير غير متوافرة لدينا؟

وردا على ذلك، يجيب فيصل البلوشي قائلا إن جهات الشحن وحركات البضائع تحددها عوامل العرض والطلب وتحددها أيضا عوامل السوق، فدائما مراكز التوزيع تستحوذ على الشريحة الكبرى من حجم الاستيراد والتصدير، وبالمقارنة مع الفترة الماضية فإن حجم مناولة الحاويات على سبيل المثال في موانئ عمان كان محدودا جدا، لا يتعدى النصف مليون حاوية مقسمة على ميناء صحار وميناء السلطان قابوس، ولكن بعد تحويل ميناء السلطان قابوس إلى ميناء سياحي، ونقل الأنشطة التجارية الى ميناء صحار، أصبح هناك زيادة أكبر من هذا الحجم بكثير، حيث تجاوزنا حاجز 650 ألف حاوية، وتجاوزنا 700 ألف حاوية، ومن المتوقع زيادة أكبر خلال العام الجاري، وبالتالي فنحن الآن نسير على الطريق الصحيح. ويزيد قائلاً إن تركيز البضائع في مكان واحد يعطي السفن الكبيرة فرصة أكبر لتقوم باتصال مباشر مع موانئنا، وأؤكد أن هناك تغيرا في الخارطة اللوجستية، لكنه تدريجي، وملامسة النتائج تحتاج إلى قليل من الوقت والصبر.

وحول أبرز التحديات التي تواجه قطاع اللوجستيات، يؤكد المشاركون أن على رأسها افتقاد وجود الكفاءات الوطنية المؤهلة لإدارة القطاع سواء كان ذلك على مستوى الإدارة أو مستوى الوظائف المتوسطة وكذلك وبصفة خاصة على مستوى العاملين الفنيين، وهذا يمكن إرجاعه إلى حداثة القطاع كاهتمام متكامل؛ حيث إنه قبل عشر سنوات لم يكن تعبير "القطاع اللوجستي" بمفهومه الحقيقي موجودا، كما إن شركات النقل البحري كانت تواجه الكثير من التحديات ومن أبرزها قدرتها على الالتزام بنسب التعمين المفروضة عليها، وعدم تحقيق الشركات للنسبة المطلوبة يوقعها ضمن قائمة الشركات المحظورة، وهي معادلة أوضح المشاركون أهمية حلها وفي منظوري يجب أن تصل نسبة التعمين في هذا القطاع إلى 50% أجد أنها نسبة مناسبة جدًا، وبإذن الله ترتفع النسبة مع وجود خريجين مع وجود كليات في السلطنة اهتمت بهذا التخصص.

كما يؤكد المشاركون أن هذا القطاع من أبرز القطاعات التي توفر الوظائف؛ حيث يضم اليوم تقريبا 70 ألف عامل، ومن المتوقع أن يوفر 20 ألف وظيفة جديدة بحلول عام 2020.

تطوير القطاع البحري

وحول جهود الحكومة لتطوير القطاع البحري، يقول الدكتور راشد الكيومي إن هناك جهودا حكومية كبيرة؛ حيث تم إنشاء مركز الأمن البحري بمشاركة جميع الجهات برئاسة البحرية السلطانية العمانية ووزارة النقل والاتصالات وسلاح الجو السلطاني العماني، وتم من خلال هذا المشروع شراء طائرات استطلاع بحري، بجانب تأسيس إدارات أمن الموانئ تتبع شرطة خفر السواحل، ومن هذا المنطلق أصبحت الموانئ مجهزة بزوارق لمراقبة المياه الإقليمية لمسافة 12 ميلا، وما بعد ذلك يقع تحت مسؤولية البحرية السلطانية العمانية، وفي حقيقة الأمر أن هذا الموضوع يتجاوز كذلك الجهود المحلية ويتوسع إلى الجهود الإقليمية من خلال جهود وزارة النقل والاتصالات ووزارة الخارجية، حيث كانت منطقة بحر عمان مصنفة من قبل جهات دولية على أنها من المناطق عالية الخطورة، لكن من خلال الإحصائيات والجهود تمكنا من إقناع المجتمع الدولي بتغيير وإزالة هذا التصنيف لبحر عمان، والآن الجهود منصبة في اتجاه بحر العرب، وذلك نتيجة بعض الحالات التي وقعت مؤخرا، والتي صنفت على أنها من المناطق عالية الخطورة أيضا، غير أن الجهود مستمرة لتغيير التصنيف أيضًا ولو لجزء بسيط في البحر وتحديدا في نطاق ميناء صلالة وميناء الدقم، كما إن التنسيق قائم مع الدول المجاورة ومثل هذه الأمور لا تعد شأنا داخليا وإنما تخضع لمعايير دولية.

المنافسة الإقليمية

وفي مداخلة من الحضور، يتساءل البعض عن تأخر الموانئ العمانية مقابل نشاط موانئ دبي، وميناء جوادر الصيني – الباكستاني، وميناء جابهار الإيراني، حتى أصبح مجموعة المحيط الهندي وخليج عمان عبارة عن مجموعة من الموانئ المتنافسة، مما يدفع للتساؤل عن موقعنا من خريطة التنافس هذه في ظل وجود هذه الموانئ والمعولين عليها الشيء الكثير؟

ويقول د. راشد الكيومي: تعمل السلطنة حالياً وفق التطورات التي تحدث في المنطق على أن تكون قلب الحدث وليست في موضع الترقب وإنما تسعى أن تكون فاعلة وبقوة من خلال الإستراتيجية اللوجستية للسلطنة وهي إستراتيجية طموحة جدا ومن خلال برامج تنفيذ تم إعداد مجموعات عمل لكل جزئية من الجزئيات التي تخدم القطاع اللوجستي بما في ذلك الموانئ، حيث هناك مجموعة لتسريع الأداء ومجموعة لتسهيل التجارة ومجموعة مرتبطة بالأنظمة الحاسوبية، وكما قال مدير عام الجمارك فإن هناك حزمة كبيرة من الإجراءات المتخذة، والعمل على تكامل قطاع الموانئ مع القطاعات الأخرى ومنها الطرق.

ويتساءل أحد الحضور قائلاً: السلطنة كانت من أوائل الدول التي آمنت بالعلاقات الإستراتيجية وهذا واضح من خلال وجود شركاء استراتيجيين بجميع موانئنا ولو نظرنا إلى ميناء صحار سنجد شريكنا ميناء روتردام الهولندي وهو أحد أكبر الموانئ في أوروبا وأعرقها وأكثرها خبرة، وفي صلالة شراكة مع شركة ميرسك لاين وهي من أكبر خطوط الشحن العالمية وفي الدقم شراكة ميناء أنتويرب البلجيكي، وهذا يدل على أن الحكومة لم تأل جهدا في إيجاد شراكات استراتيجية للاستفادة من الخبرة والوصول الى تلك الأسواق، كما أن المنافسة سوف تبقى. ويضيف: عالم الموانئ وعالم اللوجستيات متحرك وديناميكي بدرجة عالية ونتفق جميعا على وجود المنافسة وقد تكون صعبة وقد يكون لها تأثير سلبي، ولكن في كل الأحوال يجب على جميع الموانئ والمناطق الاقتصادية أن تكون لها خطط إستراتيجية للتعامل مع هذه المنافسة، وهناك اتفاقيات دولية والسلطنة طرف بها مع عدة دول مختلفة تسهل عبور البضائع كممرات دولية والسلطنة جزء في أكثر من اتفاقية وبإذن الله سوف تساهم في القدرة التنافسية للموانئ العمانية.

لكن المهندس محمد الذيب يعارض وجهة النظر هذه من ناحية اختلاف بعض الاتفاقيات الإستراتيجية عن الاتفاقيات الخاصة بإدارة الموانئ، حيث إن الموانئ العمانية سُلمت إلى شركات وكانت قيمتها المضافة محدودة جدا إلى هذه الموانئ. ويناشد الذيب بضرورة مراجعة بعض هذه الشراكات الاقتصادية حتى تحقق الهدف المنشود منها. وبهذا الصدد يقول فيصل البلوشي إن ظروف السوق هي التي تحكم هذه الشراكات، وبعض هذه الشراكات الاقتصادية تكون دوافعها جيوسياسية، لذا فدعمها لتطوير منطقة أو أخرى يعتمد على عوامل سياسية أكثر منها اقتصادية.

ويؤكد المهندس محمد الذيب أن بعض الشركات لم يستفد منها الوطن، وما تزال عمان تستورد بعض السلع التي تصل نسبتها إلى 80% من بعض المناطق الخارجية، لذا يجب أن تكون أهداف المستثمرين الجدد منصبة في خدمة البلد.

وفي ختام الجلسة تطرق المشاركون إلى بعض التوصيات لتطوير الموانئ والقطاع اللوجستي مثل: مشاركة القطاع الخاص مع الحكومة وتكاتف الجميع لتسهيل العمليات اللوجستية للمساهمة في الناتج المحلي بشكل أكبر، وإتاحة الفرص للكوادر العمانية من خلال التأهيل والتدريب في هذا القطاع، بالإضافة إلى الاهتمام بالخدمات التكميلية وأخيرا التسويق للبلد بين الدول الأخرى.

تعليق عبر الفيس بوك