كتاب جديد للغيلاني وسليمان

"استراتيجية أمن الطاقة وأسعار النفط" يوصي بالمحافظة على المصالح الاقتصادية للأجيال المقبلة

مسقط - الرؤية

ركز الباحثان الدكتور جمعة بن صالح الغيلاني الرئيس التنفيذي لكلية مزون والدكتور جمال داود سليمان على محور "استراتيجية أمن الطاقة وأسعار النفط" في كتابهما الذي يستعرض بحثاً حول قضايا النفط وما يشكله من أهمية لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يعد النفط عصب السياسة الدولية ومحرك عجلة الاقتصاد العالمي وشريانه الحيوي، وقد شهدت أسعاره موجات من الارتفاع والانخفاض أنعكست إيجابيا على البلدان المنتجة وسلبا على الدول المستهلكة والعكس بالعكس.

وقد اختلف العلماء والمفكرون في تفسير وتحليل أسباب ذلك وآثارها وتداعياتها على مختلف الأنشطة الاقتصادية. حاولنا في الفصل الأول من هذا الكتاب،  إلقاء الضوء على إستراتيجية أمن الطاقة من حيث مفهومه، مصادره المتعلقة بالمصادر التقليدية للطاقة (النفط، الفحم الحجري، الغاز الطبيعي، الطاقة المائية، الطاقة النووية)،  والمصادر الجديدة للطاقة (النفط الصخري، الوقود الحيوي، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح) . أما الفصل الثاني فقد خصص لتناول إنتاج الطاقة  وخاصة إنتاج النفط  على مستوى العالم مع التركيز على دول مجلس التعاون الخليجي . وجاء الفصل الثالث ليوضح استهلاك النفط العالمي وحجم الاستهلاك النفطي والتركيز على أسباب انخفاض مستوى الاستهلاك .

وفي حين خصص الفصل الرابع لأسعار النفط، أسباب تذبذبه وعدم استقراره، وماهي التغيرات في مكونات دالتي العرض والطلب، وماهي أبرز السيناريوهات التي اعتمدتها دول مجلس التعاون الخليجي للتعامل مع انخفاض أسعار النفط، وماهي الآثار الناجمة عن انخفاض الأسعار والنتائج المتوقعة لهبوط الأسعار على الدول الخليجية .أما الفصل الخامس فقد خصص لتوضيح أزمة الطاقة في دول المجلس الخليجي، ثم ركز الفصل السادس لوضع تصورات عن الآفاق والرؤى المستقبلية (استشراف المستقبل) . ثم جاء الفصل السابع من الكتاب ليركز على جملة من النتائج التي توصل إليها الباحثان .

واتسم التناول بالعمق  في التحليل الاقتصادي ليتوصل إلى حقيقة مفادها ضرورة أن تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بإعادة النظر، ووضع إستراتيجية شاملة ترتكز على مراعاة مصالح الأجيال المقبلة، والمحافظة على موارد الطاقة وأمنها، من أجل تغيير المسار الحالي نحو تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على مصدر آيل للنضوب من أجل مستقبل واعد للتنمية المستدامة.

ويعد النفط عصب السياسة الدولية ومحرك عجلة الاقتصاد العالمي وشريانه الحيوي وشكّل الصراع على ممرّات الطاقة ومعابرها، أحد الأوجه الخفيّة للصراعات الجديدة في شرق أوروبا، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان أحد أسباب التململ الصيني والعودة الروسيّة إلى حلبات هذه الصراعات، تحت مسمّيات ومبرّرات أمنيّة، بينها غايات اقتصاديّة تتمثّل بالمحافظة على مستوى التأثير الحالي في هذه السوق الحيويّة، أو تأمين تدفّق النفط بما يتوافق مع المصالح الخاصة بكلّ منهما.

وتطرح التطوّرات المذكورة أعلاه تساؤلات عديدة حول ماهيّة التغّيرات المرتقبة في مصادر الطاقة، وأثرها على الروابط الجيوسياسية المرتبطة بشبكات المصالح الاقتصاديّة، ذات العلاقة بمنابع النفط وممرّاته. كما تحيط الضبابية بالمدى المؤثر على طبيعة التحالفات القائمة ومتانتها، مراكز التأثير الإقليميّة والدوليّة وعلى استقرار بعض الدول أو الأقاليم، سلبًا أو إيجابًا.

وقد شهدت أسعارالنفط موجة من الارتفاع والانخفاض  منذ أمد بعيد وبلوغه معدلات عالية وأرقاما قياسية انعكس تاثيره إيجابيا على اقتصاديات الدول المنتجة وسلبيا على الدول المستهلكة ووَلد قلقا واضطرابا في أوساط الدول المستهلكة وجرت محاولات من قبل مجموعة الدول المنتجة (أوبك) لكبح جماح هذا الارتفاع غير الطبيعي بتخفيض الإنتاج ولكن المحاولات لم تسفر عن نتائج ذات جدوى.

واختلف خبراء الاقتصاد والمال في تفسير وتحليل أسباب زيادة الطلب وارتفاع سعره ومن ثم هبوطه، في وقت كانت أسواق أوربا وأمريكا تعاني من حالة ركود وانكماش بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والأجور والخدمات ومشاكل تتعلق بالتصريف والتسويق والنقل والتأمين وكان لدى الولايات المتحدة الأمريكية خزين هائل من النفط قامت ببيعه في أثناء قمة صعود أسعار النفط وتزامن هذا الارتفاع غير الطبيعي في أسعار الطاقة (النفط ومشتقاته) مع حصول تذبذب في أسعار العملات العالمية وانخفاض قيمة الدولار إلى مستوى متدنٍ مقارنة بأسعار العملات العالمية الأخرى كاليورو والين الياباني اللذين واصلا تذبذبهما وأعقب هذين الحدثين أي ارتفاع أسعار النفط وانخفاض قيمة الدولار هبوط تدريجي في أسعار النفط وانهيار البورصات وسوق المال العالمي وحدوث ما يعرف بالأزمة المالية العالمية لازالت آثارها وتداعياتها السلبية تنعكس على مختلف الأنشطة الاقتصادية وهناك محاولات مختلفة جارية لمعالجة نتائجها.

 

وتلقي الدراسة الضوء على إستراتيجة أمن الطاقة مع التركيز على دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب القيام بتحليل  التقلبات في أسعار النفط وانعكاسات ذلك على الدول المنتجة والمستهلكة وآثار ذلك على نموها الاقتصادي ثم نعرج على الآفاق والرؤى المستقبلية وتحديد أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، حيث كانت الطاقة وما زالت هي إحدى أهم المحركات الرئيسية لاقتصاديات الدول في العالم أجمع، ورغم تنوع مصادر الطاقة وتعددها، إلا أن مصادر الطاقة الهيدروكربونية (النفط والغاز) لم تزل تحتل موقع الصدارة في سوق الطاقة العالمي، والتي تنتج دول الشرق الأوسط منها حالياً ما يزيد على (%40) من مجمل الإنتاج العالمي، وتمتلك ما يزيد عن (%60) من إجمالي الاحتياطيات العالمية، وهو الذي جعل هذه المنطقة من العالم محط أنظار الدول الصناعية الكبرى، ومحور اهتمامها.

 

 

د. جمال سلمان

د. جمعة الغيلاني

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك