الإدارة بالحب

فايزة الكلبانية

ما أحوجنا اليوم إلى "الإدارة بالحب"، فكثيرا ما يتردد الحديث في المجالس والنقاشات بين الموظفين حول "الانتماء والإخلاص في العمل"، قد تتباين وجهات النظر بين مؤيد ومعارض لهذه الثقافة، التي تنغرس في ضمائرنا وقلوبنا تلقائياً نتيجة الشعور بالارتياح والحب أو العكس في الشعور بعدم الرضا بين الفرد ومكان عمله وزملائه وإدارة العمل، وما قد تقدمه له مؤسسته من أسباب تشعره بالرضا الوظيفي أو عدمه، وقلة أو كثرة الدوران الوظيفي للفرد مقياساً للانتماء، وهذا يمثله تلك الفئة التي تبقى على رأس عملها لسنوات وقد تمتد إلى سن التقاعد تارة نتيجة للشعور بالانتماء وحب بيئة العمل التي تربط بين الموظف ومكان عمله.

في عالمنا اليوم كثير من الشباب يعملون على المقارنة بين الموظفين بالقطاع الخاص وأشقائهم العاملين بالقطاع الحكومي، معددين الامتيازات التي يحظى بها كل قطاع، ولكن اليوم أيقنت بأنَّنا قادرون على التغلب على مقاييس التفاضل إن وجد ما يسمى بـ"الإدارة بالحب"، فما أحوجنا اليوم إلى أن ندير مؤسساتنا بغرس ثقافة الحب، والبعد عن التحاسد فيما بيننا، عملنا كثيرا لغرس ثقافة "روح الفريق" وجميع المؤسسات تعمل على غرس هذه الثقافة من منطلق أن اليد "الواحدة لاتصفق"، ولكننا كلما حققنا إنجازا أكبر كلما ضاقت فجوة الحب وروح الفريق وكأننا نسعى لمحاربة النجاح بين بعضنا، متناسين هدفنا من هذا العمل الدؤوب وتحقيق النجاح بيننا، وهنا يجب على الإدارة العليا بأي مؤسسة حكومية أو خاصة أو عائلية أو غيرها أن تبني قواعد الانتماء وأسسه وتوفر جو العمل المناسب الذي يساعد في خلق الانتماء وتضع السياسات الكفيلة بتطوير الكفاءات وتشجيعها بكل الطرق المادية والمعنوية والحفاظ عليها كأصل من أصول المؤسسة التي لايمكن الاستغناء عنها، بحيث يكون كل فرد قائد في مملكة الحب التي تجمعه بأقرانه.

بالفعل إن الانتماء إلى العمل والإخلاص والإبداع فيه ليس كلمة تقال وإنما هو فعل وتطبيق يساهم في دفع عجلة النجاح لتصل المؤسسة وأفرادها معاً إلى مراتب التميز والنجاح والربحية في عالم الأعمال، الانتماء والولاء يتطلب تنافسية وتحديات لقهر الصعاب وفريق عمل قادر على تحمل ضغوطات الحياة للانتصار وصناعة الإنجازات من رحم التحديات، وفي المقابل هذا النجاح الذي يصنعه هذا الفريق يتطلب بدوره تقديرًا من المؤسسة للجهود التي يبذلها هؤلاء الجنود الصامدون الباحثون عن النجاح فيتذوقوا نصرهم بأي شكل من أشكال التحفيز وقد تكون الكلمة الطيبة دافعًا لهم للمزيد من العطاء، ولصناعة النجاح لابد أن تعمل كل مؤسسة على تدريب وتأهيل كوادرها وصقل مهاراتهم بالشكل التي تراه مناسبًا لوضعهم، فالشعور بالانتماء من الموظف تجاه مؤسسته يتطلب منه المزيد من الأداء والإنتاجية والعطاء والعمل بفاعلية مهما تطلب من وقت بعيدًا عن ما يسمى ساعات العمل المعتمدة طالما تطلب الأمر التضحية ونحن قادرون، وفي المقابل يطالب الموظف مؤسسته بتقدير جهوده وتضحياته التي لطالما بذلها لأجل عمله ومتطلباته، وتجاوز البيروقراطية، وأن تسعى المؤسسة لتحفيز هذا الموظف المتميز بأي نوع من أنواع التحفيز التي تجعله يشعر بأن ما يقوم به محط اهتمام وتقدير لنتمكن من تجاوز الوظيفة إلى المهنة.

الحقيقة الأكيدة من واقع العمل الذي نعايشه اليوم أنّ شعور الانتماء من الموظف لمؤسسته يعني نجاحا مؤكدا للمؤسسة والعاملين على المدى الطويل لأنَّ الوصول لمرحلة خلق الانتماء يعني في الحقيقة اتباع الإدارة لسياسة المكسب لكل الأطراف أي للمؤسسة والعاملين ويعني أيضًا أن كل الجهود تسير في إتجاه واحد وهو طريق النجاح، ولابد أن يتذوق الجميع حلاوة النجاح ليشعر بالانتماء والقابلية للعطاء ليحقق نجاحا أكبر ولا يكون تذوق مكافأة النجاح من نصيب جزء من الفريق على حساب الجزء الآخر الذي غالبًا ما يكون هو الأحق بالمكافأة بشهادة الجميع، فــ "البيروقراطية" أوجدت لتنظيم العمل وخاصة الجزء الإداري منه ولم توجد للعمل على مضاعفة التعقيد والمشاحنات والبطء في إنجاز المعاملات لتعمل كسبب رئيسي لتعثر العديد من المشاريع نتيجة للإفراط في قوانينها ومتطلباتها المفروضة على الأفراد.

faiza@alroya.info